بقلم : عمرو الشوبكي
ما جرى أمس من دهس لمحتفلين مسلمين بعيد الفطر المبارك فى مدينة نيوكاسل البريطانية، وأسفر عن إصابة 6 أشخاص مقلق، خاصة أنه يأتى فى أعقاب حادثة دهس أخرى شهدتها لندن منذ أسبوع فى محيط أحد المساجد الكبرى، وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة عشرة.
لقد فتح تكرار هذا النوع من الحوادث- الذى اخترعه إرهابيون مسلمو الديانة بدهسهم مئات الأبرياء (دهس أبرياء يوم العيد الوطنى الفرنسى فى مدينة نيس بشاحنة ضخمة خلف 85 قتيلا بينهم 10 أطفال) فى مدن أوروبية عديدة- الباب أمام موجة أخرى مضادة قام بها إرهابيون غربيون استهدفوا بدورهم أبرياء مسلمين.
إن دلالة ما جرى فى إنجلترا خطير ومرشح للانتقال إلى عواصم غربية أخرى، وهو يعكس تعمق مشاعر الكراهية لدى قطاع من المواطنين الأوروبيين تجاه المسلمين دفعت بعضهم إلى قتل الناس دهسا، بعد أن ظلوا لعقود طويلة يكتفون بحمل نظرات كراهية واستعلاء بحق المسلمين، أو يمارسون اعتداءات فردية أو تمييزا ضدهم فى الوظائف العامة.
فلقد ظلت العنصرية حاضرة فى أوروبا فى كثير من الأوساط، وعبرت عنها أحزاب وتيارات سياسية، وظل أيضا رفض العنصرية حاضرا لدى تيار غالب من القوى المجتمعية والديمقراطية، وظل الموقف من الأجانب بشكل عام، والعرب والمسلمين بشكل خاص، يحكمه القانون وصندوق الانتخابات وتيارات سياسية تطالب، بالقانون، بطرد مشاريع الإرهابيين من أوروبا وغلق باب الهجرة أمام أى مهاجرين أو لاجئين جدد، خاصة من الدول الإسلامية مثلما فعل ترامب مؤخرا بحق 7 دول إسلامية.
تكرار عمليات الدهس فى بلد مثل بريطانيا (مرتين فى أسبوع واحد) يعكس إقصاء للقانون فى التعامل (ولو رفضا) للعرب والمسلمين، وهذا أمر فى حال تحوله إلى ظاهرة من شأنه أن يهدد جوهر العلاقات القائمة بين الجاليات المختلفة فى هذه الدول ويوسع من دائرة المواجهة لتشمل شرائح مجتمعية أوسع من دوائر الإرهابيين والمتعاطفين معهم.
فتكرار هذا النوع من الحوادث يستهدف نسخ ما جرى من انهيار فى العلاقة بين التجمعات العرقية والمذهبية فى عدد من الأقطار العربية (أحد الأسباب الرئيسية وراء تعقد العلاقة بين السنة والشيعة فى العراق هو تكرار الحوادث الإرهابية التى استهدفت أبرياء من المذهبين) ونقلها لأوروبا، صحيح أن السياق مختلف، ودولة القانون قادرة على تنظيم العلاقة بين التجمعات العرقية وردع المخالفين على عكس بلادنا العربية إلا أن هذا لا يمنع من وجود تحديات جديدة لم تعرفها المجتمعات الغربية من قبل، ومنها تصاعد الهجرة وتأثير الإرهاب الانتقامى الجديد الذى يؤذى المجتمعات والبشر لا فقط الحكومات.
تحتاج بريطانيا إلى إجراءات سريعة وحاسمة فى التمييز بين التسامح الذى عرفه النموذج البريطانى تجاه الأقليات العرقية والدينية المختلفة، والتسامح مع المتطرفين ومشاريع الإرهابيين حتى لا تقدم مبررات جديدة للمتطرفين الأوروبيين بقتل الأبرياء.
الدهس والدهس المضاد خطر لأن المسلمين أصبحوا جزءا من المجتمعات الغربية ولم يعودوا مهاجرين، فهم مواطنون أوروبيون وغالبيتهم الساحقة تعيش بسلام وترفض العنف والإرهاب، وأى خروج على القواعد القانونية التى تحكم العلاقة بين النظم الغربية والتجمعات العرقية المختلفة سيؤدى إلى كارثة حقيقية آثارها ستمتد إلى بلادنا فحاربوا الدهس والدهس المضاد.
المصدر صحيفة المصري اليوم