قمع حسب الخصوم

قمع حسب الخصوم

قمع حسب الخصوم

 العرب اليوم -

قمع حسب الخصوم

بقلم : عمرو الشوبكي

ربما يكون ما جرى فى تركيا مؤخراً كاشفاً لحجم الإنحيازات العميقة الموجودة داخل قطاع يعتد به من النخبة المصرية، فموقف الإخوان من القمع وإقصاء الخصوم والتنكيل بهم لا يختلف كثيراً عن موقف بعض معارضيهم الذين قبلوا انتهاك القانون طالما الخصم إخوانى أو ناشط سياسى أو ثورى، فكلاهما قبل القمع طالما يمس خصومه، فى حين بقى هناك قطاع واسع من التيار المدنى رفض القمع وانتهاك القانون ضد الجميع، بصرف النظر عن خصومته للإخوان.

فى تركيا مارس أردوغان أكبر عملية إقصاء وفصل من الوظائف العامة تحت حجة التطهير، واتخاذ إجراءات احترازية لعدم تكرار تجربة الانقلاب الفاشل، وهى مسألة قد تكون مفهومة فيما يتعلق بالجيش، ولكن ما علاقة فصل 15 ألف موظف يعملون بالتعليم و2700 قاض بالانقلاب حتى يتم فصلهم من عملهم؟ صحيح هم معارضون لأردوغان، وقد يكونون فرحوا بالانقلاب، ولكنهم لم يحملوا السلاح ولم يحرضوا على العنف، ومع ذلك أغمض الإخوان أعينهم عن انتهاكات أردوغان حتى أصبح القمع والطوارئ مقبولا فى تركيا، وغير مقبول فى أماكن أخرى.

رفض القمع والإقصاء وانتهاك القانون يجب أن يكون واحدا، فلا تشمل فقط إخوانى ورفاقى وتتوقف عندهم، فى حين يغمض عينيه حين تطال خصومه ومنافسيه.

فى مصر هناك من لم يتكلم سهواً أو خطأً مرة واحدة فى حياته عن شهداء الجيش والشرطة من ضحايا العنف والإرهاب، وهناك من لم يترك فرصة واحدة إلا وعبر عن فرحة فى مصائب خصومه ومنافسيه.

كيف تنتقد الانتهاكات على سطر وتترك آخرى.. كيف ترفضها حين تمسك وتغمض عينيك بل وأحياناً تفرح بها إذا مست خصومك؟

الحقيقة أن مصر انقسمت بين أغلبية مؤيدة لثورة 30 يونيو وأقلية معارضة، وبين الأغلبية هناك المطبّلون والمحرضون والشامتون، ولكن هناك كثيراً من المؤيدين يرفضون أن تنتهك كرامة أى إنسان خارج إطار القانون، ويعتبرون أن القسوة والصرامة تكون فقط ضد الإرهابيين والمحرضين على الإرهاب، أما الأقلية الإخوانية المعارضة فقد قسمت العالم إلى فسطاطين، من هم مع الجماعة فهؤلاء هم الملائكة الأطهار، ومن هم ضدها فهؤلاء الشياطين الأشرار.

هذا الانقسام المجتمعى حتى لو كان بين أغلبية وأقلية جعلنا نرى العالم بعيون قاصرة، فلأننا ضد أردوغان وسياساته نسينا أنه أنجز فى السنين العشر الأولى من حكمه إنجازات اقتصادية وسياسية مهمة قبل أن تصيبه غواية السلطة ويتحول إلى نموذج لحاكم استبدادى عرفته معظم البلاد العربية، أما مؤيدو أردوجان فبرروا له كل شىء حتى الجرائم طالما هو مؤيد لهم ولجماعتهم.

البعض فى مصر اعتبر أن تدخل الجيش مشروع فى كل زمان ومكان طالما كان من فى الحكم خصمه، تماماً مثلما فعل مؤيدو أردوغان والمدافعون عنه نكاية فى وطنهم حين تجاهلوا كل القمع الذى يمارسه واعتبروا بقاءه 14 عاما فى السلطة أمراً طبيعياً، وأن تغييره للدستور لكى يصبح مجموع ما سيقضيه فى السلطة 22 عاما أمر ديمقراطى محمود لا يستحق حتى «همسة عتاب».

لن تتقدم مصر إلا حين تمتلك مسطرة واحدة تُطبق على الجميع، ففرق كبير بين أن تتمنى أن يفشل خصومك فى السياسة أو الانتخابات، وبين أن تقبل بالتنكيل بهم، لأنهم خصومك ومنافسوك، فهذا يعنى أننا مازلنا بعيدين عن قيم المجتمعات الديمقراطية الحديثة ولن نتقدم إلا إذا عرفنا الحد الأدنى من احترام مبادئ دولة القانون التى لا تميز بين الجميع.

arabstoday

GMT 03:03 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

انتخابات حاسمة

GMT 23:16 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

الفكرة المغروسة

GMT 00:36 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

«آيديولوجيا» التضامن الإنساني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمع حسب الخصوم قمع حسب الخصوم



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 23:10 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

داليا البحيري تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - داليا البحيري تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 18:39 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

دواء للاكتئاب يقلل احتمالات زيادة الوزن

GMT 18:00 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تشيلسي يعلن رسميًا ضم مارك جويو مهاجم برشلونة

GMT 21:12 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

مطبات جوية شديدة تصيب 30 راكباً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab