الانتصار ليس فى الإعلام

الانتصار ليس فى الإعلام

الانتصار ليس فى الإعلام

 العرب اليوم -

الانتصار ليس فى الإعلام

بقلم : عمرو الشوبكي

اعتادت النظم السياسية المصرية أن تهتم بالإعلام، فكانت الصحافة هي الاهتمام الأول في عهدى عبدالناصر والسادات حين غابت الفضائيات، وكان للكلمة المكتوبة تأثير هائل على الناس وعلى النظم القائمة، وفى عهد مبارك تراجع جزئياً الاهتمام بالصحافة لصالح الاهتمام بالفضائيات، وفى عهد الرئيس السيسى أصبح الاهتمام بالإعلام المرئى، خاصة الفضائيات، هو أحد مشاغل النظام الأساسية، فقامت الدولة بتأسيس فضائيات تردد لأول مرة أنها تابعة لجهات سيادية، كما أصبح هناك تدخل غير مسبوق في برامج تليفزيونية وفى مضمون ما تقوله، وفى طبيعة الضيوف، على اعتبار أن تكرار نفس الرسالة الإعلامية، وتكريس ثقافة الإعلام الموحد أو الموجه سيخلق رأياً عاماً مؤيداً للحكم حتى لو كانت مؤشرات الواقع مختلفة عما يردد في الإعلام، فإن نظرية «التكرار يعلم الشطار» صارت هي المسيطرة على تفكير من يسيطرون على الإعلام.

يقيناً الفضائيات ونجومها صاروا ورقة رابحة ومؤثرة ولكنها تحقق نصراً زائفاً ولا تعنى الرسائل الفضائية التي تقول إن الواقع وردى، وإن الشعب كله يقف خلف القيادة، أن ذلك هو رأى الناس في الواقع، بل على العكس كثيراً ما تعمق «الرسائل الموجهة» أزمة الثقة بين الإعلام وغالبية الناس.

حين نتصور أن النجاح السياسى هو أن نقول في الإعلام كل يوم أننا انتصرنا، وأننا عظماء، وأن خصومنا إرهابيون وفشلة، وأننا قادرون على هزيمة الإرهاب لأننا ندينه كل يوم إعلامياً، فإن هذا الصراخ مهما علا فلن يعنى أننا انتصرنا عملياً في هذه المعارك.

إن ما يجرى في مصر على شاشة كثير من الفضائيات أمر غير متكرر في أي بلد آخر، ولم نره في بلادنا منذ عقود، فقد تحول النقاش السياسى إلى سجال بين إعلاميين، وتحول خلاف الأفكار والبرامج والرؤى، الذي هو علامة على تقدم أي أمة أو على الأقل رغبتها في التقدم إلى حملات للتخوين والشتائم والمزايدات الهابطة دون عرض لأى أفكار مهما كانت بساطتها.

إن القواعد المهنية التي تحكم عمل الإعلام غائبة عن مصر، ومازال قانون تنظيم الإعلام حبيس الأدراج منذ عامين، وللأسف لا يوجد نقاش عام حول قضايا تخص حاضر ومستقبل هذا البلد، إنما ثرثرة واتهامات وتخوين وجمل وشعارات كبيرة أقرب لهتافات النظم الشمولية المنقرضة، ولكن لا نقاش جاداً في الإعلام ولا في معظم الصحف حول قضايا وليس مجرد عرض للنميمة اليومية والسجالات والاتهامات المتبادلة.

لن تتقدم مصر خطوة واحدة للأمام إلا إذا تعود المجتمع وشرائحه الأكثر تعلماً على أن عنوان التقدم هو صراع بين أفكار وبدائل متعددة تقدم بشكل مبسط للرأى العام، وليس هيستيريا التحريض والسباب التي كرهت الناس في السياسة والمشاركة في الشأن العام.

إن مبالغات بعض الإعلاميين ومعاركهم الهوائية تذكرك بإعلام ما قبل يونيو 67، حين كان يهتف كل يوم بالانتصار وكان الواقع يجرى بعكس ما يقول.

الانتصارات لن تتحقق في الإعلام، وهزيمة الإخوان إعلامياً لا تعنى هزيمتهم في الشارع، ومواجهه التيارات السلفية وشتيمة الشباب الثورى في الفضائيات لا تعنى غيابهم عن أرض الواقع أو نهايتهم، ومواجهة كل الجماعات السياسية المناوئة أو المعارضة تتم بالسياسة طالما لم يحرضوا أو يمارسوا العنف، أما انتصارات الإعلام فهى زائفة فاحذروها.

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتصار ليس فى الإعلام الانتصار ليس فى الإعلام



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة
 العرب اليوم - نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab