وماذا بعد التسريبات

وماذا بعد التسريبات؟

وماذا بعد التسريبات؟

 العرب اليوم -

وماذا بعد التسريبات

بقلم : عمرو الشوبكي

معادلة الأمن والسياسة معادلة معروفة على مدار التاريخ المصرى المعاصر، فيقيناً الأمن، وسلطة القوة، كان حاضراً فى كل تجارب مصر السياسية منذ الأمن السياسى وحتى الأمن الوطنى وباقى الأجهزة الأمنية التى دخلت المجال المدنى مؤخرا، ومع ذلك كان هناك دائما رد سياسى على كل خصوم النظم القائمة، فالنظام الملكى كانت له مقولات سياسية تقليدية ومحافظة أسس بها شرعيته، وحزب الوفد دافع عن مشروع وطنى حداثى، وجاء عصر عبدالناصر وامتلك مشروعا سياسيا تقدميا غير وجه مصر والعالم ثم جاء السادات وطرح رؤية يمينية رأسمالية وتحالف مع الولايات المتحدة ووقع اتفاق سلام مع إسرائيل أعاد بمقتضاه سيناء للسيادة المصرية.

ولقد كانت هناك دائما رسالة سياسية لكل النظم السابقة التى دخلت فى مواجهات كبرى (وحقيقية) مع دول عظمى، فمصر حاربت فى 56 على ضفاف القناة ووقفت ضد قوى استعمارية كبرى بالدماء والمقاومة وليس بالشعارات، ورغم ذلك فإن هذا لم يحل دون امتلاك مختلف نظمها الحاكمة رؤى سياسية تقنع بها الأنصار وتواجه بها الخصوم.

والمؤكد أن مصر بعد ثورة 25 يناير انقسمت سياسيا وظهرت فيها مدارس فكرية عديدة، فهناك من كان مع الثورة وهناك من كان ضدها، وهناك من راهن على إبقاء الأوضاع على ما هى عليه، وهناك من تصور أنه قادر على فرض إرادة تنظيمه الخاص على المجتمع والدولة، وزادت شقة الخلاف والاستقطاب الداخلى بعد وصول الإخوان للحكم فكانت 30 يونيو.. كان تدخل الجيش لإقصاء الإخوان من السلطة بدعم شعبى عبر عنه أغلب المصريين.

ويمكن القول إن أحداث 3 يوليو كانت انعكاساً لخيار شعبى ولقوة الدولة العميقة والجيش معاً، وأن رهان أغلب الناس التى خرجت فى الشوارع ضد حكم الإخوان كان أكثر على الجيش من كل رموز وأحزاب وتنظيمات القوى المدنية كلها، دون أن يعنى ذلك أن قادة الجيش الذين تحركوا فى 3 يوليو كان يمكن لهم أن ينجحوا فى مهمتهم دون حضور شعبى ولا أن هذا الحضور كان يمكن أن ينجح دون تدخل الجيش.

إن هذه المعادلة أيدها معظم المصريين واختلف معها قلة ووصفوا ما جرى فى 3 يوليو بالانقلاب على الشرعية، ومنذ ذلك التاريخ أصبح هناك مضمون سياسى لما جرى فى 30 يونيو سبق أن كررناه مراراً وتكراراً يرى أن من وصل للسلطة فى مصر لم يكن حزباً سياسياً إنما جماعة عقائدية دينية هدفها تحقيق مشروع التمكين والبقاء الأبدى فى السلطة، وأن كل محاولات تغييرها بالوسائل الديمقراطية باءت بالفشل لأنها جماعة دينية تحكم من وراء الستار وليس حزبا يحكم فى النور ولم يكن هناك بديل لتدخل الجيش.

وقد أيد هذا التدخل البرادعى ومعظم شباب الثورة، وحزب الوفد ومعظم الرموز المدنية والإصلاحية وحتى حزب النور السلفى كان حاضرا فى مشهد 3 يوليو بما يعنى أن معضلة مصر كانت مع الإخوان لأسباب وطنية وسياسية.

والسؤال المطروح الآن بعد ثلاث سنوات ونصف على تجمع الغالبية العظمى من المصريين ضد الإخوان فى 3 يوليو: كيف سنتعامل مع رموز وتحالف 30 يونيو مؤيدين أو معارضين، على اعتبار أن البرادعى كان واحداً من هؤلاء الذين استقالوا من منصبهم، وقال كلاما سياسيا انتقد فيه المسار الحالى وطريقة فض اعتصام رابعة، وهى كلها أمور محل جدل ونقاش، وسبق أن أعلن محمد عبدالعزيز، أحد رموز مشهد 3 يوليو، القيادى فى حركة تمرد، رأيا مناقضا لما قاله البرادعى، كما اجتهدت صحيفة الوطن أمس الأول وقدمت مقالا مهما للراحل الكبير محمد حسنين هيكل ردا على كلام البرادعى فيما يتعلق بهزيمة 67؟!

والسؤال: أين الكلام والرؤى التى ترد على كلام آخر ورواية أخرى قالها البرادعى؟ للأسف الشديد لا يوجد أى رد سياسى من أى نوع، إنما تسريبات غير قانونية تنتهك الدستور وحرمة الحياة الخاصة وتعكس إفلاسا سياسيا يصعب قبوله وتعطى رسائل للمجتمع ولتيارات مؤيدة للنظام الحالى شديدة السلبية وتضع الجميع مؤيدين (وليس مطبلاتية) ومعارضين (ليسوا إخوان) فى موقف شديد السوء. فتجاهل المضمون السياسى لما قاله البرادعى لصالح الشتائم والبذاءات وحملات التخوين يعكس أزمة حقيقية تقدم رسالة مفادها أن الظهير الشعبى الذى وقف خلف 30 يونيو لم يعد مهماً إنما المهم هو دعم الأجهزة الأمنية، وان مواجهة الخصوم والمخالفين ستتم بالأمن وفقط.

لا يمكن القول إن الطريقة التى تدار بها العلاقة مع التيارات السياسية المختلفة ومع الجمعيات والمبادرات الأهلية ومع الإعلام المستقل (لم يحتمل الحكم برنامج إبراهيم عيسى رغم موهبته الاستثنائية ودعمه الكامل لمسار 30 يونيو ووقوفه حائط صد حين اختفى كثيرون فى وجه الإخوان) والتى تبدو وكأنها تقول: دوركم ليس مهماً، لم نكن مقتنعين بكم ولا بدوركم فى 30 يونيو وأن دور الملايين التى نزلت وأيدت، وبعضها فوض- كانت مجرد «كوبرى» وأننا لا نعبأ بالقانون ولا نبذل أى مجهود فى الرد السياسى على البرادعى وغيره، إنما سنفضحه بتسجيلات غير قانونية مؤسفة حتى لو كان على طرفها الآخر رئيس أركان الجيش المصرى السابق.

لا أتخيل أن نتعامل بهذه البساطة مع هذا النوع من التسريبات ونبررها، فهى بالإضافة لمخالفتها القانون والدستور إنما هى تعكس أزمة أعمق تتعلق بأداء نظامنا السياسى وغياب أدوات المواجهة الفكرية والسياسية فلن يحفظ الأمن وحده استقرار مصر إنما بدولة قانون عادلة.

المصدر: صحيفة المصري اليوم

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماذا بعد التسريبات وماذا بعد التسريبات



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab