ومَنْ دفعهم للسفر

ومَنْ دفعهم للسفر

ومَنْ دفعهم للسفر

 العرب اليوم -

ومَنْ دفعهم للسفر

بقلم : عمرو الشوبكي

قصة الأطفال المسيحيين الأربعة الذين حصلوا على لجوء سياسى إلى سويسرا مؤلمة إنسانياً ووطنياً، فالمؤكد أن أى مواطن مصرى طبيعى كان يتمنى ألا يذهبوا كلاجئين سياسيين خارج الحدود، وقبلها كان يتمنى أن يغير النص القانونى الذى سمح بإصدار حكم عليهم بالحبس وهم فى هذه السن المبكرة من عمرهم.

حين كتبت فى شهر مارس الماضى عن «أطفال ازدراء الأديان» كان لدى أمل فى عفو رئاسى أو تغيير النص القانونى بصورة تحول دون حبس أطفال لم تتجاوز أعمار أكبرهم 13 عاماً، نتيجة شريط مسرب من داخل منزل أحدهم، وفيه تمثيل لصلاة المسلمين ودعاء بالانتقام من السفهاء ومصافحتهم لبعضهم البعض بطريقة فيها نوع من السخرية والاستهزاء (المرفوضين) من شعائر المسلمين.

والرد يجب أن يكون من جنس الفعل، أى النصح والتوجيه من قبل الأهل ورجال الدين بأن قضية احترام عقائد الآخرين هى من صلب قضية المواطنة، وأنه ليس مطلوباً أن يحب المسيحيون عقائد المسلمين ولا العكس، إنما المطلوب احترامها وعدم الاستهزاء بها، لأنهما شركاء فى وطن واحد.

نعم أخطأ هؤلاء الصبية، وهناك نقص فى التربية وفى غرس مسألة احترام عقائد الآخر فى صفوف الصغار، مسلمين ومسيحيين، ولكنهم لم يجرموا مثلما يفعل آخرون رأيناهم يحرضون علناً على العنف وتكفير المسيحيين، وأهانوا عقائد المخالفين لهم دينيا وسبوهم، وتركتهم الدولة دون حساب.

والمدهش أن هؤلاء الصبية قاموا بمزاحهم السخيف داخل بيت أحدهم وفى مكان خاص؟ وهل يجوز دستورياً وقانونياً اقتحام الشرطة حرمة الحياة الخاصة بهذه الطريقة فى أمر لا علاقة له بالإرهاب ولا يهدد الأمن القومى، واعتبار ذلك دليل إدانة وفق مادة ازدراء الأديان المطاطة التى لم يسلم منها حتى أطفال صغار.

لا أحد يطالب باستباحة الأديان ولا بإهانة الرسل والأنبياء، ولا فى مس مشاعر الشعب المصرى الذى يعتبر المقدسات خطاً أحمر، ولكن بكل أسف الغالبية العظمى ممن سجنوا بسبب هذا النص لم يهينوا مقدسات المسلمين ولا المسيحيين إنما بعضهم اجتهد فى تفسير نصوص دينية بشكل مختلف عما هو سائد، والبعض الآخر انتقد بعض فقهاء المسلمين، والبعض الثالث مثل هؤلاء الصبية سخر داخل جدران بيته من المسلمين.

وانتظر المجتمع على مدار أشهر حلاً لمشكلة هؤلاء الأطفال، وبقيت مشكلتهم معلقة دون حل، ولم تعتبر أجهزة الدولة ولا الحكومة ولا البرلمان أننا أمام مشكلة عميقة تستلزم تغيير نص ازدراء الأديان، وهو ما لم يحدث، حتى فوجئ الرأى العام بأنهم حصلوا على لجوء سياسى إلى سويسرا (ولا نعرف كيف نجحوا فى الخروج من مصر رغم الحكم القضائى) واختارت الدولة الخيار الأسهل «يسافروا ويريحونا» وفق نظرية «بلاش وجع دماغ» طالما كان الضحية مواطنا مصريا عاديا وغير محصن.

الهجوم على «الضحية» التى فشلت الدولة فى حل مشكلتهم داخل مصر سيكرس سياسة النعامة (التى تدفن رأسها فى الرمال) التى نسير عليها منذ سنوات، فقد كان بيد الدولة أن تحول دون خروجهم والحصول على لجوء سياسى باعتبارهم مضطهدين داخل مصر، وهى أمور كنا فى غنا عنها، ونحن نحاول أن نرمم صورة مصر الخارجية التى طالتها سهام الخصوم والأنصار بسبب سوء الأداء وترحيل المشاكل حتى أصبحت كوارث.

لم أكن أتمنى أن يسافر هؤلاء الأطفال خارج الحدود، ولكن لا أستطيع أن أدينهم طالما فشلنا جميعاً فى تعديل نص ازدراء الأديان الذى سمح بحبسهم، فعلينا أن نراجع أخطاءنا أولاً ونصححها قبل فوات الأوان.

arabstoday

GMT 03:03 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

انتخابات حاسمة

GMT 23:16 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

الفكرة المغروسة

GMT 00:36 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

«آيديولوجيا» التضامن الإنساني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومَنْ دفعهم للسفر ومَنْ دفعهم للسفر



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - أردوغان يتحدث عن "عهد جديد من التقارب" مع سوريا

GMT 16:44 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

قائمة تضم 14 فاكهة توفر أعلى وأقل كمية من السكر

GMT 11:08 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

عقار "الفياغرا" قد يساعد في الوقاية من الخرف

GMT 22:15 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إطلاق دفعة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجولان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab