13 نيسان وسورية وسمير فرنجية

13 نيسان وسورية وسمير فرنجية

13 نيسان وسورية وسمير فرنجية

 العرب اليوم -

13 نيسان وسورية وسمير فرنجية

بقلم : وليد شقير

محطتان معبرتان رافقتا الذكرى الـ 42 لبداية الحرب الأهلية اللبنانية أمس. الأولى هي التأزم الذي بلغه المشهد السياسي نتيجة الخلافات على قانون الانتخاب، والتمديد لمجلس النواب، والتي وسمت تصاعد التعبئة السياسية وفي الشارع، بطابع طائفي، جرى استيعابه بتأجيل انعقاد البرلمان. أما الثانية فكانت تشييع المفكر والمناضل السياسي اللبناني سمير فرنجية الذي تميز بندرة طينته وخصاله، وشكل نموذجاً في سعيه إلى إنهاء الحرب عبر دوره في التحضير لاتفاق الطائف الذي أسدل الستار على فصول الحرب المدمرة، وإلى بناء مجتمع محصن حيال تكرارها.

اختبر اللبنانيون في الأيام الماضية كيف يمكن أن يطلق الخلاف السياسي العنان للتعبئة الطائفية ويذهب بالمواجهات إلى استنفار الغرائز حين وقفت أحزاب مسيحية ضد محاولة التمديد للبرلمان، مقابل استعداد الفرقاء المسلمين الأقوياء للسير بالتمديد، في لعبة التنافس على الأرجحية في السلطة، ولو استظلت تلك اللعبة شعارات براقة من نوع تجديد الطبقة السياسية وإحداث التغيير. هذه التعبئة دفعت سياسيين مخضرمين ومعتدلين، أمثال النائب بطرس حرب، عايشوا الحرب الأهلية ومراحلها، إلى التحذير من أن ما جرى أشبه بقيام المتاريس أيام الحرب عام 1975، فيما كبت كثر من القادة الذين خبروا كيف تقود الكلمة والشعارات البراقة إلى الانزلاق نحو التحريض والعنف، ردودهم وتعليقاتهم، كي لا يتكرر ما حصل معهم إبان الاقتتال الداخلي، ففضلوا تقديم لغة الحوار والانفتاح على غيرها. أدرك هؤلاء أن بعض من يقود الساحة لم يختبر ما اختبروه، وأن هذا البعض قليل الخبرة في شأن ما يمكن أن تقود إليه التعبئة الطائفية والتشاطر باللعب على الألفاظ والأفكار. وبالتالي من الأفضل الركون إلى اللعبة السياسية التي يحكمها الدستور، وإلى منطق الحلول الوسط، لترويض من يجنح بهم توسل التحريض نحو الاصطدام بالأبواب المقفلة.

أما تشييع سمير فرنجية، فعكس التقاء كل الأطياف حول شخصية تحولت رمزاً للسلم الأهلي، ليس لأنه من الذين صنعوا اتفاق الطائف بعيداً من الأضواء فحسب، ولأن تاريخه إبان الحرب شهد محاولات دائمة وجدية لوضع حد لها في محطات عدة، بل لأنه، بعد أن وضعت أوزارها، ظل يبشر بضرورة نشوء حياة سياسية مسالمة على قاعدة تنمية ثقافة القبول بالآخر والإفادة من التنوع الطائفي الذي يتحكم بالنظام اللبناني وبولاءات الناس، لعل لبنان ينتقل إلى مرحلة انتقالية تتيح تطوير نظامه بعيداً من العنف الطائفي ولو كلامياً.

في التأزم السياسي الذي شهده لبنان الأيام الماضية، بدا أن المواجهة الطائفية هي بين ما سمي الثنائي الشيعي («حزب الله» وحركة «أمل») من جهة، وبين الثنائي المسيحي، أي «التيار الوطني الحر» ومؤسسه الرئيس ميشال عون، و حزب «القوات اللبنانية» من جهة ثانية. والحال أن الطموح المسيحي لاستعادة موقع مختلف في السلطة أخذ يتبرم من سطوة «حزب الله» على مقدرات البلاد، فيما الحزب يحتاج إلى هذه السطوة لضمان التغطية اللازمة لدوره الإقليمي، لا سيما في سورية.

كان لسمير فرنجية نهج مختلف، فواقعية السياسي المجرب أنبأته بأن استقرار الحياة السياسية اللبنانية على معادلة تخفض من غلواء الطائفية فيه، يتطلب إبعاد الهيمنة السورية عنه، لأن الوصاية السورية على الحكم أذكت الصراع الداخلي لتثبيت تلك الهيمنة، التي باتت إيرانية بعد الانكفاء السوري، ضمن مشروع إقليمي مترامي الأهداف ومن بينها الإمساك بالقرار في بلاد الشام. وهذا يحتاج إلى إحكام القبضة على لبنان.

ولعل بعض من عايشوه يعرفون أنه تنبه باكراً إلى أن سورية ذاهبة نحو تمرد على النظام ونحو أزمة وحرب، وأن النظام فيها سيدمر البلد، وفق ما أسر إليه أصدقاء سوريون، وبعضهم من الذين احتفظوا بتلك العلاقة العائلية مع آل فرنجية منذ أواخر خمسينات القرن الماضي.

لم يكن سمير فرنجية بعيداً من المعادلة القائلة بأن لبنان لن يستقر قبل أن يرحل نظام الأسد، طالما أن الأخير يستعين في حربه على شعبه بـ «حزب الله»، الذي يفرض على لبنان أثمانا باهظة. بحدوث التغيير في سورية سيكون على الحزب أن يواجه تحدي التأقلم مع التوازنات الداخلية بدل الركون إلى التفوق الإقليمي.

لم يتسنّ لسمير فرنجية أن يختبر مدى استعداد الحزب الجدي للانفتاح على صيغة مختلفة عن الاحتفاظ بسلاحه، على رغم تلمسه أحياناً حاجة بعض قادته إلى التواصل، لكنه اختبر من قرب، بسبب انفتاحه هو على بيئات كثيرة، مدى التعب من الأثمان التي تدفعها بيئة الحزب.

المصدر : صحيفة الحياة

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

13 نيسان وسورية وسمير فرنجية 13 نيسان وسورية وسمير فرنجية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab