كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

 العرب اليوم -

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني

بقلم: عثمان ميرغني

يأمل المرء في ألا يتحول مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية المقرر عقده يومي السبت والأحد المقبلين بدعوة من الخارجية المصرية، إلى مجرد مناسبة لالتقاط الصور، وإصدار بيانات وتصريحات لا تفضي إلى شيء، ولا تحرك جهود حل الأزمة السودانية خطوة إلى الأمام. المؤتمر سينجح في حالة واحدة وهي أن يتفق السودانيون أنفسهم على البحث بجدية عن الوفاق الشامل، ويوجهوا جهودهم وطاقاتهم نحو الخطوات المؤدية إلى ذلك. من دون ذلك سينفضّ مثل غيره من الاجتماعات التي عقدت بين الأطراف السودانية منذ اندلاع الحرب، وسنبقى ندور في حلقة مفرغة بينما الحرب تتمدد، والمخاطر تتزايد على البلد.

المساعي لمفاوضات بين الأطراف العسكرية متوقفة ولا أمل في استئنافها قريباً على الرغم من الدعوة الصادرة من الاتحاد الأفريقي. صحيح أن هناك أطرافاً مدنية تعول على الوساطة الأفريقية، لكن الواقع يوحي بأنه لا أمل حقيقياً في نجاحها بسبب التوتر الذي يسود علاقات الحكومة السودانية بعدد من الدول المتصدية لهذه الوساطة. فهناك اتهامات صريحة لعدد من دول الجوار الأفريقي بالانحياز لقوات الدعم السريع وتسهيل وصول إمدادات السلاح وقوافل المرتزقة إليها. وفي تصريحاته أول من أمس خلال مخاطبته للقوات في مدينة أم درمان وضع الفريق عبد الفتاح البرهان حداً لأي كلام عن احتمال مشاركته في اجتماع مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) تجاوباً مع ما دعا إليه الاتحاد الأفريقي، إذ قال إنهم لن يتفاوضوا مع قوات الدعم السريع في الوقت الذي تهاجم فيه الحاميات والمدن، وتحتل بيوت المواطنين، وتنهب ممتلكاتهم، وتشردهم، بل أضاف أنهم لن يتفاوضوا «مع أي شخص يدعم هذا العدو».

هل يعني ذلك أن كل السبل مغلقة أمام إمكانية إنهاء الحرب؟

ذكرت في مقال الأسبوع الماضي أن المدخل لإنهاء الحرب ليس بالضرورة في المفاوضات بين الجيش والدعم السريع، بل في مفاوضات شاملة واتفاق بين القوى السياسية والمدنية. فالحرب وإن اندلعت بين حملة السلاح، لكن من بين أهم الأسباب التي ساهمت فيها وقادت إليها انغماس القوى السياسية والمدنية في صراع عدمي إقصائي، شحن الأجواء وهيّأ لاشتعالها.

المشكلة أن الذين يتصدرون المشهد السياسي لم يتعلموا من التجربة المريرة التي أدخلت البلد في هذه الكارثة، بل مضوا في الطريق نفسه، وبقي الخطاب الإقصائي هو الأعلى. فبعض الناس أعماهم تماماً عداؤهم للكيزان حتى لم يعودوا يرون هذه الحرب إلا من منظور تدمير الكيزان وإقصائهم ولو كان الثمن تدمير الوطن. السودان يحتاج في هذا الوقت العصيب إلى رؤية جديدة، ومعالجات جريئة تنطلق من حقيقة أنه انتقل إلى فترة مختلفة عنوانها الحرب وليس الثورة التي وئدت للأسف وتجاوزتها التطورات الراهنة التي أصبحت هي هم الناس وشاغلهم، وبات كل تفكيرهم ينحصر في كيفية الخروج من هذه المحنة، واستعادة حياتهم، وإنقاذ البلد مما يحيط به من مخاطر.

الذين يصرون على المضي في الطريق الإقصائي يساهمون في الواقع في إطالة أمد الحرب، ولا يريدون أن يروا استحالة تطبيق مفهوم استئصال قوة سياسية من المشهد السوداني بقرار سياسي أو قانوني حتى، سواء كانوا الإسلاميين أم غيرهم. حظر حزب المؤتمر الوطني، سيكون في نهاية المطاف خطوة رمزية لعدة أسباب؛ أولها أنه يمكنهم العودة عبر لافتات وأسماء وتنظيمات جديدة. ثانياً أن المؤتمر الوطني كان لافتة عريضة جمعت تحتها إسلاميين وغير إسلاميين، ونظامهم انخرط فيه كثيرون، منهم من أصبح اليوم في عضوية تنسيقية القوى المدنية (تقدم)، بل إن قيادات الجيش والدعم السريع الذين يريدون التفاوض معها لإنهاء الحرب كانت في عضويته (المؤتمر الوطني). ثالثاً أن الإقصاء يجب أن يُترك للشعب؛ يقصي من يشاء عبر صناديق الانتخابات.

ما يحتاج إليه السودان اليوم ليس استمرار الصراعات العدمية، بل الانفتاح على وفاق شامل، ومن أجل ذلك تحتاج كل الأطراف إلى مراجعة جادة لمواقفها من أجل إنقاذ الوطن. الإسلاميون يحتاجون إليها من أجل الإقرار بأخطاء جسيمة ارتكبت منذ انقلابهم على الحكم المدني الديمقراطي عام 1989 والقبول بمبدأ محاسبة من ارتكبوا جرائم مدانة بالقانون. والقوى السياسية والمدنية الأخرى تحتاج إليها لكي تغادر محطة الإقصاء وتنفتح على فكرة التوافق على حوار شامل يفضي إلى مشروع وطني متفق عليه من الجميع ينقذ البلد من الكارثة الراهنة ويعيده إلى مسار الانتقال السلمي الديمقراطي. ومهما بدت فكرة الحوار الشامل صادمة للبعض فإنها تبقى الخطوة الشجاعة التي سبقنا إليها آخرون سواء في جنوب أفريقيا أو رواندا، مع اختلاف الظروف بالطبع، وهي إن تحققت فستكون المدخل الذي سيقود إلى إنهاء الحرب.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

GMT 06:08 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

الحل في ليبيا بإخلائها من الميليشيات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab