عودة إلى «الترويكا» في لبنان

عودة إلى «الترويكا» في لبنان؟

عودة إلى «الترويكا» في لبنان؟

 العرب اليوم -

عودة إلى «الترويكا» في لبنان

بقلم : وليد شقير

تدور الاتصالات على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة حول موازين القوى والحصص في السلطة التنفيذية، بعد أن جرى تعطيل هذه السلطة وشلّها لمدة تناهز السنتين ونصف السنة.

لم يكن الشغور الرئاسي في لبنان إلا وسيلة لتعليق عمل هذه السلطة ودورها في انتظار إعادة تشكيلها وفق ميزان للقوى يناسب الفرقاء الذين عطلوا انتخاب الرئيس. ولذلك مُنع الجهاز التنفيذي في الدولة، أي مجلس الوزراء، من اتخاذ القرارات ومن الاجتماع أحياناً. ووجب أيضاً الحؤول دون سن مجلس النواب القوانين ودون اجتماعه سوى مرتين.

في التركيبة الطائفية اللبنانية جرت ترجمة ذلك بأن الفريق المسيحي الأقوى لم يقبل بأن يمارس الموقعان الإسلاميان، السنّي في الحكومة والشيعي في البرلمان، دورهما إذا لم يسلم الجميع برئاسة الجمهورية للفريق الأقوى لدى المسيحيين. وهذا ما حتم تضامن الفريق الشيعي الأقوى (حزب الله) المطلق، مع الفريق المسيحي في شأن مطلبه في الرئاسة الأولى. لكنه تضامن معه جزئياً حول توجهاته في شل عمل الحكومة، وتبرم من تعطيل البرلمان أيضاً، وكان أقرب إلى اعتراض رئيسه نبيه بري على شل السلطة التشريعية التي تتولى قيادتها الطائفة الشيعية.

لم يتم الخروج من الحلقة المفرغة إلا بالمخاطرة الكبرى التي قام بها ممثل الفريق السني الأقوى سعد الحريري، باتفاقه مع العماد عون على الرئاسة. وهو ما جعل الثنائي الشيعي الأقوى يرتاب من توافق الثنائي المسيحي- السنّي على إنهاء الشغور. فالثنائي الشيعي استطاع التحكم بفترة الشغور، تارة بحكم تحالف ركنه الأقوى مع العماد عون، وأخرى عن طريق كبح جموح هذا الحليف نحو تعطيل التشريع أسوة بشل الرئاستين المعنيتين بالسلطة التنفيذية.

مبادرة الحريري التي أنقذت لبنان من الفراغ، عالجت إلى حد كبير الشعور المسيحي بالتهميش والإحباط الذي ساد الساحة المسيحية منذ اتفاق الطائف، الذي خسر المسيحيون عبره جزءاً من صلاحيات الرئاسة بسبب الحرب الأهلية والاحتراب بين قواهم العسكرية أواخر الثمانينات، ثم بفعل أرجحية الهيمنة السورية على السلطة، والتي أبعدت أقطاباً من المسيحيين عن القرار، بالتعاون مع قادة المسلمين. وهي مبادرة أعطت الحريري، الأقوى سنياً، رصيداً مسيحياً يزيل عنه تهمة الحؤول دون أخذ الطوائف المسيحية «حقوقها المسلوبة» كما سماها عون وفريقه، ودورها المفترض في السلطة، بحيث يعود إلى رئاسة الحكومة متحرراً من هذه التهمة.

لكن مبادرة الحريري هذه لم تعالج مسألة الدور الشيعي في السلطة التنفيذية المستند إلى فائض قوة السلاح، والذي أخذ شكل الثلث المعطل (مع الحلفاء) داخل الحكومة في السنوات الماضية، وحق الفيتو في مرحلة الشغور بالتحالف مع عون الطامح للرئاسة. ولئن كان هذا الدور انعكاساً للحضور الإقليمي في القرار اللبناني المركزي، السوري ثم الإيراني، فإن تحول عون من مرشح إلى رئيس، بات يفرض سلوكاً مختلفاً بعد هذا التطور.

سبق للثنائي الشيعي أن مارس نفوذه داخل السلطة التنفيذية (وكذلك غيره من القوى)، استناداً إلى التحالف الوثيق مع سورية في فترة الوصاية، وأخذ أشكالاً متعددة، منها تحكم «الترويكا»، أي الرئاسات الثلاث، بقرارات مجلس الوزراء حول المفاصل السياسية الرئيسة المتصلة بنفوذ الدولتين على القرار المركزي اللبناني.

يرمز تفويض «حزب الله» الرئيس بري التفاوض باسمه وبالنيابة عن بعض الحلفاء في ما يسمى تحالف 8 آذار، حول تركيبة الحكومة الجديدة برئاسة الحريري، إلى الحاجة لضمان النفوذ داخل السلطة التنفيذية، عند إعادة تشكيلها، بعد أن بات عون رئيساً من جهة، وبعد أن شكلت عودة الحريري استعادة السعودية دورها في التأثير على السياسات العامة لبلد سبق أن صنفته بأنه خاضع لإيران في الصراع الدائر بين الدولتين على امتداد الإقليم، من جهة أخرى.

بات هناك موجبان لدى الثنائي الشيعي لأن يتأقلم مع التسوية الرئاسية عن طريق ضمان دور وازن في السلطة التنفيذية: التوافق السنّي -المسيحي، وعودة السعودية إلى لبنان. وهو ما يفسر الإصرار على الاحتفاظ بحقيبة المال لأن توقيع الوزير على القرارات كافة يفرضه الدستور، بحيث يتحول هذا الموقع وسيلة للضغط والمساومة والمناورة والاعتراض، فتحل مكان «الترويكا» أو تستعاد الأخيرة كي تتولى المخارج والتسويات.

بين قبول الرئيس الجديد (ومعه هذه المرة حليفه «القوات اللبنانية»)، بتجديد العمل بهذه الصيغة، وبين تعاونه مع رئيس الحكومة الجديد، ومدى قبول الرئيس بري، ومعه الحزب، بها، تدور لعبة التوازنات داخل الحكومة العتيدة.

من الحسابات التي على المرء مراقبتها مدى إمكان التعايش الإيراني-السعودي داخل السلطة اللبنانية، الذي فرضته التسوية الرئاسية، في وقت ركضت إيران إلى بيروت لاستثمار ما تعتبره انتصاراً لها بتولي حليفها الرئاسة.

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة إلى «الترويكا» في لبنان عودة إلى «الترويكا» في لبنان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab