المعركة الغلط

المعركة الغلط

المعركة الغلط

 العرب اليوم -

المعركة الغلط

بقلم : عمرو الشوبكي

شهداء الشرطة شهداء الشعب والوطن، ورجال الشرطة هم الأمناء على أمن هذا البلد، وما جرى صباح أمس فى ضاحية حلوان هو جريمة إرهابية مكتملة الأركان، راح ضحيتها 9 من رجال الشرطة ضحايا الواجب والوطن والشرف.

إن معركة مصر ضد الإرهاب طويلة، ولن تستطيع الأجهزة الأمنية مهما كانت كفاءتها أن تحسمها فى يوم أو فى شهر أو فى سنة، دون رؤية سياسية واجتماعية متكاملة قادرة على أن تترجم ما تردده القيادة السياسية كل يوم عن أن المعركة مع الإرهاب ليست أمنية فقط إنما سياسية وثقافية واجتماعية ودينية، فى حين أن ما يجرى على الأرض هو فقط الحل الأمنى.

والحقيقة أن تواكب حادث حلوان الإرهابى مع تصاعد الملاحقة بحق قطاعات واسعة من المعارضة المدنية والسلمية، والمعركة المفتعلة مع نقابة الصحفيين، والهجوم الكاسح وحملات الكراهية والتحريض بحق الصحافة والصحفيين حتى طالت مؤيدين كثرًا للنظام السياسى، والخلط بين عمل الصحافة وجرائم وخطايا بعض الإعلاميين، وكلهم للمصادفة مؤيدون للنظام.

إن معركة مصر ضد الإرهاب تستلزم تركيزاً شديداً على العدو الحقيقى للبلاد وتجفيف المنابع التى تغذيه وتدعمه وقطع كل الشرايين المجتمعية التى يمكن أن تشكل بيئة حاضنة للإرهاب، أما الانشغال فى معارك ثأرية مع قطاعات من المجتمع، مثل نقابة الصحفيين وغيرها وتفتيش «موبايلات» الصحفيين ومواقعهم الإلكترونية، والانشغال صباحاً ومساءً بشيطنة «مجلس نقابة الصحفيين» والبحث عن شماعة نعلق عليها أى فشل سياسى أو اقتصادى أو أمنى، مرة فى المحامين وأخرى فى الأطباء وثالثة فى الصحفيين ورابعة فى المعارضين، وننسى أن توسيع دائرة الخصومة والملاحقات الأمنية لتشمل دوائر سياسية يمكن وصفها بالمعارضة أو الثورية أو حتى المخطئة والمتجاوزة (ولكن ليس لهم علاقة بالإرهاب ولا التحريض عليه)- فسيعمّق من مشاكلنا وسيزيد من حدّة الانقسام المجتمعى وسيعطى نقاطًا مجانية للإرهاب وجماعات التطرف.

هل نسينا ظاهرة الإرهابيين الهواة الذين شاهدناهم يحاولون إطلاق النار فى أحد فنادق الغردقة منذ ثلاثة أشهر، واكتشفنا أن أحدهم «ألتراس» زملكاوى؟، وهل نسينا أن الإرهابى الذى اقتحم أحد فنادق العريش وقتل قضاة وموظفين، ليس له ماضٍ تكفيرى وتردد أنه ينتمى للتيارات المدنية الثورية؟، هل نريد أن نحوّل شباباً معارضاً إلى شباب إرهابى أو متواطئ مع الإرهاب بسبب المعارك الغلط وبسبب الضغوط والملاحقة الأمنية؟. معركتنا ضد الإرهاب لن تنجح إلا إذا أوقفنا الضغط على هؤلاء الشباب وواجهناهم أو احتويناهم بالسياسة وليس الأمن، وميّزنا فى الوقت نفسه بين العصابات التكفيرية الإجرامية التى ترفع السلاح وتروّع الأبرياء وتقتل رجال الجيش والشرطة الشرفاء، والبيئة الاجتماعية المحيطة بهم والتى جعلت انتشارهم فى سيناء واقعاً. هذه البيئة قد تكون مظالم سياسية أو اجتماعية أو علاقة ثأرية مع الدولة أو إحساسًا بالقهر أو التهميش أو انحرافاً دينياً أو عقائدياً.

أن يتصور البعض أن محاربة الإرهاب ستنجح بالهتافات الإعلامية أو فقط بالقوة المسلحة فى ظل انعدام الرؤية السياسية، وحصار للمبادرات الأهلية وغياب للشفافية، فهو مخطئ، فالإرهاب مرشح للتفاقم ليس فقط بسبب وجود الإرهابيين الأشرار، إنما بسبب غياب الإدارة السياسية وبسبب غياب التواصل مع قطاعات واسعة من المجتمع، خاصة الشباب، وأن إحباطها راجع لشعورها بالتهميش والقهر والحصار الأمنى وليس لموقف عقائدى مسبق من النظام، وهؤلاء كُثر.

لا تخلطوا بين الشباب الثائر والمتمرد مهما كانت أخطاؤه وبين التكفيريين العقائديين، ولا تدفعوا جزءًا من الأول للتعاطف مع الإرهاب ولا إغماض عينه عنه ولا التواطؤ معه بسبب المعارك الغلط.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 03:03 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعركة الغلط المعركة الغلط



منى زكي في إطلالة فخمة بالفستان الذهبي في عرض L'Oréal

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف مستعمرة إسرائيلية بـ50 صاروخاً

GMT 04:29 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 08:22 2024 الجمعة ,27 أيلول / سبتمبر

الهجوم على بني أميّة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab