حفرة الأسد

حفرة الأسد

حفرة الأسد

 العرب اليوم -

حفرة الأسد

بقلم : وليد شقير

يتأرجح بشار الأسد وصحبه بين إيران وبين روسيا. ينام على اطمئنان إلى أن موسكو لن تتخلى عنه، لأن «الشعب السوري يقرر مصيره»، ثم يستفيق على أنباء عن أن الروس يناقشون مسألة إزاحته من السلطة، تارة مع الأميركيين وأخرى مع السعوديين وثالثة مع الفرنسيين.

يطرب لسماع جون كيري يقول إن لا بد من الإفادة من نظامه لمحاربة «داعش» والإرهاب، فيبدي استعداداً للتعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، ثم تنتكس معنوياته عندما يقول الأميركيون باستحالة بدء العملية الانتقالية وفق القرار الدولي 2254 وبيان جنيف في ظل وجود الأسد.

يرفض التوافق الأميركي الروسي على تقديمه التنازلات حتى تنطلق العملية السياسية، منتشياً بالنجاحات التي حققتها الجيوش والميليشيات التابعة له وللإيرانيين بفضل الطيران الروسي، فيطلب «المزيد من الانتصارات»، لكنه ينتكس ويتراجع إزاء الإعلان الروسي سحب جزء من القوات من سورية، لأن موسكو لا تنوي خوض الحرب على كل أراضي بلاد الشام، ولأنها خطوة تهدف من بين أهداف عدة، إلى إفهامه أن لا مجال لكسر التوافق الدولي، فيتأزم نفسياً ومعه الحلقة الضيقة المحيطة به، ويعود للارتياب بما ينويه القيصر. ثم يسترجع خياره الأول بأن الدعم الإيراني له هو البديل الفعلي الذي يتغنى به المحيطون به، وبأنه يعوض عن أي تخلّ روسي محتمل نتيجة صفقة ما مع الأميركيين. وبين الخيارين، لا يتردد الرجل المنفصل عن الواقع منذ بداية الأزمة في بلاده والذي قاده انفصاله هذا إلى تدميرها وجعلها ملعباً للصراع الإقليمي والدولي، في التواصل عبر موسكو وغيرها، مع الإسرائيليين، لعلهم يفيدونه في إزاحة كابوس الارتياب.

يتوهم أن استرجاع قواته و «حزب الله» والطيران والقوات الخاصة الروسيين، مدينة تدمر من «داعش» سيعيد تشريع وجوده في الحكم، وينقله إلى التحالف الدولي لمحاربة «التنظيم»، متجاهلاً أن الحيل التي استعملها قبل 10 أشهر من أجل تسهيل استيلاء «داعش» على المدينة الأثرية كان هدفها إحداث دوي عالمي لرمزيتها، مثلما كان لهذا الدوي فعاليته عند استرجاعها، على رغم كل ما قيل عن أن «داعش» قاتل صورياً فيها ثم انسحب وسلّمها للنظام مثلما كان الأخير سلّمه إياها.

من الطبيعي أن تتنازع الرجل إرهاصات الانتماء إلى محور الممانعة ومحور الشر في الوقت ذاته، مع الانفتاح بين الفينة والأخرى على إسرائيل، لإرضاء وهم البقاء. لكنه حفر بنفسه الحفرة التي سيقع فيها.

وإذا كانت موسكو سحبت جزءاً من قواتها من أجل الضغط على الأسد كي ينسجم مع الاتفاق الدولي على العملية السياسية، فإنها على عكس الانسحاب زادت من عتاد وعديد أقل كلفة عليها لمواصلة إدارة الهدنة، للتأكيد أن الانسحاب الجزئي لا يعني فتح الطريق لخصوم الأسد نحو دمشق، تناغماً مع مبدأ الحفاظ على الجيش ومؤسسات الدولة (وهو عنصر توافق رئيس مع واشنطن). لكنها لا تقبل أن يستذوق الأسد العودة إلى وضع اليد على قطعات في الجيش كانت موسكو عند دخولها الميدان العسكري المباشر أجرت تعديلات في تركيبتها فباتت مرجعيتها قاعدة «حميميم» (الروسية) بدلاً من الأسد نفسه. وكان من بين مظاهر الانزعاج الروسي محاولة ماهر الأسد إعادة ضباط طلب الروس إبعادهم منذ ما قبل أيلول (سبتمبر) الماضي فجرى إبعاده هو إلى هيئة الأركان.

فقد الأسد جزءاً من سلطته أمام الإيرانيين في السنوات الثلاث الماضية حين قبل بإمساكهم مفاصل مهمة في الميدان وعملية التغيير الديموغرافي لبعض المناطق، ثم خسر جزءاً منها في حقبة التدخل الروسي. وإذا كان سيسعى بعد الآن إلى تصدر الحرب على «داعش» بذريعة الحاجة الدولية إليه للقضاء على الإرهاب، فإنه سيفقد ما تبقى له من مبرر للوجود، طالما أنه افتعل مع الإيرانيين معادلة «إما الأسد وإما داعش»، فالتخلص من «الدولة الإسلامية» في شرق سورية بالتناغم مع تحرير الفلوجة ونينوى في العراق، سيفقده هذه الورقة التي لعبها الروس والإيرانيون لأهداف أخرى، وسيضعه وجهاً لوجه مع المعارضة السورية التي نشأت فقط ضد استبداد نظامه وإجرامه الأعمى.

وبمقدار ما يعتقد الأسد أن دعوته إلى الانتخابات في 13 نيسان تمدد بقاءه وشرعيته في السلطة، فإن الامتعاض الروسي منها لمخالفتها قرار مجلس الأمن، لا يعني سوى إدراك موسكو أنها محاولة لاستعادة بعض من السلطة منها هي أيضاً.

قد يستند رفضه أول من أمس الهيئةَ الانتقالية إلى دعم إيران، لمعاندة الحل السياسي، لأن البازار معها لم يُفتح. فهل يدفع ذلك موسكو إلى القبول بقرار جديد تحت البند السابع كانت رفضته عند صوغ القرار الحالي؟

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حفرة الأسد حفرة الأسد



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab