روسيا وقواعد اللعبة الجديدة في سوريا

روسيا... وقواعد اللعبة الجديدة في سوريا

روسيا... وقواعد اللعبة الجديدة في سوريا

 العرب اليوم -

روسيا وقواعد اللعبة الجديدة في سوريا

بقلم - خير الله خير الله

كانت الصيغة المستخدمة في وسائل الاعلام الروسية الرسمية ان الرئيس فلاديمير بوتين "يأمر" بالتفاوض مع سوريا في شأن تسليم الجيش الروسي منشآت ومناطق بحرية إضافية، صيغة معبّرة الى ابعد حدود. كانت معبّرة عن واقع سوري جديد يرفض كثيرون في المنطقة، على رأسهم ايران وادواتها اخذ العلم به. يسعى هؤلاء الى الهرب من هذا الواقع!

يتمثّل هذا الواقع الجديد في وجود اتفاقات، او على الاصحّ تفاهمات، محدّدة تجعل من روسيا وصيّا على سوريا التي عرفناها او على ما بقي منها. قررت روسيا توسيع مناطق سيطرتها المباشرة في الأراضي السورية. سيكون لها ذلك. لن تترك روسيا أي مجال لوجود إيراني على طول الشاطئ السوري وذلك بغية تأكيد انّ هناك من يسيطر على سوريا وعلى كيفية تحديد دورها في المنطقة بعيدا عن الطموحات الإيرانية.

يبدو واضحا انّ هناك نوعا من التفاهم الروسي – الأميركي في شأن سوريا. هناك، إضافة الى ذلك، مباركة أميركية لتفاهم روسي – تركي – إسرائيلي على مستقبل سوريا. يقوم هذا التفاهم على ان الوضع السوري لا يمكن ان يستمر كما كان عليه وان لا مكان لإيران في سوريا. اذا كان هدف ايران دعم النظام الاقلّوي الذي يرمز اليه بشّار الأسد، فانّ كلّ ما يمكن قوله الآن ان هذا النظام انفجر من داخل بدليل الانقسام بين فرعي العائلة، أي بين آل الأسد وآل مخلوف في ظلّ الخلاف القائم على استحواذ آل الأسد كل الأموال التي يمتلكها رامي مخلوف. يصعب تقدير الحجم الفعلي لهذه الأموال كما يصعب تحديد من سيخرج منتصرا، علما ان الكفّة تميل الى انتصار آل الأسد، فيما لا يمكن تجاهل ان لآل مخلوف وضعا مميّزا بين العلويين إضافة الى انّ رامي مخلوف استطاع إيجاد واجهات كثيرة تؤمن له حماية أمواله الموزّعة بين الخليج ودول أوروبية إضافة الى روسيا وبعض الدول الدائرة في فلكها.

في كلّ الأحوال، لم يعد مفرّ من النظر الى مستقبل سوريا من زاوية مختلفة هي زاوية التفاهم الروسي – الاسرائيلي – التركي الذي تباركه اميركا. تعود المباركة الأميركية الى أسباب عدّة من بينها ان إدارة ترامب مهتمة اكثر من أي وقت بمشاكل داخلية أميركية في سنة انتخابية. الادارة مهتمّة ايضا بوباء كورونا وتأثيره على الاقتصاد وبالنتائج التي ستترتّب على الاضطرابات التي تلت مقتل مواطن اسود في مينيابوليس كبرى مدن ولاية مينيسوتا.

هذا لا يعني في طبيعة الحال انّ اميركا ستكون بعيدة عن الملفّ السوري الذي تعتبره جزءا لا يتجزّأ من الملف الإيراني. الدليل على مدى هذا الاهتمام الأميركي دخول "قانون قيصر" مرحلة اصبح فيها نافذا. القانون في غاية القساوة ويفرض عقوبات على النظام السوري وعلى كلّ من يتعاطى معه. لا شكّ ان على روسيا ان تأخذ هذا الامر في الاعتبار نظرا ان الهدف الأساسي لـ"قانون قيصر" الحلول مكان قرارات مجلس الامن التابع للأمم المتحدة حيث استطاعت روسيا والصين حماية النظام السوري طويلا عبر "الفيتو". عطلت روسيا والصين بفضل استخدام "الفيتو" مشاريع قرارات عدّة طرحت على التصويت في الماضي.

من راهن على الوقت في سوريا، كان إسرائيل. كذلك فعلت تركيا التي فوتت كلّ الفرص التي اتيحت لها من اجل التدخل بطريقة تسمح لها بلعب دور إيجابي يحمي المواطنين السوريين. في مرحلة بداية الثورة السورية، تميّز الدور التركي بالسلبية. صحيح ان تركيا استقبلت مئات آلاف السوريين الهاربين من النظام وبطشه، لكنّ الصحيح أيضا انّه مثلها مثل إسرائيل، راهنت على الاهتراء السوري وعلى الوصول الى السنة 2021.

في منتصف 2021، سيجد بشّار الاسد صعوبة، حتّى في استخدام التزوير، كي يحصل على ولاية رئاسية جديدة. هذا على الاقلّ ما تؤكده التطورات التي تشهدها سوريا حيث ازمة اقتصادية حقيقية. جعلت الازمة "حزب الله" ينتقل من مرحلة السعي الى انقاذ النظام عسكريا الى مرحلة انقاذ الاقتصاد السوري حتّى لو كان ذلك على حساب لبنان!

في انتظار منتصف 2021، تحاول روسيا تجميع اكبر عدد من الأوراق كي تكون في موقع صاحب القرار السوري. عندئذ، سيكتشف بشّار الأسد انّه صار عاريا وان ايران المفلسة لن تستطيع إنقاذه مجددا. في المقابل، سيطالب الرئيس بوتين بثمن الاستثمار الكبير الذي وظفته روسيا في سوريا، خصوصا منذ أيلول – سبتمبر 2015 عندما أرسلت طائراتها الى قاعدة حميميم لمنع اجتياح المعارضة للساحل السوري والسيطرة عليه...

باختصار شديد، هناك لعبة جديدة في سوريا في ظلّ احتلال تركي لشريط حدودي في الشمال السوري ووضع يد إسرائيلية على الجولان المحتل منذ حزيران – يونيو 1967... أي منذ 53 عاما!

الى أي حدّ سيصل التفاهم الأميركي – الروسي في شأن سوريا؟ هذا هو السؤال الكبير في ظلّ "قانون قيصر" الذي ستكون لديه مفاعيل رهيبة ليس في الداخل السوري فحسب، بل على كلّ من يريد العاطي مع النظام السوري ايضا، بما في ذلك الشركات الروسية والصينية والأوروبية.

ليس صدفة ان يكون الرئيس الروسي "امر" الجهات المعنية في بلده بالتفاوض من اجل توسيع الوجود الروسي في سوريا قبل ايّام قليلة من دخول "قانون قيصر" حيّز التنفيذ. ليس صدفة أيضا ان يكون ذلك جاء في ظلّ تفاهم مع تركيا وإسرائيل ومباركة أميركية وفي وقت لم تعد ايران قادرة سوى على الاستعراضات غير المجدية من نوع ارسال وقود ايراني في خمس ناقلات الى فنزويلا التي تمتلك احد اكبر احتياطات النفط في العالم.

تغيّرت قواعد اللعبة في سوريا بعدما فوّت النظام كلّ الفرص التي اتيحت له من اجل إعادة تأهيل نفسه. توفي حافظ الأسد، مؤسس النظام السوري الحالي قبل عشرين عاما (يوم 10 حزيران – يونيو 2000). تدفع سوريا اليوم ثمن عجز بشّار الأسد عن إقامة علاقات عربية ودولية تخدم سوريا. فضّل ان تكون سوريا في الحضن الإيراني. ما نشهده اليوم تتويج لسلسلة من الإخفاقات جعلت قوى مختلفة، على رأسها روسيا، تفكّر في كيفية السيطرة على جزء من سوريا بعدما تأكّد ان الاحتلالين الإسرائيلي والتركي لن يزولا غدا او بعد غد.

arabstoday

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

«رؤية 2030»: قارب النجاة في عالم مضطرب

GMT 02:32 2024 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

GMT 00:43 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الخسارة في السفارة وفي النظرية

GMT 01:41 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

«داعش» ليس أداة استخباراتية

GMT 01:44 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الدولة اجتماعية ولو بمقدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا وقواعد اللعبة الجديدة في سوريا روسيا وقواعد اللعبة الجديدة في سوريا



نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 13:53 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حزب الله نفذ 8 عمليات ضد إسرائيل خلال 24 ساعة

GMT 16:41 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

وفاة معلّق رياضي خليجي شهير بعد معاناة مع المرض

GMT 14:37 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 02:41 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

موجة حر غير مسبوقة تضرب أجزاء من آسيا

GMT 00:09 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حريق داخل مطعم في بيروت يقتل 8 أشخاص

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حزب الله يعلن تدمير آلية عسكرية إسرائيلية

GMT 02:31 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

سيول شديدة ورعد وبرق تضرب سانت كاترين

GMT 13:56 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

قصف إسرائيلي عنيف يستهدف حي الزيتون في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab