الديكتاتور المدني

الديكتاتور المدني

الديكتاتور المدني

 العرب اليوم -

الديكتاتور المدني

بقلم : عمرو الشوبكي

فى تركيا رئيس «ديكتاتور» أو سلطوى، ولكنه ابن حزب سياسى ومنتخب بشكل ديمقراطى بدأ إصلاحيا فى السنوات العشر الأولى من حكمه، وانتهى استبداديا بعد أن بقى 16 عاما فى السلطة وينوى البقاء الأبدى فيها.

ولأن تركيا دولة علمانية مدنية منذ أن أسس جمهوريتها مصطفى كمال أتاتورك فى عام 1923 فقد حافظت على مجموعة من التقاليد المدنية (رغم عدم ديمقراطيتها) لم يستطع أردوجان أن يهدمها، وفتحت الباب أمام حراك مدنى وسياسى دائم فى البلاد، ومجتمع حى قادر على الحراك والتأثير.

أحد مظاهر هذا الحراك المظاهرة التاريخية التى نظمها حزب الشعب الجمهورى، أكبر الأحزاب التركية المعارضة، بقيادة زعيمه كمال قليتش أوغلو، والتى انطلقت من أنقرة وانتهت يوم الأحد الماضى فى إسطنبول واستمرت 400 يوم وشارك فيها مئات الآلاف من الأتراك المعارضين لأردوجان، وبدأت سلمية وانتهت سلمية.

وقد اختار المتظاهرون شعارا جامعا لهم «العدالة»، وهى نفس الكلمة بالتركية ولكن تكتب بحروف لاتينية (Adalet)، ووجدنا فى صفوفها الأولى نساء محجبات، وهو أمر لم يكن معتادا وجوده فى فعاليات الأحزاب العلمانية التركية.

مشهد المليونية المعارضة لأردوجان يحسب للمجتمع التركى ولجمهوريته المدنية، ودليل على حيوية خبرته التاريخية والسياسية التى فرضت حدودا على نظام تسلطى مثل نظام أردوجان، وجعلته غير قادر على تأميم المجتمع والحياة السياسية بشكل كامل، وظلت هناك فرصة للأحزاب للتحرك والفعل رغم حملات الاعتقال والحصار.

فأردوجان انتخب رئيسا بنسبة 54% ومر استفتاؤه الأخير بصعوبة بالغة وحصل على تأييد 51% من الشعب التركى، وقبلها حصل حزبه الحاكم على 48% من أصوات الناخبين فى الانتخابات التشريعية (وليس على 98% مثلما فعل حزب أحمد عز الحاكم فى مصر فى انتخابات 2010 المزورة)، وأعيدت الانتخابات مرة أخرى بعد فشل الأحزاب الرئيسية فى الحصول على أغلبية مطلقة وتشكيل الحكومة، وحصل حزب أردوجان على 50% وشكل الحكومة بعد أن أخاف الأتراك من الكساد الاقتصادى وعدم الاستقرار.

وجود رئيس مدنى جاء عبر عملية سياسية شبه ديمقراطية وبانتخابات تعددية حرة أمر فرض بعض الحدود على تسلط النظام أو فى النهاية لم يستطع أن يؤمم الحياة السياسية ودور المجتمع الأهلى ويلغيه.

إن أردوجان الذى أغلق 3 وكالات أنباء تركية و16 قناة تليفزيونية و23 إذاعة و29 صحيفة وسجن 286 صحفيا غير إقصاء الآلاف من وظائفهم لم يستطع أن يمنع مظاهرة مليونية معارضة ولم يستطع أن يحصل على 98% فى انتخابات الرئاسة و99% فى الاستفتاء على الدستور وهكذا.

الوضع فى تركيا مثل ما نراه فى فنزويلا أيضا هو نوعية من النظم الديكتاتورية التى تحاول أن تستأثر بالسلطة وتكمم الأفواه وتحاصر المعارضة ولكن لأنها نظم حكم مدنية وليست عسكرية أو دينية فإنها لا تستطيع أن تغلق بشكل كامل المجال العام أو السياسى وتلغى المجتمع من حساباتها حتى لو حاصرته، وتظل هناك فرص حقيقية لهذه المجتمعات للمقاومة والتغيير السلمى والحشد السياسى المعارض.

تحية لحيوية المجتمع التركى القادر على الانتصار على أردوجان وتسلطه.

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديكتاتور المدني الديكتاتور المدني



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:20 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة
 العرب اليوم - 24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab