صورة إسرائيل فى الخارج

صورة إسرائيل فى الخارج

صورة إسرائيل فى الخارج

 العرب اليوم -

صورة إسرائيل فى الخارج

بقلم - مصطفي الفقي

تلعب الدولة العبرية منذ نشأتها دورًا استثنائيا يتسم بالعنصرية والعدوانية وتصدير خطاب الكراهية تجاه الشعب الفلسطينى دون تفرقة أو تمييز، وتعتنق دائمًا مبدأ العقاب الجماعى وتعميم الجزاء على السكان المدنيين والشعب الأعزل حتى قتلت فى حرب غزة الأخيرة ما يقترب من تسعة آلاف طفل وطفلة كى يسجل لها فى موسوعة التاريخ البشرى أنها ارتكبت أفدح الجرائم، وضربت الشرعية الدولية فى مقتل وانتهكت حقوق الإنسان على نحو لم يشهد له التاريخ المعاصر مثيلا، كما طوقت إسرائيل عنقها بدماء أهل دير ياسين وشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا وغيرهما من المجازر التى انفردت بها فى العقود الأخيرة، لكى تلطخ المقدسات فى حملة اجتراء غير مسبوقة للنيل من كرامة الشعب الفلسطينى والاستهانة بكل قيم الإنسانية والأعراف المستقرة، والذى لفت نظرى حاليًا وشد انتباهى على نحو لم يكن واردًا هو تكريس سياسة ازدواج المعايير والكيل بمكيالين حتى أفضى كل منهما إلى حالة من خلط الأوراق لم نر لها نظيرًا من قبل خصوصًا فيما يتصل بالتعميم بين الكفاح المسلح المشروع والعمل الإرهابى المرفوض، بل إننى أزعم هنا أن الإرهاب فى القرن العشرين وما بعده هو نتاج للحركة الصهيونية والعنف الذى قامت به والشطط الذى اعتمدت عليه، وكثيرا ما كان يدهشنى حين تتوثق علاقتى بأحد الدبلوماسيين الغربيين ممن ينتمون إلى دول داعمة لسياسات إسرائيل الاستيطانية ونزعتها العنصرية فإذا بكثير منهم فى لحظات صحوة الضمير وصفاء النفس يظهرون تعاطفهم الكامن مع الشعب الفلسطينى ورفضهم التعنت الإسرائيلى، وشعورهم بأن الدولة العبرية تعاقب الفلسطينيين لجرائم النازية التى وقعت على اليهود، بل إنه ليس من قبيل المبالغة أن نقول إن هولوكوست غزة ٢٠٢٣-٢٠٢٤ سوف يبقى فى الذاكرة الإنسانية مصدر فزع ودليلًا دامغًا على روح العدوان الكامنة فى جوهر الحركة الصهيونية، إن صورة إسرائيل فى الخارج ليست هى تلك الصورة الظاهرية التى نراها فى أجهزة الإعلام الغربى وأدواته المؤثرة، إنها شىء يختلف عن ذلك كثيرًا، فالإنسانية التى بلغت سن الرشد منذ الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ها هى اليوم تتراجع أمام الصفعات الإسرائيلية والهجمات العدوانية التى تمارسها تلك الدولة فى وقت بدأت تلوح فيه بوادر لاحتمالات التعايش المشترك ومحاولات بعض الدول العربية اتخاذ التطبيع طريقًا لمستقبل المنطقة، متمسكين فى الوقت ذاته بثوابت القضية الفلسطينية وحق ذلك الشعب المظلوم فى استعادة وطنه والتمسك بأرضه فى ظل دولة مستقلة ذات عاصمة فى القدس الشرقية، ولعل أكثر ما يثير الحزن ويحرك اللوعة ويؤلم النفس البشرية هو ذلك التأييد الأعمى من بعض الدول الغربية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، دعمًا لإسرائيل بالمال والسلاح وآلة الإعلام العصرية حتى اختلط الحابل بالنابل وكادت تضيع بعض الحقوق، إن صورة إسرائيل أمام العالم هى صورة (الشخص الفتوه) الذى يضرب هنا وهناك ويعتمد على الفزع لدى الآخرين وترويع الآمنين وإشعار الجميع بأنه لا حدود له ولا رادع لتصرفاته حتى تحول الإرهاب إلى صناعة إسرائيلية واختفت العدالة من المجتمع الدولى أمام الانحياز المطلق لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطينى ومشاعر أشقائه إقليميًا ودوليًا، وهنا أستأذن القارئ فى ثلاث ملاحظات:

أولا: إن الاعتراف الكامل ببسالة الشعب الفلسطينى ونضاله المتواصل منذ أمين الحسينى مرورًا بأحمد الشقيرى وصولًا إلى ياسر عرفات، توضح فاتورة الدم التى دفعها الشعب الفلسطينى فى ظل أقصى الظروف وأصعب الأوقات.

ثانيا: إن صورة إسرائيل قد أهتزت كثيرا بعد أحداث غزة الأخيرة، وسقطت أسطورة جيش الدفاع الذى لا يقهر، لأن ماجرى فى السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ كان صفعة على وجه إسرائيل وبصمة سوداء فى تاريخها كله، لذلك نحن نؤيد من يقول إن الأحوال بعد حرب غزة لن تكون هى ذاتها التى كانت قبلها، فالعالم تغير والروح تحولت والإحساس بالسطوة الإسرائيلية لم يعد قائمًا، فالدولة العبرية التى انكشفت حقيقتها للعالم فى السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ هى نفسها الدولة التى زال الخوف منها فى السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣.

ثالثا: إن الرأى العام العالمى الذى يعبر عن الشعوب والمجتمعات وليس الحكام والحكومات لن ينسى أبدًا ما جرى ولن يتراجع تحت أى ظرف قادم، لأن ما جرى تم تصويره صوتًا وصورة، فالتقدم التكنولوجى الكاسح جعل مشاهد الحرب أشبه ما تكون بحلقات للتلفزة أو بمسلسلات يومية نشاهد فيها الدماء التى سالت والأشلاء التى تقطعت ونسمع أنين المرضى ونحيب الثكالى لنعرف حجم المأساة الإنسانية التى تعرض لها هذا الشعب الباسل الذى لم يبخل على وطنه بشىء يملكه.

إن صورة إسرائيل فى الخارج مهتزة إلى حد كبير، ولا بد أن يكون هناك «طوفان للغضب» العربى لا يقل فى شدته عن طوفان الأقصى كما أن الجهد الدبلوماسى المطلوب عربيًا هو ضرورة للوصول إلى وجدان الشعوب وضمائر الأمم الأخرى لأن حرب غزة هى حرب كاشفة وليست منشئة، فالعدوان الإسرائيلى معروف، وجرائم نيتانياهو ليست جديدة، وانتصار الشعب الفلسطينى يبدأ خطواته الأولى باعتراف دولى كاسح بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطينى العظيم.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة إسرائيل فى الخارج صورة إسرائيل فى الخارج



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab