بناء الجدران يصل إلى إيران

بناء الجدران يصل إلى إيران

بناء الجدران يصل إلى إيران

 العرب اليوم -

بناء الجدران يصل إلى إيران

بقلم - أمير طاهري

من المفترض اليوم، أن ينتخب 68 مليون إيراني رئيساً جديداً للجمهورية الإيرانية من بين 6 مرشحين تمت الموافقة عليهم مسبقاً. قلنا إنه «من المفترض» أن يكون ذلك، لأنه ليس من الواضح عدد الأشخاص المؤهلين للتصويت، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المنفى، الذين سجّلوا أسماءهم لمباشرة ذلك.

فقد نجمت الانتخابات المبكرة الراهنة عن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحيته، ولم تقدّم الحملة القصيرة فرصة تُذكر إلى الناخبين المحتملين لتقييم المرشحين. فجميع المرشحين هم موظفون حكوميون مهنيون يؤمنون بالآيديولوجية نفسها، ويلتزمون بـ«الطاعة التامة والمطلقة» للنظام الإيراني.

وتعهّد جميع المرشحين الإيرانيين الستة بـ«مواصلة السير على الطريق المشرق نفسه لرئيسي»، مع الوعود المتكررة مثل تقديم مساكن مجانية على غرار الراحل الخميني، قبل نصف قرن تقريباً، والوعود نفسها التي كرّرها جميع الرؤساء الإيرانيين الثمانية الذين عايشتهم إيران منذ ذلك الحين، وحتى الآن.

مع ذلك، فقد ألقت الحملة بقنبلة مدوية على الحياة السياسية الإيرانية من خلال تقديم الهجرة، على حد تعبير الجنرال محمد باقر قاليباف، أحد المرشحين المحتملين للرئاسة، بوصفها «السبب الجذري لجميع المشكلات الكبرى التي تواجهها الأمة». إذ أضاف أن «المهاجرين الأفغان يضرون إيران بطرق كثيرة، لا سيما تهريب المخدرات، وسحب الوظائف من المواطنين، والضلوع في مختلف أشكال الجريمة». كما تعهّد قاليباف بأنه، في حال انتخابه، سوف يبني جداراً لإغلاق الحدود الإيرانية مع أفغانستان وباكستان، أي بطول إجمالي يصل إلى 1831 كيلومتراً. ولم يقدّم قاليباف أي دليل يؤيّد مزاعمه. كما أن الحكومة، التي كان جزءاً منها طيلة 40 عاماً، لم تصدر تقريراً جدياً واحداً بشأن المهاجرين الأفغان في إيران.

كما تحدّث مسعود بزشكيان، وهو مرشح رئاسي آخر، عن إغلاق الحدود الشرقية تماماً، «لمنع الأفغان من الوصول إلى إيران». واقترح أن تتبنّى إيران نسخة السياسة التركية في ابتزاز الاتحاد الأوروبي لتسديد تكاليف اللاجئين السوريين، وأن تطلب من الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مماثل مع إيران بشأن اللاجئين الأفغان.

بطبيعة الحال، شرعت تركيا بالفعل في بناء جدار يبلغ طوله 310 كيلومترات لإغلاق حدودها مع إيران، في الظاهر لمنع الأكراد من دخول أراضيها، ولكن أيضاً لمنع تدفق الأفغانيين المطرودين من إيران.

ويصف مرشح آخر، هو مصطفى بور محمدي، الأفغان بأنهم يشكّلون تهديداً، لكنه يقترح أن أولئك الذين ينتمون إلى مجتمع الهزارة، كونهم من الشيعة والناطقين بالفارسية، يحصلون على معاملة أفضل إلى جانب الأفغان الذين جنّدهم الجنرال الراحل قاسم سليماني، لإبقاء الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة في دمشق. كما وعد سليماني بمنح هؤلاء الأفغان الجنسية الإيرانية ومساحات من الأراضي «لبناء حياة جديدة» في إيران.

أما المرشحون الثلاثة الآخرون، بمن فيهم سعيد جليلي، زعيم جماعة «الكوريين الشماليين الإسلاميين»، فقد عدّوا المهاجرين الأفغان تهديداً أمنياً، لأنهم قد ينجذبون إلى جماعات مثل تنظيم «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى ذات الصلة. لكن الحقيقة هي أنه لم يتورّط أي أفغاني في أي من الهجمات الإرهابية الـ22 التي نسبتها طهران إلى تنظيم «داعش» منذ عام 2019. وتتراوح الأرقام المتعلقة بعدد اللاجئين الأفغان بين 800 ألف لاجئ، حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونحو 5.2 مليون لاجئ، حسب مزاعم وزارة الداخلية الإيرانية.

ووصلت أولى موجات اللاجئين الأفغان، وكانوا بضع مئات، في عام 1973، بعد أن خطّط محمد داود خان لانقلاب للإطاحة بالملك محمد ظاهر شاه. واستمر تدفق اللاجئين، خلال الحرب الأهلية الأفغانية، بدرجات متفاوتة الكثافة. وفي غضون الوقت الذي خرجت فيه حركة طالبان من كابل، كان أكثر من 3.5 مليون لاجئ أفغاني قد دخلوا إيران، إذ كان كثير منهم يستخدمونها بوصفها نقطة توقف في طريقهم إلى مقاصد أخرى.

دعّمت طهران كثيراً من الجماعات المسلحة المناهضة لـ«طالبان»، وبمجرد إقامة النظام المدعوم من الولايات المتحدة في كابل، صارت طهران ثالث أكبر جهة مانحة للمساعدات إلى نظام «كرزاي- غني». وانخفض، طوال عقد من الزمان تقريباً، تدفق اللاجئين الأفغان إلى حد كبير. ثم اشتدت كثافة التدفق مجدداً بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021. ومن المدهش، أنه منذ ذلك الحين بدأت التجارة بين الجارتين الانتعاش. وفي العام الماضي، كانت أفغانستان ثاني أكبر شريك تجاري ومستثمر أجنبي لإيران. مع ذلك، اشتدت الضغوط على اللاجئين الأفغان في إيران.

تعني حالة الفراغ المستمرة أن كثيراً من الأفغان لا يستطيعون امتلاك شركات أعمال بصورة كاملة، أو امتلاك حسابات مصرفية، أو حتى شراء بطاقات الهواتف الجوالة. إن الطريقة التي يُعامل بها أغلب المهاجرين الأفغان تنتهك القوانين الإيرانية. إذ يستند قانون الجنسية والتجنيس الإيراني لعام 1934 إلى منح الجنسية الإيرانية بناء على مبدأ «الدم والأرض»، الذي يمكن بموجبه لأي شخص مولود من أصل إيراني وأي شخص مولود على الأراضي الإيرانية أن يطالب بالتجنيس بصفته مواطناً إيرانياً. وتتحول النساء الأجنبيات المتزوجات برجال إيرانيين تلقائياً إلى مواطنات إيرانيات مع أطفالهن.

مع ذلك، ووفقاً لاستطلاعات رسمية، فإن نحو 100 ألف امرأة أفغانية متزوجات بإيرانيين، مع أكثر من 300 ألف من أطفالهن، يُصنّفن بأنهن عديمات الجنسية.

ومن المحزن، أن المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية يتجاهلون قوانين بلادهم وتقاليدها وقيمها الثقافية. وهم يقلدون الولايات المتحدة، وتركيا، والمجر، وبولندا، وتايلاند ببناء الجدران، في حين يرددون النغمة المناهضة للمهاجرين التي سمّمت الخطاب السياسي في فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بناء الجدران يصل إلى إيران بناء الجدران يصل إلى إيران



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 03:08 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

ترامب يحذر من تداعيات فشل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
 العرب اليوم - ترامب يحذر من تداعيات فشل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
 العرب اليوم - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 10:46 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 العرب اليوم - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 08:52 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

عون رئيساً لاسترداد لبنان

GMT 08:28 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

محنة التعليم!!

GMT 10:46 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:37 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

صفارات الإنذار تدوي في كييف وعدة مقاطعات أوكرانية

GMT 02:39 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

الخطوط الإيطالية تستأنف رحلاتها إلى ليبيا بعد توقف 10 سنوات

GMT 12:04 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

كايل ووكر مدافع مانشستر سيتي يرفض الانتقال للدوري السعودي

GMT 06:53 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

40 سيارة مسلحة اشتبكت مع المؤسسات الأمنية غرب طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab