من هم قراء الصحف

من هم قراء الصحف؟

من هم قراء الصحف؟

 العرب اليوم -

من هم قراء الصحف

بقلم : عمرو الشوبكي

حين يطالب البعض بمقاطعة شراء الصحف وهو لم يشتر فى حياته صحيفة، ولم يقرأ ولو بالخطأ مقالاً ولا كتاباً «خارج المقرر» (لا سمح الله)، سيذكرك أحيانا بمن يدعون لمقاطعة الانتخابات وهم لم يذهبوا فى حياتهم لأى انتخابات، ليس بسبب موقف سياسى إنما فى أحيان كثيرة كسلا، أو نوما فى العسل، أو تأففا.

والحقيقة أن الصحافة فى مصر مثلها مثل باقى المهن تعانى من أزمات كثيرة، ولكنها على خلاف مؤسسات الدولة لا تمتلك سلطة، ولا تملك إجبار الناس على قراءة ما تكتبه، وفى حال بلد مثل مصر قراء الصحف لن يتجاوزا 10% من الشعب- كما تشير بعض التقديرات.

يقينا الصحف فى مصر لن تتأثر بدعوات المقاطعة، لأنها تأتى من ناس لا علاقة لهم بالصحف والصحافة أصلا، فهم الجمهور الوفى لبرامج الخيبة والتجهيل التليفزيونية التى مارست جرما حقيقيا بحق الشعب المصرى، وأخرجت فى كثير من الأحيان طاقة تحريض وكراهية غير مسبوقة، ولم يعرفها من قبل مجتمع أراد أن يتقدم نصف خطوة للأمام.

وخبرتى الشخصية مع جمهور الصحف وكتابها تؤكد أننا أمام الجمهور الأرقى والأوعى فى مصر، فهم يتابعون فكر كاتب ويشغلون عقولهم ويتفقون ويختلفون، ويقينا أن الغالبية العظمى من كتاب الصحف يثيرون أفكارا لا غرائز، وسيستفز كل واحد فيهم فقط عقل أصحاب العقول، وستتفق أو تختلف (مع حفظ الألقاب) مع ما يقوله مكرم محمد أحمد، أو فهمى هويدى أو حمدى رزق، أو سليمان جودة أو عمار على حسن أو عبدالله السناوى أو عماد حسين وغيرهم الكثيرون، فلن تجد فيهم أحداً (مثل صحفهم) حرض على عنف أو بث كراهية، فجمهورهم ليس هو جمهور «الموالد الإعلامية» على شاشات التليفزيون مثلما يحدث مع قلة من إعلاميينا الموجهين الذين مارسوا جرائم مكتملة الأركان ولم ولن يحاسبهم أحد.

إن توزيع الصحف متراجع لأسباب لا علاقة لها بدعاوى المقاطعة من ناس لم تقرأ أصلا صحيفة، وتقضى وقتها إما فى برامج الطهى أو فواصل الشتائم التى يسعدون بها على شاشة بعض الفضائيات أو ترويج شائعات المواقع المشبوهة التى تتحدث كل يوم عن مؤامرات العالم الكونية التى لا تتوقف على مصر، فتراجع توزيع الصحف له علاقة بضعف الوعى العام وارتفاع نسب الأمية وتصاعد تأثير المواقع والصحف الإلكترونية، لا أن أفرادا معدومى المعرفة والوعى قرروا مقاطعة الصحف.

دعاوى مقاطعة الصحف لن تؤثر فى توزيع الصحف لا سلبا ولا إيجابا، فلن تنتفض الشريحة الأكثر وعيا المتابعة للصحف من أجل إقناع الناس بشراء الصحف أو دعم المواقع الصحفية، فهذا أيضا لن يحدث، مثلما لن تنجح مجموعات الأمية والضحالة الفكرية والثقافية أن تقنع الناس بعدم شراء الصحف، وسيبقى وضعنا على ما هو عليه.

فى مصر الأحاديث المرسلة والأخبار المضروبة والمفبركة، التى تغص بها صفحات التواصل الاجتماعى، هى ملاذ من يدعون لمقاطعة الصحف، وحين يكون مجتمعنا مأزوماً اقتصادياً وأفقر ثقافياً وانهار تعليمياً، فلن تندهش من مفارقة أن الغالبية الكاسحة من الناس التى تطالب بمقاطعة الصحف لم تقرأ فى حياتها صحيفة، حتى تتأكد أننا فى محنة حقيقية، فهنيئا لهم وضعهم الاقتصادى والاجتماعى والثقافى، ومبروك عليهم دعوتهم بمقاطعة الصحف.

arabstoday

GMT 23:16 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

الفكرة المغروسة

GMT 00:36 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

«آيديولوجيا» التضامن الإنساني

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

طوفان الدماء

GMT 23:07 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

غزة والانتخابات الفرنسية

GMT 03:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

أوروبا فى أقصى اليمين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من هم قراء الصحف من هم قراء الصحف



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:01 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا
 العرب اليوم - أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا

GMT 12:22 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيمياء الدماغ تكشف سر صعوبة إنقاص الوزن

GMT 09:48 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

العيش بالقرب من المطار قد يصيبك بالسكري والخرف

GMT 00:25 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الغرب والرغبة في انهياره!

GMT 11:18 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الجيش الإسرائيلي يعلن سقوط جندياً في معارك رفح

GMT 08:11 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب أذربيجان

GMT 00:22 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بناء الجدران يصل إلى إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab