ما بعد حلب وتنافس الحلفاء

ما بعد حلب وتنافس الحلفاء

ما بعد حلب وتنافس الحلفاء

 العرب اليوم -

ما بعد حلب وتنافس الحلفاء

بقلم : وليد شقير

وحدها حلب المنكوبة لا تنتظر دونالد ترامب مثلما يفعل سائر قادة العالم الذين يترقبون أن تتضح سياسات الرئيس الأميركي وتركيبة إدارته لقراءة توجهاته.

على العكس، المطلوب حسم المعركة في العاصمة الاقتصادية لسورية، قبل تسلم ترامب مهماته في 20 كانون الثاني (يناير) لتصبح السيطرة عليها من تحالف روسيا -إيران - بشار الأسد والميليشيات المتعددة الجنسية أمراً واقعاً في أي تفاوض مفترض مع البيت الأبيض، يتجاوز اتفاقات هشة صاغها جون كيري مع سيرغي لافروف على وقف الأعمال العدائية، وتأمين المساعدات للمحاصرين. فهؤلاء نزحوا، إما إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام ليمارس عليهم أبشع أنواع الابتزاز، أو إلى المناطق التي تسيطر عليها «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من واشنطن والتي ساهمت مع النظام في حصار المدينة منذ أشهر، أو إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات «درع الفرات» التي ترعاها أنقرة في الشمال، حيث ضمنت منطقة «آمنة» لقطع التواصل بين المنطقتين اللتين تتواجد فيهما القوات الكردية.

كذّبت الحقائق حديث ستافان دي ميستورا عن خلاف مزعوم بين فلاديمير بوتين والأسد، بأن الأول لا يريد تدمير حلب والثاني ينوي اقتحامها. يكفي ابتهاج الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنيكوف بأن «الجنود السوريين تمكنوا من تغيير الوضع على الأرض في شرق حلب في شكل كبير بفضل العمليات المخطط لها بتأنٍ وفي شكل جيد جداً»، من أجل الاستنتاج أن موسكو تقول شيئاً وتفعل نقيضه. فهي التي نفذت قبل شهر حملة قصف هستيري على المدينة لإخراج المستشفيات كافة ومراكز الإغاثة من الخدمة، وإنهاك سكانها والمعارضة تمهيداً لاقتحامها من القوات الأسدية والإيرانيين والميليشيات، ولتفريغها من المدنيين. تضفي موسكو في كل مرحلة من الحرب التي انخرطت فيها منذ صيف 2015 طابعاً إنسانياً على دورها فترعى التهجير تحت عنوان فتح الممرات لتوصيل المساعدات إلى النازحين الذين سبق أن قتلت منهم قذائفها الارتجاجية الآلاف.

وهي استفادت من اتفاقها مع تركيا التي طلبت من مقاتلي المعارضة الانسحاب من بعض شرق حلب.

يكفي النظر إلى المناطق التي توزع عليها عشرات آلاف النازحين من نصف شرق حلب الذي احتله النظام، للاستنتاج أن هؤلاء باتوا رهينة تقاسم نفوذ على أرضهم بين النظام وتركيا والأكراد، فيما جزء كبير من المواطنين السوريين في ضواحي دمشق نقلوا إلى إدلب ليكونوا تحت نفوذ «جبهة الفتح» و «فتح الشام» (النصرة)، وقد ينضم إليهم بعض من بقي في شرق حلب الذي ينوي النظام احتلاله، قبل 20 كانون الثاني تمهيداً لجعل إدلب غروزني أخرى.

اكتمال تقاسم النفوذ ينتظر معركة مدينة الباب التي تتنافس عليها تركيا مع القوات الكردية، المدعومة أميركياً من جهة، والتي تنسق حركتها الميدانية مع نظام الأسد، من جهة ثانية. فتحرير الرقة من «داعش» مدخله الإمساك بالباب. إلا أن إنهاء «داعش» في الرقة بات الموضوع الذي تنتظر موسكو المساومة عليه مع ترامب الذي يعطيه الأولوية على أي أمر في سورية. آخر همّ ترامب مصير الأسد والمعارضة وحلب. أما روسيا فتترك القضاء على «داعش» في الرقة، للمقايضة مع الإدارة الأميركية، لأن همها تكريس أحادية إدارتها بلاد الشام عسكرياً وسياسياً والتحكم بمصير النظام. ويتقدم لدى الكرملين إنهاء وجود المعارضة في إدلب، على إنهاء «داعش» في الرقة.

في انتظار ترامب، أخذت تظهر بوادر التنافس بين الحلفاء على جثة سورية المفككة، تحضيراً لمرحلة ما بعد حلب، فيما تقف دول الغرب صفر اليدين حيال ما ستكون عليه خططها بعد انتصار النظام.

النظام يسعى إلى توحيد ما تبقى من ميليشيات ترك لها مهمات النهب والقتل العشوائي، في «الفيلق النوعي» الجديد، مع رواتب خيالية لزيادة عديد قواته حتى يتمكن من بسط سيطرته على أراض حررها الإيرانيون وحلفاؤهم، وسط تبرم من أخذ «حزب الله» راحته في التمدد وإقامة العرض العسكري في القصير.

موسكو استبقت إمكان إعادة إعمار بعض المناطق التي عادت إلى كنف النظام باتفاقات مع الدولة السورية على امتيازات في قطاعات النفط والغاز والنقل والمياه، لتضمن أي عقود عن طريقها مستقبلاً.

إيران تواصل شراء العقارات في سياق استحداث خريطة ديموغرافية جديدة، وتثبيت انتقال عائلات حصلت على الجنسية السورية في مناطق محاذية للبنان وفي محيط دمشق.

المسرحية المبكية المقبلة، قد تكون تشكيل موسكو حكومة جديدة للإيحاء بأنها تهيّء لحل سياسي، بعيد المنال.

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد حلب وتنافس الحلفاء ما بعد حلب وتنافس الحلفاء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab