مع السياسة وضدها

مع السياسة وضدها

مع السياسة وضدها

 العرب اليوم -

مع السياسة وضدها

بقلم : عمرو الشوبكي

فى مصر هناك مطالبات بضرورة تفعيل دور الأحزاب فى الحياة العامة ومشاركة وزراء سياسيين فى الحكومة بعد أن اقتصر الأمر، كما كان فى عهد مبارك، على ضم تكنوقراط وخبراء فنيين لا علاقة لهم بالسياسة ولا يمتلكون أى رؤية أو تصور سياسى.

والحقيقة أن هناك نقدا حقيقيا يوجه للنظام الحالى بتغييب السياسة وتغييب الأحزاب، وأضيف إليه اختيار مسؤولين فنيين مغلوبين على أمرهم ومطيعين، إلا أنه يبقى نقد «غياب السياسة» والسياسيين له وجاهة حتى لو رد الحكم بأنه يتعامل مع واقع فيه الأحزاب ضعيفة والسياسيون الحقيقيون عملة نادرة.

المفارقة أن حالة مصر وجدنا عكسها فى تجارب أخرى، ففى لبنان مثلا كان هناك دائما تيار واسع يطالب باختيار وزراء من خارج الأحزاب ومن خارج التركيبة السياسية السائدة (الطائفية فى جوهرها).

أما العراق فقد شهد طوال العام الماضى تقريبا معكوس ما يطالب به تيار واسع فى مصر، أى رفض الأحزاب والسياسيين ومطالبة الحكومة بالخروج من دائرة المحاصصة الحزبية (التى فى جوهرها أيضا طائفية) لصالح اختيار وزراء تكنوقراط وفنيين.

والحقيقة أن الأمر فى العراق وصل لحد مطالبة طرف حزبى وسياسى هو التيار الصدرى الممثل فى البرلمان وجزء من العملية السياسية، بتشكيل حكومة خبراء (تكنوقراط) بعيدا عن المحاصصة السياسية والحزبية، مع ملاحظة أن التيار الصدرى حزب سياسى وقانونى يعمل من داخل المنظومة السياسية الشرعية، وله نواب داخل البرلمان العراقى (جبهة أحرار العراق).

والحقيقة أن ما قام به تيار واسع من السياسيين والرأى العام فى العراق برفض القواعد البديهية التى قامت عليها العملية السياسية برفضه أن يشكل حزب أو تحالف الأغلبية الحكومة، وأن هذا المنطق الرافض لسوء أداء الأحزاب ومن تخبط العملية السياسية كان سيطالب الجيش العراقى (لو كان بقى على قوته القديمة) بالتدخل لإنقاذ البلاد ومواجهة السياسيين والأحزاب الفاشلة، ولكنا شهدنا فى العراق مع احتدام الأزمة السياسية طلبا شبيها بما جرى فى مصر، أى طلب من الجيش بالتدخل فى العملية السياسية الفاشلة بحثا عن نظام قوى يأمر زعيمه فيطاع، ويعيد الانضباط للدولة المترهلة والمجتمع المنقسم.

ومع اتفاقنا أن الوضع فى العراق هو تقريبا عكس الوضع المصرى، إلا أن المقارنة لافتة فى زاوية وحيدة أن ما جرى فى العراق هو عكس مطلب قوى المعارضة المصرية التى تؤكد أننا نعيش فى ظل نظام غير سياسى وترفض تهميش الأحزاب والتيارات السياسية، فى حين أن فى العراق هناك فصيلا سياسيا يطالب بنفسه وبمحض إرادته (وبعيدا عن حساباته ودوافعه) ومستندا على ظهير شعبى كبير، باستبعاد الأحزاب وعدم إعطائها الحق فى تشكيل الحكومة، واتهماها بنفس الاتهامات التى تردد فى مصر بالحديث عن النخبة الحزبية الفاسدة.

والمؤكد أن هناك أسبابا موضوعية فى كل مجتمعات الدنيا لرفض السياسة والسياسيين، فيطالب الناس بحكومة خبراء وفنيين بعيدا عن الأحزاب والسياسيين فى العراق، أو يطالبون الجيش بالتدخل بعد أن وصل الإخوان للحكم وأعدوا العدة للبقاء الأبدى فى السلطة، أو ينتخبون ترامب باعتباره قادما من خارج النخبة السياسية التقليدية ويكرهها، ولكنهم عادة ما يكتشفون بعد فترة وجيزة أن هذا الخيار هو مجرد بحث عن مخلص فى السراب، ويعودون مرة أخرى للمعادلة السياسية والحزبية الطبيعية، بعد إصلاحها وتطويرها وتجديد منظومتها.

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع السياسة وضدها مع السياسة وضدها



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab