بقلم:عمرو الشوبكي
حين تتزايد حدة المعارك بين المتحاربين فإن ذلك يكون علامة على قرب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا ما شهدناه على مدار اليوم والأمس بين إسرائيل وحزب الله حين استهدفت دولة الاحتلال الضاحية والجنوب اللبنانى كما هو معتاد، ولكنها قامت باستهداف وسط بيروت، وقتلت عشرات اللبنانيين معظمهم من المدنيين، وهو ما دفع حزب الله إلى الرد بقوة بإطلاق ٣٤٠ صاروخًا بعضها وصل إلى تل أبيب وحيفا، واستهدف أكثر من موقع عسكرى، وأصاب حوالى ٢٠ إسرائيليًّا بعضهم حالتهم خطرة.
بجانب مشهد تصعيد المواجهات العسكرية، هناك مشهد آخر يتمثل فى الرحلات المكوكية بين بيروت وتل أبيب للمبعوث الأمريكى «هوكاشتين»، الذى قال إن هناك اتفاقًا على ٨٠٪ من بنود الاتفاق، وجارٍ «سد الثغرات» فيما تبقى، بما يعنى أن هناك فرصًا حقيقية للوصول إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار.
والحقيقة أن وقف النار فى لبنان سيفتح الباب أمام مناقشة مستقبل سلاح حزب الله، الذى تطالب إسرائيل بنزعه أو تسليمه إلى الجيش اللبنانى. صحيح أن هذا الأمر سيكون محل نقاش لبنانى وإقليمى، ولا أعتقد أنه سيصل إلى نزع كامل لسلاح الحزب إنما لجانب منه، وتحييد قدراته العسكرية بعدم استخدامها تحت أى ظرف فى الداخل اللبنانى ولو كورقة ضغط على الأطراف السياسية الأخرى، وانسحاب عناصره إلى شمال الليطانى وانتشار الجيش اللبنانى فى الجنوب ودعمه بالعتاد والسلاح.
وجود حزب الله كقوة عسكرية دفاعية ومحدودة تساند الجيش اللبنانى أمر وارد بشرط ألا تكون امتدادًا للحسابات الإيرانية، وألا تربط حسابات الواقع اللبنانى بحسابات إقليمية أخرى.
صحيح أن صيغة حزب الله الدفاعية لن يقبلها كثير من اللبنانيين، وسيعتبرون أنها خطوة مرحلية سيوظفها الحزب لاحقًا لصالح عودته بالصيغة القديمة، كما فعل بعد مواجهات ٢٠٠٦ حين قبل بوقف إطلاق النار، ثم عاد بصورة أقوى من السابق.
ورغم أهمية هذا التيار فإنه علينا أن نأخذ بعين الاعتبار المطامع الإسرائيلية فى لبنان وجرائمها فى غزة وعجز الضغوط السلمية العربية واللبنانية عن وقف الحرب، وأنه صار من الصعب تجاهل أهمية وجود قوة ردع مقاومة يقودها الجيش اللبنانى بصيغة جديدة وتكون محل توافق لبنانى.
لا يمكن فصل تنامى دور حزب الله وحركة حماس وباقى الفاعلين من خارج الدولة عن فشل قرارات الشرعية الدولية فى وقف العدوان الإسرائيلى فى أى مكان بالعالم العربى، ولذا فإن المطلوب حاليًا وقف كامل لإطلاق النار فى لبنان ثم غزة والاستفادة من قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه السابق فى إعادة الاعتبار إلى المعركة المدنية والقانونية التى تخوضها دول وقوى عالمية كثيرة فى مواجهة إسرائيل، وأن حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة سيُضعف من تأثر البدائل المسلحة والعسكرية.