بقلم - مشعل السديري
أتمنّى أن يزيل الله الغمّة عن الأمّة قبل دخول شهر رمضان، ولكن حتى في أسوأ التوقعات، فعلينا أن نواجه الواقع بعقلانية.
وهذا هو رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف المصرية ينصح قائلاً:
من أراد أن يصوم رمضان ويصلي التراويح فعليه التزام المنزل هذه الفترة، واتباع الإجراءات الاحترازية التي تقرها وزارة الصحة، مضيفاً أن صيام رمضان وفتح المساجد والصلاة جميعها أمور صحية وليست دينية في ظل هذه الأزمة الحالية.
وكلام ذلك المسؤول منطقي، وهو ذكّرني بكتاب المقريزي عندما ذكر فيه داء (الطاعون) الذي داهم مصر قبل 700 عام، وجاء فيه عن حالة مدينة القاهرة في ذلك الوقت:
علت الأتربة الطرقات وتنكرت وجوه الناس، وامتلأت الأماكن بالصياح، فلا تجد بيتاً إلا وفيه صيحة، ولا تمرّ بشارع إلا وفيه عدة أموات، وصارت النعوش لكثرتها تصطدم والأموات تختلط، وبلغ عدد الأموات في يوم واحد عشرين ألفاً، وأحصيت الجنائز بالقاهرة فقط في شهري شعبان ورمضان بتسعمائة ألف.
كان المماليك هم من يحكمون مصر في تلك الفترة الكئيبة، وبدلاً من أن يواجهوا الوباء الذي أصاب الأمة وينظموا حياة الناس حتى لا يتفشى الطاعون، اختار حكام المماليك وأتباعهم الهروب من المسؤولية، فهرب بعضهم بقيادة السلطان الناصر محمد بن قلاوون من القاهرة إلى القرى الخالية من الطاعون شمال المدينة، والبعض الآخر قرر الاعتصام بالقلعة ظناً منهم أنها ستعصمهم وتمنعهم من الاختلاط بالناس، ومع ذلك وصل إليهم الوباء وقضى على نصف من كان في القلعة تقريباً - انتهى.
أما السيدة التي انطبق عليها هذا المثل – مع شديد احترامي لها: (الناس بالناس والعنز بالنفاس)، فهي سيدة اتصلت بالبرنامج الصباحي بإذاعة «روتانا»، وتقول إنها زوجة ثانية، وتقيم في عمان، وإن زوجها ذهب لبيته الأول في مادبا، إلا إن قرار منع التجول حال دون عودته إليها مرة أخرى.
وأضافت أن زوجها يريد أن يأتي إليها إلا إنه لم يتمكن من ذلك بسبب قرار الحظر، مناشدة ألا يتم تطبيق منع التجول على الحالات الإنسانية مثل حالتها – انتهى.
من المعروف أن هناك عدداً لا بأس به من الرجال، يتزوجون مثنى وثلاث؛ بل ورباع، وأغلبهم يضعون كل زوجة في بيت أو شقة مستقلة، فتخيلوا لو أن المسؤولين سمحوا لكل زوج منهم بالحق في التنقل في الحارات لتحقيق العدل في المبيت بين زوجاته، فكيف تكون حالة الشوارع جراء حماسة هؤلاء الأزواج ولهفتهم؟!