ليست نكتة سياسية في تل أبيب

ليست نكتة سياسية في تل أبيب

ليست نكتة سياسية في تل أبيب

 العرب اليوم -

ليست نكتة سياسية في تل أبيب

بقلم - سليمان جودة

لم تشتهر لجنة في إسرائيل كما اشتهرت لجنة أغرانات التي حملت اسم القاضي الإسرائيلي شمعون أغرانات، والتي حققت في أسباب الهزيمة الإسرائيلية الثقيلة في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

وقد وقف أمامها القادة العسكريون الكبار في ذلك الوقت، من موشي ديان، وزير الدفاع، إلى ديڤيد اليعازر، رئيس الأركان، إلى إيلي زعيرا، مدير المخابرات الحربية، وجميعهم قطعوا بأن خطأً مخابراتياً قد وقع، وأن زعيرا يتحمل المسئولية، ولكنه من ناحيته حاول التملص وقال إنه حذر وأنذر، وإن القيادة نظرت إلى تحذيره وإنذاره كما نظر أهل زرقاء اليمامة إلى ما كانت تحذر منه وتقوله في زمانها.

ولا شيء يخشاه بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة في تل أبيب، قدر ما يخشى أن يجد نفسه أمام لجنة تشبه لجنة أغرانات، التي سيكون عليها أن ترسله على ما يبدو إلى ما عاش يهرب منه منذ أن شكّل حكومته الحالية آخر السنة الماضية.

لقد عاش يخشى الذهاب إلى السجن، وكان يرى في بقائه على رأس الحكومة مظلة تحميه من هذا الذهاب، ولم يترك المتظاهرون في تل أبيب مناسبة إلا وحاولوا إرساله إلى حيث يخشى، ولكنه كان يفلت وينجو في كل مرة.

ولا أحد يعرف ما اسم اللجنة الجديدة، ولكن ما نفهمه مما نتابعه أنها تشكلت بالفعل، وأنها بدأت في ممارسة مهمتها، وأنها ماضية إلى غايتها، وأنه لا شيء يمنعها من استدعاء نتنياهو أمامها باعتباره الرأس الكبيرة، إلا الحرب المستمرة على قطاع غزة.

وربما لهذا السبب يحاول من جانبه أن يطيل أمد الحرب على القطاع، ولو استطاع أن يطيله عاماً أو أكثر فسوف يفعل، لأن توقف أصوات المدافع سوف يُخلي الساحة أمام أصوات أخرى هي أصوات التحقيق في أسباب الهزيمة، التي يتطلع إليها الرأي العام في الدولة العبرية، بوصفها هزيمة أكبر مما لحق بالدولة في حرب 1973.

ويتطلع إليها الرأي العام هناك على هذا النحو، لأن هزيمة 1973 كانت على يد جيش كبير هو الجيش المصري، ومعه الجيش السوري على الجبهة الشمالية الشرقية، أما هزيمة 2023 فهي على يد كتائب وفصائل، لا على يد جيش نظامي بما يمكن أن يبررها أمام الإسرائيليين.

ومما يقال على سبيل النكتة السياسية اللاذعة، إن الاتحاد السوفياتي اخترع أيام الزعيم بريجنيف جهازاً يقرأ المستقبل السياسي بين الدول، وإن بريجنيف طلب منه قراءة مستقبل العلاقة بين بلاده والصين، وإن الجهاز رد بعبارة من خمس كلمات تقول: الحدود الصينية - الفنلندية هادئة تماماً!

وقد أصيب الزعيم السوفياتي بالفزع حين قرأ العبارة، وكان السبب أنه لا حدود أصلاً بين الصين وفنلندا، وأنه لا معنى لوجود حدود صينية - فنلندية مشتركة، سوى أن الصين قد اجتاحت أرض الاتحاد بالكامل.

وقد بقيت تلك النكتة السياسية من بعدها ممتلئة بالمعاني، وكانت ولا تزال إشارة إلى ما يمكن أن تكون عليه النكتة من هذه النوعية من أبعاد سياسية، ثم كانت إشارة إلى أن كلمات قليلة تستطيع أن تحمل بين طيات حروفها، ما لا تستطيع عشرات الصفحات أن تحمله أو تقوله.

فإذا شئنا أن نغادر عالم النكتة إلى دنيا الواقع، فسوف يتبين لنا أن ما كان على الحدود المصرية - الإسرائيلية صباح يوم 6 أكتوبر 1973، لم يختلف كثيراً عما أفاد به الجهاز السوفياتي عندما جاءته دعوة لقراءة مستقبل السوفيات مع الصينيين. وفي مذكرات الحرب التي صدرت لقادة كثيرين بعد 1973 نعرف أن ديان زار الجبهة، وأن زيارته كانت في صباح اليوم نفسه الذي نشبت فيه الحرب، وأن الحرب اندلعت بعد الزيارة بساعات معدودة على أصابع اليد الواحدة، وأن نشوبها في الثانية وخمس دقائق ظُهراً على وجه الدقة والتحديد.

وحين وجد نفسه على الجبهة مضى يتفقد الضفة الشرقية للقناة، وكان يتطلع بجهاز في يده إلى الصفة الغربية حيث كان يرابط الجيش المصري، وكانت الجبهة الأخرى تبدو أمامه هادئة تماماً، وكأنه كان يتطلع بجهاز السوفيات ذاته لا من خلال جهاز حقيقي في يده.

ولكن الفارق طبعاً أن جهاز السوفيات كان من خيال، أما جهاز ديان فكان من لحم ودم، وكان يرى ما أمامه بالفعل ولا يتخيله.

ومن الجائز أن يكون الإسرائيليون على الحدود مع غزة، قد راحوا يتطلعون إلى حدودها معهم طوال الفترة السابقة على هجوم السابع من أكتوبر الحالي، وأنه لا شيء غير مألوف قد استوقفهم، ولو استوقفهم شيء خارج عن المألوف، ما كان الهجوم قد أصاب أهدافه بهذه السهولة، وما كانت الدولة العبرية قد اهتزت عن كاملها كما اهتزت للهجوم الذي فاجأها في لحظة.

وعندما نقلت وكالات الأنباء صوراً لنتنياهو، وهو يتجول بين جنوده على الحدود نفسها بعد الهجوم، بدا أن تجواله كان بعد فوات الأوان، وأنه تجوال لن يعفيه من المسؤولية عما وقع، وأن ما عاش يتقيه طوال الشهور العشرة يجده أمامه، وأنه إذا ذهب إلى السجن لأسباب تتصل بتقصيره في مسؤوليته عن صد الهجوم، فسوف يذهب ولسان حاله يقول إن الأسباب في الذهاب تختلف، ولكن السجن في النهاية هو سجن واحد.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليست نكتة سياسية في تل أبيب ليست نكتة سياسية في تل أبيب



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية
 العرب اليوم - التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab