أسئلة الإرهاب

أسئلة الإرهاب

أسئلة الإرهاب

 العرب اليوم -

أسئلة الإرهاب

بقلم : عمرو الشوبكي

تثير ظاهرة الإرهاب فى العالم كله تساؤلات أكثر مما تقدم إجابات، فكل دولة واجهت الإرهاب طرحت على نفسها أسئلة حاول علماء الاجتماع والسياسة والخبراء النفسيون والأمنيون الإجابة عنها، ولم يبدأوا بالقول إن «كله تمام» والمجتمع صحى والنظام بخير والدولة قوية، إنما ناقشوا أسباب المرض ولماذا الإرهاب والإرهابيون ولماذا الانتحاريون؟ وبعدها تكون الإجابة كيف يمكن مواجهتهم، أما البدء بالإجابات السهلة بأنهم قتلة ومجرمون وخارجون عن صحيح الدين ولابد من إعدامهم جميعا دون أى جهد لمعرفة أسباب تحولهم للإرهاب لن يجعلنا ننتصر فى حربنا على الإرهاب.

والحقيقة فقد ظلت نظم كثيرة محلية وعالمية تهرب من الإجابة عن سؤال من المسؤول عن الإرهاب، ففى نهايات القرن الماضى اعتبرت النظم العربية فى مجملها وفى القلب منها نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك أن الغرب والسياسات الأمريكية والإسرائيلية هى المسؤولة عن تصاعد الإرهاب فى المنطقة، فى حين اعتبر الرئيس الأمريكى جورج بوش أن غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان هو السبب وراء تصاعد الإرهاب، ووجه نقدا للنظام المصرى فى مؤتمر شهير فى شرم الشيخ حضره مبارك واضطر على أثره للخروج من القاعة وترك الرئيس الأمريكى يخطب وحده.

وعقب الثورات العربية وسقوط نظم عربية كثيرة تصاعد دور تنظيم داعش فى أكثر من بلد عربى ونجاحه فى السيطرة على مساحات واسعة من سوريا والعراق (قبل الهزائم الأخيرة) وأيضا قيام خلاياه بالعديد من العمليات المؤلمة فى مصر وتونس وتركيا وألمانيا وفرنسا وأمريكا وبلجيكا وغيرها وأصبح سؤال «من يتحمل المسؤولية» حاضرا مرة أخرى بقوة.

والمؤكد أن هناك تيارا مؤثرا، وربما مسيطرا على مراكز كثيرة من صنع القرار فى العالم ومنها أمريكا ترامب مثلا ترى ببساطة أن الإسلام كدين وكنصوص دينية هو المسؤول عن الإرهاب وأن الحل هو فى منع المسلمين من دخول أمريكا، ومواجهة ليس فقط الإرهابيين إنما أيضا المسلمين فى كل العالم، حتى وصل الأمر بنائب بلجيكى شهير أن حمل نسخة من القرآن الكريم فى جلسة علنية للبرلمان واتهمه بأنه «مصدر كل الشرور».

وبالتوازى مع هذا الحديث الغربى فى إدانة الإسلام والمسلمين ظهر الحديث العربى والمصرى فى إدانة التفسيرات المنحرفة للنص الدينى وكتابات ابن تيمية ومن سار على دربه كمصدر للشرور وطالب بالإصلاح الدينى، وتراجع الحديث عن مسؤولية الواقع الاجتماعى والسياسى وغياب دولة القانون العادلة عن تصاعد الإرهاب.

والواقع أن النقاش حول من المسؤول عن الإرهاب: النص الدينى أم السياق الاجتماعى والسياسى المحيط هو نقاش ارتبط بالتحولات التى أصابت التيارات الإسلامية المتطرفة، فقد بدأت ظاهرة العنف الدينى منذ منتصف الستينيات على يد أفكار سيد قطب وكتابه الشهير معالم فى الطريق، ثم ظهر مع بداية السبعينيات تنظيما الجهاد والجماعة الإسلامية فى مصر اللذان دخلا فى مواجهات دموية مع النظام القائم وصلت حتى اغتيال الرئيس السادات، ثم ظهرت الجماعة الإسلامية المسلحة فى الجزائر التى دخلت فى مواجهات عنيفة ودموية ضد الدولة الجزائرية انتصرت فيها الأخيرة بجروح كثيرة، كما ظهرت «الجماعة السلفية الجهادية فى بلاد المغرب الإسلامى» فى تسعينيات القرن الماضى ومارست عنفا داخل بلاد المغرب العربى وأفريقيا.

وحين كان يسأل أى باحث عن دوافع الإرهاب فى ذلك الوقت كان النص الدينى حاضرا بقوة فى الإجابة، فقد امتلكت هذه الجماعات نمطا فكريا وعقائديا متكاملا يدور حول مفهوم الحاكمية لله واعتبار كل القوانين الإنسانية والوضعية هى خروج عن أحكام الشريعة، وأن النظم القائمة هى نظم جاهلية لا تطبق أحكام الله، ولذا وجب تكفيرها وإسقاطها بالعنف، وأن مدخل أى عضو للانضمام إلى التنظيمات الجهادية الكبرى كان يبدأ بالإيمان بنسق عقائدى متكامل مستند إلى تفسير خاص للنص الإسلامى يدفع العنصر بعد سنوات من الانخراط فى التنظيمات الجهادية إلى ممارسة العنف والإرهاب فى مواجهة ما كان يعتبره «النظم الكافرة» والمجتمع الجاهلى.

صحيح أن هذه المفاهيم مثلت نوعا من الانحراف الفقهى والعقائدى عن صحيح الإسلام، وسبق أن دحضها علماء كثيرون، إلا أنها ظلت الدافع الرئيسى وراء انضمام الكثيرين لتنظيمات العنف، وأيضا أساس التوبة والتوقف عن ممارسة العنف.

وقد تغير الأمر مع بدايات العقد الماضى، حين تراجع دور النص الدينى كمحدد أساسى فى عملية التجنيد لتنظيمات القاعدة ثم داعش لصالح التأثير الكبير للسياق الاجتماعى والسياسى المحيط.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة الإرهاب أسئلة الإرهاب



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab