كارثة التسويق السياسى

كارثة التسويق السياسى

كارثة التسويق السياسى

 العرب اليوم -

كارثة التسويق السياسى

بقلم - عماد الدين أديب

مثل كل مجتمعات الدنيا على مر التاريخ.

لدينا فى عالمنا العربى إيجابيات وسلبيات.

مشكلتنا أننا لا نصارح أنفسنا بسلبياتنا، وهذه مشكلة، أما المشكلة الأخرى التى لا تقل خطورة هى أننا لا نعرف كيفية تسويق ما لدينا من إيجابيات.

قد نفهم لماذا هناك إشكالية كبرى فى مصارحة النفس والمجتمعات بالكشف عن الأخطاء والسلبيات، ولكن الأمر المذهل الذى يكاد يفقد أى إنسان كامل العقل صوابه هو لماذا لا نقوم بتسويق إيجابياتنا؟.

وحتى لا أُفهم بشكل خاطئ، فأنا هنا لا أتحدث عن تزوير الحقائق أو تسويق كوارث سياسية أو خيبات أمل اجتماعية أو عمليات فشل اقتصادية ومحاولة بيعها إلى شعوبنا على أنها أعظم الإنجازات.

أبداً والله، ليس هذا قصدى، لكننى أتحدث عن تسويق إنجاز حقيقى، تم على أرض الواقع، يمثل قصة كفاح ونجاح تحققت، تشير إلى تخطيط ورؤية وكفاح القائمين عليها بمقاييس العلم الحديث ومعدلات الكفاءة العالمية، وبالأسعار والتكاليف المنطقية، وبشفافية دون فساد أو إفساد.

إذا تحقق لنا ذلك لماذا لا نعلن عنه ونروّج له، ونسوّق نجاحاته إلى الرأى العام والعالم.

وكما يقول المثل الأمريكى «لا شىء ينجح مثل النجاح».

إن إشاعة حالات النجاح الحقيقى وسط نفوس الناس، هى خير تحصين للرأى العام ضد حالات الإحباط الوطنى التى تؤدى إلى فقدان تماسك المجتمع والشعور بعدم الرضا الذى يؤدى -حتماً- إلى الرفض والتظاهر والفوضى والتخريب، لأن المواطن يفقد إيمانه بأى أمل فى الإنجاز ويصاب بحالة من اليأس الكامل فى أن اليوم أفضل من الأمس، وأن غداً أفضل من اليوم.

بدأ أول تفكير فى التسويق السياسى عند ظهور أدوات الإقناع السياسى فى عصور فلاسفة اليونان وخاصة فى عهد الفيلسوف أرسطو، ثم تطور هذا التفكير فى عصور النهضة الأوروبية، وانتبه إليه بقوة المفكر السياسى الداهية ميكافيللى.

وكان الرئيس الأمريكى أيزنهاور هو أول من استخدم وسائل الاتصال السياسى من خلال اكتشاف جهاز التليفزيون وتطور تقنيات إرساله الذى بدأ يغطى جميع الولايات والمناطق الأمريكية.

والآن نحن نعيش فى عصر أصبحت تحكمه 3 حقائق رئيسية:

1- أن القوة الحقيقية هى قوة المعلومة.

2- أن المعلومة دون تقنية فعالة وحديثة تستطيع النقل والبث والتواصل والتفاعل، لا معنى لها.

3- أن الحدث اللحظى لا بد أن ينقل بالكلمة والصوت والصورة مباشرة بشكل لحظى.

من هنا أصبح الأمر المؤكد أنه كلما استطعت أن تقوى الانطباع لدى الرأى العام حول قضية ما، تحولت المسألة إلى حقائق بصرف النظر عن مدى صدق أو كذب الوقائع.

الانطباع الذى يتم تسويقه بكفاءة ونجاح يصبح حقيقة حتى لو كان كذباً.

الانطباع الذى نفشل فى تسويقه حتى لو كان صدقاً وحقيقة، يصبح أكذوبة فى أذهان الرأى العام.

إن المعركة الحقيقية التى نحياها الآن هى الفارق الجوهرى بين حقائق الأمور على الأرض وبين كيفية تسويقها فى وسائل الإعلام والتواصل.

يتحدثون عن حرب ظالمة فى اليمن لأننا لم ننجح حتى الآن فى الإجابة عن سؤال: لماذا دخلنا هذه الحرب؟

يريدون الإساءة لمحور التحالف العربى المعتدل لأننا حتى الآن لم ننجح فى شرح حقيقة مخاطر تيار الإرهاب التكفيرى، ومشروعات التخريب التى نتعرض لها.

معركتنا الحالية والمقبلة كانت وما زالت وستظل فى خندق التسويق السياسى.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارثة التسويق السياسى كارثة التسويق السياسى



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab