تيران وصنافير الكاشفة

تيران وصنافير الكاشفة

تيران وصنافير الكاشفة

 العرب اليوم -

تيران وصنافير الكاشفة

بقلم : عمرو الشوبكي

لم تكن قضية تيران وصنافير مجرد ترسيم حدود بين بلدين حتى لو اختلفت فيها الآراء وتباينت، إنما كانت مسارا متكاملا كشف عورات النظام السياسى المصرى وعبّر عن انهيار تام فى الأداء وفتح الباب أمام تحديات «وجودية» فى الفترة القادمة.

المؤكد أن إدارة الدولة ملف تيران وصنافير كانت هى السبب الرئيسى فى نقل النقاش من قضية وثائق ومخطوطات ودراسات فى القانون الدولى والتاريخ والجغرافيا إلى اتهامات تتعلق بالوطنية والخيانة.

فالإعلان المفاجئ من قبل الحكومة عن تسليم الجزيرتين للسعودية لم يسبقه أى تمهيد على اعتبار أن الشعب ليس رقما فى أى معادلة وغير ملم (وربما جاهل) ومطلوب منه فقط أن «يبصم» على ما يقوله الحكم فلم تُقم الدولة حساباتها على أن هناك علما اسمه الرأى العام يجب تهيئته ومناقشته والحوار معه حول مصير الجزيرتين، والقبول من حيث المبدأ بإمكانية التراجع عن الاتفاقية فى حال التأكد من مصرية الجزيرتين.

ولأن الشعب لم يكن رقما فى أى حساب فوجئ الناس عقب انتهاء زيارة ملك السعودية لمصر العام الماضى، والإعلان عن تقديم مساعدات مالية واقتصادية أن الجزيرتين أصبحتا سعوديتين رغم وجود جلسات تفاوض بين الجانبين ظلت سرية لأنه ليس مهما أن يعرف الشعب عنها أى شىء.

حين تتعامل مع الناس بهذه الطريقة مهما كانت نواياك صادقة ومهما كانت قناعتك أن الجزيرتين سعوديتان فتوقع أن الناس لن تتعامل مع السياسة بالنوايا إنما بالإدراك (Perception) وبالصور الذهنية التى تنسجها بصرف النظر عن صحتها.

لقد فوجئ الشعب عقب قرار تسليم الجزر بدخول الدولة فى مسار قضائى حكم بأحقية مصر فى الجزيرتين، والمفارقة الصادمة أن الحكومة طعنت على الحكم، معلنة اعترافها بولاية القضاء الإدارى، ولكنها، كما قالت المحكمة الإدارية العليا بعد ذلك، وبإجماع الآراء، لم تقدم أى وثيقة تغير الأسباب التى دفعت المحكمة للحكم ببطلان الاتفاقية ومصرية الجزيرتين.

فهل لهذه الدرجة تتعامل الدولة باستهانة واستخفاف مع أحكم القضاء وتعتبرها هى والعدم سواء، أم أنها من الأصل لا تمتلك أى وثيقة تثبت ملكية السعودية للجزيرتين فكان حكم المحكمة؟

لقد قبلت الحكومة المسار القضائى ثم عادت بعد ذلك وتجاهلت أحكامه حين جاءت على غير الهوى السياسى وقررت عرضها على البرلمان واعتبرت أن أحكام القضاء تنفذ حسب الأهواء والتقارير الأمنية حتى لو تحدث الرئيس كل يوم عن دولة القانون.

لقد نُوقشت قضية تيران وصنافير فى البرلمان رغم رفض طعن الحكومة وصدور حكم بات ونهائى من المحكمة الإدارية العليا، وشهد الناس «أم المهازل» فى طريقة إدارة رئيس البرلمان عملية التصويت على تسليم الجزر فى مشهد عبثى أفقد الناس الثقة فى مؤسسات الدولة القائمة وبصورة غير مسبوقة.

من الواضح أن الرئيس لديه قناعة بأن الجزيرتين سعوديتان وأنه يقوم بعملية رد للحقوق لأصحابها كما قال أمس الأول فى إفطار الأسرة المصرية، ولكنه لم يطرح السؤال عن أسباب الوصول بالنقاش العام لهذه الدرجة من الاحتقان وأسباب تناقص شعبيته وشرخ الشرعية العميق عقب الإعلان عن هذه الاتفاقية؟ القضية يجب ألا يحيلها الرئيس إلى القناعات والأسئلة الكبرى حول ملكية الجزر، لأن هناك من هو وطنى أيضا وغير مغرض يرى أنها مصرية (وهم الأكثرية)، فالنقاش والأزمة ليست حول من يمتلك الجزيرتين، فهذا نقاش كان يمكن لو لدينا نظام سياسى فيه حد أدنى من الكفاءة أن يصبح نقاشا محترما بلا شتائم ولا تخوين، وتكون لدى الحكومة كما المعارضة خطوط رجعة فى حال ثبت لها أن قناعاتها بخصوص ملكية الجزر غير صحيحة لا أن يقدم الأمر على أنه معد سلفا ومنتهٍ ومطلوب من البرلمان أن يوافق حتى لو كان على حساب حكم قضائى، ومطلوب من الشعب ألا يعارض حتى لو خرج استطلاع الرأى الوحيد من جهة لا يمكن وصفها بالمعارضة وهى مركز بصيرة، وأكد أن 47% من المصريين يرون أن الجزيرتين مصريتان فى مقابل 11% يرونها سعودية، و42% لا يعلمون.

أزمة الجزيرتين ستتفاقم لأن الناس حزينة وغاضبة بجد (حتى لو لم تتظاهر الآن)، ومازال الحكم بكل أسف يناقش الأمر فى إطار القناعات وصحة وأخلاقية موقفه من رد الأمانات لأصحابها لا بأداء نظامه وأجهزته الذى كشف عن أزمة هيكلية فى بنية الحكم لا يرغب أحد فى مراجعتها.

تصويب

جاءتنى هذه الرسالة من الأستاذ الدكتور فتوح الشاذلى بحقوق الإسكندرية تصوب ما كتبته يوم الخميس الماضى عن مسار قضية الجزيرتين فى القضاء الإدارى، أشكره عليها:

الأستاذ الفاضل الدكتور/ عمرو الشوبكى..

بعد السلام والتحية..

أود الإشارة إلى أن محكمة القضاء الإدارى التى أصدرت حكم مصرية تيران وصنافير كانت برئاسة المستشار يحيى دكرورى. أما الحكم الصادر من الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم محكمة القضاء الإدارى الذى طعنت عليه حكومتنا الرشيدة فكان برئاسة المستشار أحمد الشاذلى. وهو الحكم الذى أشرت إليه فى ختام المقال. أى أن الحكم الذى تشير إليه صدر من المحكمة الإدارية العليا وليس من محكمة القضاء الإدارى.

المصدر : صحيفة الأهرام

arabstoday

GMT 04:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تيران وصنافير الكاشفة تيران وصنافير الكاشفة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab