المواجهة العاجزة

المواجهة العاجزة

المواجهة العاجزة

 العرب اليوم -

المواجهة العاجزة

بقلم : عمرو الشوبكي

علقت أمريكا محادثاتها مع روسيا احتجاجاً على ما سمته محاولات روسيا «إخضاع» المدنيين من خلال قصفها العنيف لأحياء حلب، واستهانتها بأرواح الأبرياء والأطفال، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض «لقد نفد صبر الجميع على روسيا»، ولم يعد هناك ما يمكن أن تتحادث به الولايات المتحدة مع روسيا «بشأن سوريا».

وبذلك تكون انهارت الهدنة التى تم التوصل إليها فى الـ9 من سبتمبر بين وزيرى الخارجية الأمريكى جون كيرى والروسى سيرجى لافروف، خلال أسبوع، وسط تبادل للاتهامات بين الجانبين، وتصاعد القتال فى الحرب السورية المستمرة منذ 5 سنوات.

واتهمت واشنطن موسكو بالإخفاق فى كبح قوات النظام السورى وشن ضربات جوية تستهدف المدنيين.

بينما تقول روسيا إن واشنطن أخفقت فى الفصل بين المعارضين «المعتدلين» وإرهابى تنظيم القاعدة.

والواضح أن روسيا اختارت الاستمرار فى المواجهة المسلحة فى سوريا، متصورة أنه يمكن الحفاظ على نظام بشار الأسد بالحسم العسكرى، ولو غير المكتمل، لأنها تعلم جيداً أنها لن تستطيع هزيمة الفصائل المسلحة فى سوريا دون مسار سياسى يفتح الباب لخروج بشار من السلطة، والحفاظ على ما تبقى من الدولة والجيش السورى.

ومن الواضح أن الضربات العسكرية الروسية أصابت المدنيين أكثر مما أصابت الفصائل المسلحة، ولم تفرز حتى هذه اللحظة أى أفق لمسار سياسى جديد.

إن الغطاء السياسى لأى تحرك عسكرى خارج الحدود أمر بديهى، ولم يحدث لأى دولة أن حركت جندياً واحداً أو قامت بضربات جوية أو تدخل عسكرى دون أن تمتلك غطاءً سياسياً بالحق أو بالباطل يغطى هذا التدخل، فأمريكا غزت العراق وقدمت واحداً من أفشل مشاريع التغيير السياسى فى العالم تحت غطاء بناء الديمقراطية وإسقاط الدول الوطنية العربية الاستبدادية، وكذلك فعل الاتحاد السوفيتى فى الماضى القريب حين تدخل فى كل بقاع الأرض من أجل الدفاع عن الشيوعية، وتدخلت طبعته الروسية فى أوكرانيا «بالاستفتاء الديمقراطى» من أجل هدف سياسى هو ضم ثلث البلاد (القرم) إلى جمهوريته الروسية، وإيران تدخلت تحت غطاء الدفاع عن المستضعفين والثورة الإسلامية، وعبدالناصر تدخل فى الجزائر واليمن والسودان والمغرب والخليج وأفريقيا من أجل الاستقلال والتحرر الوطنى ومواجهة الاستعمار، وحزب الله وحماس من أجل الدفاع عن المقاومة، وإسرائيل ارتكبت مجازر فى غزة لا حصر لها تحت حجة مكافحة الإرهاب.

والسؤال المطروح: هل تستطيع روسيا من خلال هذا القصف على حلب وباقى المدن السورية أن تقدم مشروعاً سياسياً لسوريا أو مخرجاً سياسياً للكارثة؟ أم ستكتفى بتوجيه ضربات لكل المعارضين سواء كانوا من الدواعش أو الجيش الحر؟ أو الأبرياء من المدنيين الأطفال؟ وهل مشروعها هو دعم الأسد أم الحفاظ على ما تبقى من الدولة السورية والانطلاق إلى مساحة أخرى تقوم على إصلاح الدول القائمة لا إسقاطها أو تفكيكها مثلما فعل الأمريكان؟

الرؤية السياسية الروسية الغائبة (وربما المنتظرة) لاتزال تقع فى هذه المساحة، أى بناء بديل سياسى بين مشاريع التفكيك الأمريكية التى دمرت المنطقة، وقامت على هدم الدولة ومؤسساتها لصالح الفوضى والإرهاب والدواعش، وأيضاً مواجهة مشاريع نظم الاستبداد العربية الفاشلة التى بررت وجودها بمحاربة الإرهاب، وكانت هى أحد أسباب انتشاره مثلما يفعل بشار الأسد وغيره.

الدور العسكرى الروسى فى سوريا لايزال عاجزاً عن تقديم أى بديل من هذا النوع سواء بالنسبة لسوريا أو لباقى دول المنطقة، ولاتزال أيضاً المواجهة الروسية- الأمريكية عاجزة عن وقف نزيف الدم فى سوريا، هذا البلد العربى الصابر والعظيم.

arabstoday

GMT 03:03 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

انتخابات حاسمة

GMT 23:16 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

الفكرة المغروسة

GMT 00:36 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

«آيديولوجيا» التضامن الإنساني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواجهة العاجزة المواجهة العاجزة



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:44 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

قائمة تضم 14 فاكهة توفر أعلى وأقل كمية من السكر

GMT 11:08 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

عقار "الفياغرا" قد يساعد في الوقاية من الخرف

GMT 22:15 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إطلاق دفعة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجولان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab