سياسة تفجير الخرائط

سياسة تفجير الخرائط

سياسة تفجير الخرائط

 العرب اليوم -

سياسة تفجير الخرائط

غسان شربل

إيران صاحبة الدور الأول في بغداد لكن الوضع العراقي مؤلم ومفتوح على كل الأخطار. إيران صاحبة الدور الأول في دمشق لكن الوضع السوري مأسوي وشديد الخطورة ومفتوح على كل الأخطار. إيران اللاعب الأول في بيروت لكن الوضع في لبنان مهزوز ومهدد بمزيد من الاهتراء وقابلية استضافة الأخطار. لا تحتمل الخرائط العربية فوز إيران بدور اللاعب الأول فيها. سياسة كسر التوازنات تفتح الباب لتفجير الخرائط.

شاهدت الإطلالة الأخيرة لعبد الملك الحوثي. لم تكن موفقة. ولم تكن مقنعة. كان واضحاً أن الحوثي اندفع في مغامرة تفوق حجمه التمثيلي وتفوق قدرة بلاده على الاحتمال. هزت مغامرته الخريطة اليمنية بعنف دموي وهزت معها المنطقة. ولا حاجة إلى التفتيش عن أدلة للتأكد أنه ارتكب مغامرته تحت المظلة الإيرانية وأن علي عبد الله صالح انضم إليه من باب الكيدية وشبق الاشتياق إلى القصر.

تسرعت طهران في استنتاج أنها باتت اللاعب الأول في اليمن. تسرعت في إلحاق صنعاء بعواصم «هلال الممانعة». جاءتها مفاجأة غير سارة على الإطلاق. إرادة عربية بقيادة سعودية أطلقت «عاصفة الحزم». أهم ما في القرار رسم خطوط حمر أمام التقدم الإيراني للامساك بالعواصم والخرائط.

الدول التي ولدت من لقاء مكونات متنوعة الألوان والمرجعيات تحمل لعنة الهشاشة الدائمة. لا تستطيع دولة من هذا النوع احتمال امتلاك أحد مكوناتها حق النقض الكامل في السياسة وحق الفرض المطلق في الأمن. لا تستطيع احتمال امتلاك مكون قدرة هائلة على التعطيل وقدرة عسكرية تفوق قدرة الدولة والجيش والانخراط في برنامج عابر للحدود. وإذا غابت الأكثرية السكانية الصريحة يتحول وجود مكون من هذا النوع مشروعاً لتفجير الخريطة. الصعود الطاغي لقدرة التعطيل والفرض قد تضعف قدرة الخائفين على اعتراض تسرب الإرهاب إلى الساحات التي تعتبر نفسها مستضعفة ومهددة في دورها ولونها وربما وجودها. تضخم الدور الإيراني يساهم في ولادة «البيئات الحاضنة» للعنف الأعمى.

مشكلة أهل المنطقة مع إيران ليست البرنامج النووي. البرنامج مشكلة دولية. مشكلتهم الدور الذي تسرب إلى خرائطهم بلغة انقلابية سرعان ما تؤسس ترسانات محلية. المغامرة الإيرانية في اليمن حققت عكس أغراضها. سلطت الضوء على الدور الإيراني وأحوال الخرائط التي تحولت إيران فيها اللاعب الأول خصوصاً بعدما حققت نجاحاً في سعيها للتحول مرجعية سياسية ودينية للشيعة العرب.

يختصر سياسي عربي يعرف الإيرانيين المأزق الحالي بالقول إن حجم الدور الإيراني الحالي غير طبيعي وأكبر من قدرة الدول المعنية على الاحتمال. ويرى أن كل حل متوازن يضمن الاستقرار في هذه الدول يقلص بالضرورة حجم الدور الإيراني. أي شراكة حقيقية بين المكونات العراقية تجعل الدور العراقي أكثر توازناً أو أقل تبعية لإيران. عودة لبنان إلى التوازن بين المكونات تبقي إيران لاعباً لكنها تحرمها من صفة اللاعب الأول.

في سورية الموضوع شديد التعقيد. إيران اصطدمت هناك بأكثرية سكانية صريحة. لا يمكن لأي تسوية متوازنة في سورية أن تضمن لإيران الامتيازات التي تحظى بها حالياً في دمشق. لا يمكن أن تضمن أيضاً لـ»حزب الله» بقاء سورية عمقاً استراتيجياً له وممراً دائماً لأسلحته الإيرانية. التسوية المتوازنة في دمشق تفرض حقائق جديدة على الساحة اللبنانية وتشذب دور إيران و»حزب الله» فيه. الأمر نفسه بالنسبة إلى اليمن. أي تسوية متوازنة ترمم الخريطة اليمنية ستعيد الحوثيين إلى دورهم الطبيعي وستقلص حجم الدور الإيراني في صنعاء وستبعث برسالة حول مستقبل الحلول في الخرائط التي انفجرت.

من المبالغة اعتبار الدور الإيراني المسؤول الوحيد عن تفجير الخرائط. هناك الاستبداد والفقر والتهميش والأمية والأفكار القاتمة. لكن الدور الإيراني سكب الزيت على استعدادات الحريق ووسعها.

في مواجهة سياسة تفجير الخرائط يرفع العرب اليوم شعارات الأمن القومي العربي والسيادة والاستقرار. لا ينكرون حق إيران في أن يكون لها أصدقاء وحلفاء ومتعاطفون. ينكرون عليها حق تأسيس الترسانات والجيوش الموازية ورعاية الانقلابات. يصعب إقناع العرب أن عبد الملك الحوثي يجمع الصواريخ لإنزال الموت بإسرائيل وأميركا والتكفيريين. يحتاج استقرار الشرق الأوسط إلى دور إيراني واقعي. على إيران التعلم من تجارب الآخرين. كان الاتحاد السوفياتي نائماً على ترسانة نووية هائلة ومع ذلك قتلته شراهته في التوسع وأعباء الدور الامبراطوري. احترام الخرائط أفضل من التهامها أو تفجيرها.

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة تفجير الخرائط سياسة تفجير الخرائط



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab