كيف يمكن أن نفهم سياسة إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجاه المنطقة الآن، وغداً؟
سؤال مباشر وبسيط، لكن إجابته معقدة وصعبة.
هنا لا بد من التفرقة بين «الثابت» فى السياسة الأمريكية و«المتحول»، وهو «تقلب» سياسة الرئيس ترامب.
ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة كانت تعتمد على المبادئ والمصالح العليا التالية:
1 - ضمان أمن دولة إسرائيل من جيرانها فى المنطقة.
2 - مواجهة نفوذ ومصالح القوى المناهضة أو المعادية، فى السابق كانت الشيوعية، والآن: إيران وروسيا والصين.
3 - ضمان أسعار الطاقة وتأمين مرورها ونقلها إلى المستهلك النهائى.
4 - اعتبار المنطقة أكبر مستورد للسلع والبضائع والسلاح الأمريكى.
5 - مواجهة الإرهاب التكفيرى وكل وكلاء القوى المعادية لأمريكا فى المنطقة.
أما المتغير فى عهد إدارة «ترامب» فهو يقوم على الآتى:
1 - اعتبار إسرائيل -وحدها- دون سواها الحليف الأساسى والأول لأمريكا.
2 - اتخاذ قرارات لا تضع اعتباراً للمصالح العربية ولا المقدسات الإسلامية، مثل التجرؤ على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ومحاولة تسويق مشروع شيطانى هو «صفقة القرن».
3 - التعامل مع الحلفاء من منطق الربحية المادية فحسب دون أى اعتبار سياسى أو حساب أى ميزان استراتيجى، بمعنى «الزبون غير المربح مادياً لا قيمة له» (!).
إنه منطق «المقاول» الذى يدعم المشاريع التى تدر دخلاً ويعطى ظهره تماماً للمشروعات الخاسرة!
هنا نأتى لأخطر نقطة أستطيع أن أؤكدها على مسئوليتى الكاملة وهى أن إدارة «ترامب» اتخذت قراراً خطيراً بترك المنطقة وأمنها لسكانها يتقاتلون حولها فى ما بينهم سواء كانت حروباً عربية - عربية أو حروباً بالوكالة، أو حروباً بين العرب من ناحية والأتراك أو الإيرانيين من ناحية أخرى.
وحدها إسرائيل هى التى تعنى الولايات المتحدة!
لذلك، فإن كل عملية عسكرية إسرائيلية فى سوريا أو غزة أو أى هدف تختاره فى المنطقة تخضع للرضاء والغطاء والتأمين والدعم الكامل من واشنطن.
العالم العربى جزء من المقايضة و«سايكس - بيكو» الجديدة بين الأمريكان والروس.
لم يعد العرب مصدراً للربح الاستراتيجى بمفهوم «ترامب»، لذلك علينا أن نعانى وندفع الثمن.