بقلم : مشاري الذايدي
من الأهداف العميقةِ الدائمة الأثر، للأيام الوطنية، هو إنعاشُ الفضول الإيجابي حول هذه المناسبة، مثلما هو الحالُ في ذكرى نصر أكتوبرَ في مصر، أو ذكرى الاستقلال في أميركا، أو ذكرى إنزال النورماندي بالنسبة للعالم الغربي، وغير ذلك من الأيام.
هذه الأيام تعيش السعوديةُ احتفالاتِ ذكرى «يوم التأسيس» وهي ذكرى - مثلما ذكرنا بالأمس - من أحدث المناسبات في الجدول الزمني السعودي، تُعدُّ دالّة على «أقدم» لحظة تاريخية «رسمية» مُعتمدة، لأنها معنيّة بتخليد العمق الزمني لهذه الدولة العريقة، 300 عام تقريباً، بالنظر إلى لحظة تولّي جدّ الأسرة الملكية مقاليد الإمارة في الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى.
لذلك نقف قليلاً عند هذا الاسم، ضمن ومضات التأمل في هذه المناسبة، أعني اسم الدولة السعودية، واسم السعوديين.
هذا الاسم مزدوج الدلالة، فهو يشير للأسرة الملكية نفسها، آل سعود، وهو كذلك يشير لشعب هذه الدولة، والمماهاة بين اسم الأسرة الحاكمة واسم الدولة قديمٌ ومنتشرٌ في أكثر من فضاء جغرافي وثقافي (الدولة العثمانية والجنسية العصمنلية في أخريات زمن الدولة مثلاً) وليس هذا موضع الإفاضة في ذلك.
في ملاحظة حصيفة ذكر المؤرخ السعودي د. راشد العساكر، في مقابلة له مع هذه الصحيفة، أن المؤرخ النجدي، حمد بن محمد بن لعبون، الذي توفي عام 1844م، ذكر في مقدّمة كتابه التي دوّنها بعد أن طلب منه أحد الأشخاص كتابة تاريخ للمنطقة فقال: «... أن أجمع له نبذة من التاريخ تُطلعه على ما حدث بعد الألف من الهجرة من الولايات والوقائع المشهورة من الحروب والملاحم والجدوب وملوك الأوطان، خصوصاً في الدولة السعودية الحنفية».
كما أشار د. راشد إلى ما ذكره أحد علماء نجد، وهو الشيخ أحمد بن عيسى والمتوفى في عام 1329هـ - 1911م، عن بعض الأحداث التاريخية ضمن أوراقه المدونة عام 1302هـ - 1885م بقوله: «إن مُلك هذه البلاد النجدية منذ القدم بيد بني حنيفة وزعمائها هوذة الحنفي، وثمامة الحنفي، وأن من سلالتهم الأسرة السعودية، التي أخلص لها الناس والشعب والرعايا».
وخرج الأستاذ العساكر بخلاصة مفادها أن ظهور اسم الدولة بـ«السعودية» بدأت بواكيره ربما في النصف الثاني من الدولة السعودية الأولى، خلال عهد الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود 1803م - 1814م.
فضلاً عن الشواهد الأخرى من سعوديين وغير سعوديين، وعرب وغير عرب، ومسلمين وغير مسلمين، حول قِدم هذا الوصف في المصادر التاريخية.
هذه - مثلاً - من فوائد إنعاش الفضول الإيجابي للتأمّل في مناسبة كهذه المناسبة، وقد قال الأول:
اقرأ التاريخ إذْ فيه العِبَر
ظلَّ قومٌ ليس يدرون الخبَر!