الولايات المتحدة وهن الديمقراطيين وذبولهم

الولايات المتحدة... وهن {الديمقراطيين} وذبولهم!

الولايات المتحدة... وهن {الديمقراطيين} وذبولهم!

 العرب اليوم -

الولايات المتحدة وهن الديمقراطيين وذبولهم

بقلم : أمير طاهري

{ماذا بقي للديمقراطيين في الولايات المتحدة»؟ كان هذا السؤال الذي طرحته مجموعة من الصحافيين في حفل عشاء خاص على شرف أحد كبار أعضاء الحزب الديمقراطي الأميركي في إحدى المناسبات في العاصمة البريطانية لندن.

ومع الإصرار التام على الالتزام بقواعد تشاتام هاوس٬ التي تعني عدم نقل الاقتباس باسم صاحبه٬ عرض العضو الكبير تقدمة تهدف إلى الإعراض التام عن نكسات إياها بمزيج من الحوادث المؤسفة مع قدر لا بأس به من الحزب الأميركي الكبير٬ بما في ذلك خسارة البيت الأبيض لصالح الرئيس الجمهوري دونالد ترمب٬ واصفاً سوء الحظ.

: «مهما يحدث٬ فإن التركيبة السكانية الأميركية ولكن٬ هل هناك استراتيجية واضحة لدى الحزب الديمقراطي للعودة إلى السلطة؟ وقال العضو الديمقراطي الكبير ساخراً تفضلنا».

لها إلى قائمة من الهويات المنقسمة بين التيارين السياسيين وما يقصده بالتركيبة السكانية هنا هي وجهة نظر «البوفيه المفتوح» للولايات المتحدة٬ التي تنقسم الأمة وفقاً الكبيرين. والافتراض القائم يدعو إلى أن غالبية المنتمين لهذه التيارات المنقسمة سيصوتون على الدوام لصالح الديمقراطيين. ولقد وصف الرئيس السابق أوباما هذه الشريحة من المواطنين الأميركيين بقوله «ائتلاف قوس قزح»٬ وهو تحالف يضم المواطنين الأميركيين الأفارقة٬ والأميركيين من أصول لاتينية٬ واليهود٬ والعرب٬ والمسلمين٬ والأميركيين الأصليين٬ والمثليين٬ الذين ساعدوه في الفوز مرتين في الانتخابات الرئاسية.

وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي٬ رغم كل شيء٬ فشل هذا التحالف في تعبئة جهوده لهزيمة دونالد ترمب.

واعتماداً على «ائتلاف قوس قزح»٬ تجاهلت السيدة كلينتون شريحة مهمة من الناخبين٬ وهم العمال من أصحاب الياقات الزرقاء من الولايات الصناعية القديمة والمعروفة باسم حزام الصدأ. وكانت خسارتها في هذه الولايات السبب الرئيسي في خسارتها للانتخابات.

لتحليل التركيبة السكانية التي يشيرون إليها٬ فإن الشريحة الأوروبية البيضاء من سكان الولايات المتحدة٬ التي تشكل نسبة 69 في المائة من إجمالي تعداد السكان وفقاً لمستوى 50 في المائة بحلول عام 2030 .أما المواطنون الأميركيون اللاتينيون٬ الذين يشكلون أسرع المجتمعات الأميركية نمواً من حيث لعام 2016 ستشهد انخفاضاً التعداد٬ من المرجح أن يظهروا كشريحة الأغلبية من تعداد السكان في ما لا يقل عن خمس ولايات٬ بينما ستتحسن قوى المواطنين من أصول أفريقية الديموغرافية في لصالح الحزب الديمقراطي.

للحسابات نفسها٬ فإن المواطنين من أصول لاتينية٬ وغيرهم من الأقليات الأميركية٬ سيصوتون دائماً ثماني ولايات. ووفقاً وكل ما على المخطط الاستراتيجي فعله هو ضمان جمع ما يكفي من الأصوات من كل شريحة من شرائح الناخبين للحصول على مفتاح (50+1 (السحري للوصول إلى السلطة. وليست هناك حاجة إلى وضع السياسات المتماسكة٬ ناهيكم عن الأسس الآيديولوجية الراسخة. كل ما يحتاج إليه المخطط الديمقراطي هو المرشح الانتخابي٬ والشعار الانتخابي٬ والتصويت في الانتخابات كي يحقق الفوز.

وذلك هو السبب في أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة٬ التي أنفق فيها ما يقرب من 5.1 مليار دولار على «الحملات»٬ قد فشلت في التعامل مع قضية رئيسية واحدة من قضايا الحياة الأميركية من منظور يوضح بجلاء المقترحات السياسية حيال تلك القضية. وكل ما كان على دونالد ترمب فعله هو تكرار استخدام الشعار الأميركي المستهلك: «لنجعل أميركا أمة عظيمة مرة أخرى»٬ بينما كانت هيلاري كلينتون تأمل في الفوز فقط لأنها ليست مثل دونالد ترمب!

من جانبهم٬ حاول الجمهوريون تسويق أنفسهم بوصفهم مدافعين عن «المواطنين الأميركيين الحقيقيين»؛ مما يعني على وجه التحديد أولئك الذين يخشون أن يتحولوا إلى أقلية داخل المجتمع الأميركي وفي بلادهم. وكانت النتيجة هي «قبلنة» السياسات الأميركية (توحيد السياسات الأميركية على أسس قبلية وعشائرية) التي من شأنها إلحاق الأضرار الكبيرة بالهياكل الديمقراطية في البلاد.

للحزب الديمقراطي في لعبت الانقسامات الإقليمية٬ والعرقية٬ والدينية على الدوام دوراً ما في السياسات الأميركية. وعلى مدى عقود كانت الولايات الجنوبية أكثر ميلاً ردة فعلها على الحرب الأهلية الأميركية التي خسرتها ولايات الجنوب لصالح ولايات الشمال الأميركي تحت قيادة رئيس ينتمي إلى الحزب الجمهوري٬ ونزعة «الاستشهاد» التي أعرب عنها المبتزون الانتهازيون من سكان الشمال. ومنذ عقد الستينات بالقرن الماضي وحتى الآن٬ رغم كل شيء٬ تحولت نفس الولايات الجنوبية إلى الحزب الجمهوري٬ في ردة فعلها الجزئية على الإصلاحات التي فرضها الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون لصالح الأميركيين من أصول أفريقية. وفي الوقت نفسه٬ كانت الولايات الإنجليزية الجديدة٬ وهي المعقل الأصلي للعقيدة الجمهورية٬ تحولت على نحو مفاجئ إلى رقائق انتخابية تؤيد الآيديولوجيا الديمقراطية.

وعلى مدى عقود أيضاً٬ كانت ولاية كاليفورنيا أحد أكبر معاقل الحزب الجمهوري٬ وخرجت منها شخصيات بارزة مثل الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون٬ ورونالد ريغان. أما الآن٬ ومع ذلك٬ وبعدما فقدت غالبية الطبقة البيضاء من المواطنين ذوي الأصول الأوروبية٬ صارت ولاية كاليفورنيا من محاضن الفوز الأكيدة التابعة للحزب الديمقراطي.

والتراجع بالسياسة إلى مستوى الحسابات الانتخابية يعبر عن فشل واضح في رؤية الأخشاب في الأشجار. عبر العقود الثلاثة الماضية٬ سيطرت حالتان جدليتان متوازيتان على السياسات الأميركية. وكانت الحالة الجدلية الأولى تتعلق بالقضايا الاجتماعية وأنماط الحياة مثل المساواة بين الجنسين٬ والميول الجنسية٬ ووسائل منع الحمل٬ والإجهاض٬ وعقوبة الإعدام٬ وحيازة الأسلحة٬ والتنوع الديني٬ وتصحيح المسار السياسي.

وإجمالا للقول٬ من الممكن الإشارة إلى أنه حيال أغلب هذه القضايا كان الديمقراطيون دائماً ما يفوزون في حلبات الجدال والمناقشة. برفضهم الاعتراف بالخسارة إزاء هذه القضايا٬ وبالتالي إقصاء شريحة كبيرة من الناخبين المؤيدين لهم. ويعني هذا
ً
ومنذ عقد التسعينات٬ ارتكب الجمهوريون خطأ الرفض أنه منذ عام ٬1989 مع استثناء فوز الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش بفترة ولايته الثانية في البيت الأبيض في عام ٬2004 لم يفز أي مرشح ديمقراطي في الانتخابات الرئاسية بأغلبية عدد أصوات الناخبين.

علاوة على ذلك٬ وفي سياق الحرب الباردة٬ عمد الجمهوريون إلى تسويق أنفسهم بوصفهم حزب الحرب٬ على الرغم من أن الديمقراطيين هم من أدخلوا الولايات المتحدة في هذه الحروب كافة منذ بدايات عقد التسعينات من القرن الماضي.

أما الحالة الجدلية الثانية٬ فكانت تتعلق بالقضايا الاقتصادية في سياق العولمة التي دافعت الولايات المتحدة فيها عن التجارة الحرة٬ وأسست آلية الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة (غات)٬ وتزعمت جهودها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

للعولمة٬ ذلك الذي عكس الاتجاهات الحمائية والاشتراكية التي دائماً ما أيدوها على هامش المسار السياسي منذ عقد في بادئ الأمر٬ اتخذ الجمهوريون موقفاً مناهضاً الثلاثينات عبر شخصيات مثل نورمان توماس وابتون سينكلير٬ التقليد الذي جرى إحياؤه على نحو جزئي على أيدي السيناتور بيرني ساندرز.

وفي عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون٬ رغم كل شيء٬ تحول الديمقراطيون إلى العولمة وبشكل كبير٬ حيث أفادت النخب الاقتصادية٬ والاجتماعية٬ والثقافية المؤيدة لهم. وعبر هذه العملية تجاهلوا الأضرار التي ألحقتها العولمة بالقاعدة التقليدية الحضرية من أصحاب الياقات الزرقاء المؤيدين للحزب الديمقراطي.

ولقد فاز دونالد ترمب٬ على نحو جزئي٬ بسبب أن عدداً كبيراً من الأميركيين يعتقدون بانقضاء زمن التعددية الثقافية والعولمة. ومع ذلك٬ قد يقع الجمهوريون في الخطأ إذا ما افترضوا أن ذلك يعني الرغبة في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء نحو عقد الخمسينات من القرن الماضي.

ليس بإمكان الديمقراطيين الفوز من خلال اتخاذ منعطف جديد حيال التعددية الثقافية والعولمة٬ والمناهضة المستمرة لسياسات ترمب. بل إن ما يحتاجون إليه هو إرساء أسس استراتيجية شاملة من الإصلاح وإعادة ضبط الاتجاهات السياسية.

وبدلاً من محاولات توجيه الضربات تلو الضربات ضد الرئيس الجديد من خلال الدق المستمر على طبول الراديكالية الجوفاء٬ على غرار ما يفعله السيناتور ساندرز٬ يحتاج الحزب الديمقراطي إلى الانتقال إلى حالة سواء٬ حيث يمكنهم استرداد الفضاء المفتقد تحت قيادة أوباما غريبة الأطوار.

وهذا يستلزم ما هو أكثر من مجرد الحسابات الانتخابية المجردة.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

arabstoday

GMT 04:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 00:22 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بناء الجدران يصل إلى إيران

GMT 00:01 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

فرنسا: نحو عام من الضباب؟

GMT 00:15 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

أوروبا بين الأمل والخوف

GMT 00:49 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الولايات المتحدة وهن الديمقراطيين وذبولهم الولايات المتحدة وهن الديمقراطيين وذبولهم



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab