أيام مغربية 23

أيام مغربية 2-3

أيام مغربية 2-3

 العرب اليوم -

أيام مغربية 23

بقلم : عمرو الشوبكي

يذكرنى المغرب بما كتبته منذ حوالى 8 سنوات عن النموذج البريطانى حين وصفته بـ«بريق الهدوء»، فهو نموذج سياسى وحضارى مستقر، والملكية فيه ضاربة فى جذور التاريخ منذ قرون طويلة، وعرفت تراكما تاريخيا جعل البلد نموذجا للاستقرار فى المنطقة، لا تتوقع منه تغييرات فجائية أو ثورية، إنما هو دائما يُحدث تغييرات إصلاحية.

وقد بدأ المغرب فى إحداث إصلاحات حقيقية فى عهد الملك الحالى، محمد السادس، بتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، فى 7 يناير 2004، كأداة فعالة للبحث عن الحقيقة فى ملفات انتهاكات حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا من خلال «جبر الضرر» ورد الاعتبار لهم. واعتبرت الدولة المغربية هذه الهيئة جهازا ذا اختصاصات غير قضائية فى مجال تسوية ملفات ماضى الانتهاكات لحقوق الإنسان، بحيث تقتصر مهمتها على البحث عن الحقيقة وتقييم الضرر.

وأعطت الحكومة المغربية الحق للهيئة لعمل جلسات استماع فى مختلف مدن المملكة، وأعطت فرصة للأشخاص ضحايا الانتهاكات للتعبير بصفة شخصية ومباشرة على شاشة التليفزيون عما تعرضوا له من تنكيل وتعذيب وإهدار للكرامة وما تعرض له ذووهم من أضرار جسيمة مادية ومعنوية.

والحقيقة أن تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة جاء فى عهد الملك الجديد، محمد السادس، نجل الملك السابق، الحسن الثانى، الذى ارتُكب فى عهده كثير من الانتهاكات، وهو يعنى قدرة النظام السياسى المغربى على إصلاح نفسه من داخله، ولو جزئيا، وبناء نموذج سياسى قابل للتطور.

والمفارقة أن المغرب الملكى المحافظ شكل هيئة الإنصاف والمصالحة، فى حين أن مصر الجمهورية التى شهدت ثورتين فى 5 أعوام لم تفتح ملف الماضى، ولو بمنطق جبر الضرر، فى مفارقة تبدو لافتة.

وتكررت فكرة المراجعة والإصلاح من داخل النظام، بعد تجارب الثورات العربية، فأقدم المغرب على وضع دستور جديد للبلاد، واستبق ما جرى بإصلاحات، ولو محسوبة من داخله، وأعطى مزيدا من الصلاحيات للبرلمان فى تشكيل الحكومة مقارنة بصلاحيات الملك السابقة، بل إن المفارقة أن انقسامات الأحزاب وخلافتها فيما بينها جعلت بعضها يطالب بتقليص الصلاحيات المعطاة للبرلمان فى اختيار الحكومة، خوفا من أن يسيطر حزب أو تيار منافس على البرلمان، فاختاروا إعطاء صلاحيات للملك، كان على استعداد للتنازل عنها، وفق المثل العربى: «مَلَكى أكثر من الملك».

يقينا المغرب بلد به مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة، وبه فقر وتفاوت طبقى، ويتشابه مع مصر فى ظروفه الاقتصادية، ولكن مع فارق رئيسى أنه تغير وتقدم للأمام فى السنوات العشر الأخيرة وبصورة ملحوظة، فأنفق على التعليم 6% من ناتجه القومى (مازلنا نحاول أن نصل إلى 4% وفق النص الدستورى)، كما تحول إلى بلد جاذب للاستثمار والصناعات المتوسطة والسياحة بصورة أكبر بكثير من مصر.

قد تكون إمكانيات مصر الكامنة أكبر من المغرب، وهو أمر بالمناسبة يسعد معظم المغاربة، فهو شعب لديه ثقة فى نفسه وفى تاريخه وليس لديه أى عقد فى التعامل مع مصر، كما أن وجود السلطة الملكية أو الوسيط المدنى، ولو فى صورته الملكية بين أجهزة الدولة وبين الشعب، جعل المغرب يقفز خطوات كبيرة للأمام، ويقدم نموذجا تتعايش فيه التيارات السياسية بصورة أكبر من أى بلد عربى آخر.. وهذا سيكون حديثنا الأخير غدا إن شاء الله.

arabstoday

GMT 03:03 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

انتخابات حاسمة

GMT 23:16 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

الفكرة المغروسة

GMT 00:36 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

«آيديولوجيا» التضامن الإنساني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيام مغربية 23 أيام مغربية 23



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 23:10 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

داليا البحيري تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - داليا البحيري تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 18:39 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

دواء للاكتئاب يقلل احتمالات زيادة الوزن

GMT 18:00 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تشيلسي يعلن رسميًا ضم مارك جويو مهاجم برشلونة

GMT 21:12 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

مطبات جوية شديدة تصيب 30 راكباً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab