مناطق آمنة للدول أم للسوريين

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

 العرب اليوم -

مناطق آمنة للدول أم للسوريين

بقلم : وليد شقير

مضحك مبك أن يطالب وفد المعارضة السورية في مذكرته إلى اجتماعات آستانة، بأن تنسحب قوات النظام السوري إلى حدود 30 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أي تاريخ بدء سريان وقف النار الذي رعته روسيا مع إيران وتركيا، والذي استولد اجتماعات الأربعة في العاصمة الكازاخية.

فور توزيع مذكرة فصائل المعارضة المسلحة بمطالبها إلى الدول الضامنة لوقف النار، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي سخرية، نظراً إلى التشبيه المأسوي بالمطالبة العربية بالانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967.

وفيما قصدت الفصائل المعارضة وقف الخرق الواضح من قبل النظام لوقف النار واستعادة المساحات الجغرافية التي احتلها في ظل الوقف الهش للنار، فإن السخرية السوداء حول هذا المطلب، تخفي ما هو أدهى في اجتماعات آستانة التي انعقدت على وقع مسودة المقترحات الروسية التي طرحت قيام 4 مناطق سميت «مناطق تخفيف التصعيد». وهي محافظة إدلب شمال حمص، الغوطة الشرقية، وجنوب سورية. لا يشي الطرح الروسي إلا بأنه يرسم حدوداً لبعض مناطق النفوذ الراهنة في «سورية المفيدة»، بين المعارضة والنظام، تتولى مراكز مراقبة دولية الإشراف على خطوط التماس بينها، مع ما يعنيه ذلك من إمكان استئناف الاشتباك بينها، على رغم أن المقترحات صيغت باسم تثبيت وقف النار.

ومع أن موسكو اكتفت بتسريب «المقترحات» ولم تتبنها إلا الأربعاء، بعد اتصال فلاديمير بوتين بدونالد ترامب، فإن توزيعها المناطق على هذا الشكل، ترك مناطق أخرى لمصيرها، مثل الشمال، حيث يوجد الأتراك والأكراد والأميركيين (شرق الفرات)، و «الجيش السوري الحر» وفصائل إسلامية، و «داعش» و «جبهة النصرة»، والرقة ودير الزور، وحمص وشمالها وحلب وغربها (حيث القصف مستمر)، ودمشق ومحيطها والمناطق المحاذية للبنان (من الزبداني إلى القصير) حيث يوجد «حزب الله» وإيران وسائر ميليشياتها المتعددة الجنسيات. هذا يعني أنها تسلم بالسيطرة عليها للفرقاء الخارجيين والمحليين الآخرين. أما ضم الجنوب إلى المناطق الآمنة فهدفه إبعاد إيران تطمينا لإسرائيل. وبعدما كان التعاون الروسي الأميركي في عهد باراك أوباما لا يتعدى «إدارة الحرب السورية»، بات الآن «إدارة تقاسم النفوذ» في سورية المفيدة، إلى أن يتفق بوتين مع ترامب.

توحي موسكو باستعدادها لملاقاة واشنطن حول طرح دونالد ترامب «المناطق الآمنة» منذ 4 أشهر، وتحوله خياراً بعدما تناوله فلاديمير بوتين في مكالمته مع الرئيس الأميركي الأربعاء، والذي أعقبه الرئيس الروسي بتصريحه أمس أثناء لقائه رجب طيب أردوغان، بأن الفكرة «تحتاج إلى مزيد من العمل». لم يظهر هذه المرة سيرغي لافروف ليستخدم براعته الديبلوماسية في استبعاد المناطق الآمنة، كما جرت العادة حين كرر أردوغان والمعارضة ودول الخليج العربي طرحهم في السنوات الماضية. كان هدفه إبقاء اليد العليا لطائراته كي تقصف وتقتل وتدمر.

استبق بوتين وضوح نيات واشنطن، ونسب «تبلور» مبادرته إلى «مناقشة المشاكل الحساسة للأزمة مع الشركاء في تركيا وإيران وداخل سورية نفسها». تنكّر لصدورها عن ترامب والآخرين، وترك غموضًا عندما ربط نجاحها بحظر جوي، مشترطاً لتحقيقه وقف النار على الأرض، فيما الحظر الجوي هدفه وقف وحشية النظام عبر البراميل المتفجرة واستخدام الكيماوي من الجو. في انتظار اتضاح الألغام التي زرعها الكرملين أمام عملية التطبيق، أنقذت موسكو صيغة آستانة، التي كاد إخراج الأميركي أنيابه في مطار الشعيرات يقضي عليها بصفتها إطاراً يتحكم به الدب الروسي. رمت الطعم لإيران وتركت المناطق التي تقع تحت نفوذها معلقة، محتفظة بالموقف من وضعها العسكري اللاحق في حال جرى تثبيت مناطق النفوذ الأربعة، فطهران ليست مستعدة لتسهيل مشاريع الحلول التي يمكن أن يتفق عليها حليفها الروسي مع خصمها الأميركي الذي يلح على خروجها و «حزب الله» من سورية. وطهران، مثل موسكو، تسابق على طريقتها المناطق الآمنة الأميركية، وتسعى إلى حماية الرقعة التي شاركت بشار الأسد في إحداث تغييرات ديموغرافية فيها. والحزب سعى إلى إعادة نازحين في لبنان إلى بعض مناطقهم المحاذية للحدود، لتصبح مناطق إيرانية آمنة. وكل هذا يفسر إبقاء واشنطن على مقعدها بصفة «المراقب».

الأهم في المبادرة الروسية نصها على نشر وحدات عسكرية تابعة لدول مراقبة، وهو أول إيحاء بالموافقة الروسية على إرسال قوات دولية من دون نشرها يستحيل ولوج الحل السياسي جدياً. وهذا يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن يسبقه اتفاق أميركي لن يصدر إلا بعد أن يتأكد من أن النقاش الحاصل في بعض الدوائر المغلقة بحثاً عن بديل للأسد، بعد نقله إلى «بلد آمن» مع بعض حاشيته، انتهى إلى نتيجة.

المصدر : صحيفة الحياة

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مناطق آمنة للدول أم للسوريين مناطق آمنة للدول أم للسوريين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab