عيون وآذان الخروج من الجنة

عيون وآذان (الخروج من الجنة)

عيون وآذان (الخروج من الجنة)

 العرب اليوم -

عيون وآذان الخروج من الجنة

جهاد الخازن

في التوراة آدم وحواء طرِدا من الجنة. في لبنان اللبنانيون تطوعوا للخروج من جنتهم، أو بقوا لأنها لم تعد جنّة. عندما كنت أودع المراهقة وأنا أعمل في وكالة الأنباء العربية (رويترز بعد ذلك) ودخلي يكفي لـ «إعالة» بنات الجامعة الأميركية، كان يأتي إلى بيروت المستر جيرالد لونغ والمستر ماكليركن، رئيس مجلس الإدارة ورئيس الشركة في لندن (إذا لم تخني الذاكرة)، لمراجعة نشاط الوكالة في بيروت، من حيث كان الإشراف على الشرق الأوسط العربي كله باستثناء مصر. أعتقد أن مراقبة العمل كانت عذراً، فقد كان الرجلان يسعدان بالتنقل بين بارات بيروت ومطاعمها أو الصعود إلى الجبل. وهما، كعادة «الخواجات»، كانا يتركان العمل إلى بار، قبل أن يُكملا إلى فندق سان جورج القريب، وبار الجواسيس المشهور فيه. عن طريق المستر لونغ والمستر ماكليركن عرفت ملاهي الزيتونة، فقد كانا يجدان في بيروت تنويعاً على نمط الحياة في لندن، فالطقس حتماً أجمل، والبحر أمام الفندق، والجبل على بُعد ساعة، وهذا كله غير متوافر لهما في لندن، وهو بنصف السعر في لندن أو أقل. فكروا معي، بريطانيان من أركان الصحافة والعمل يتركان لندن إلى بيروت للسياحة بحجة العمل. مَنْ يأتي إلى لبنان الآن؟ حتى أهله العرب هجروه فلا يأتي من الخارج سوى جنود الأمم المتحدة، هذا إن أتوا. نجوت من السجاير والخمر على رغم جهود الضيفَيْن من لندن، إلا أن جنة بيروت كانت توفر لنا لذات أخرى، وفي الجامعة عرفت لحظات سعادة حقيقية، وأصبحت بعد ذلك رئيس تحرير «الديلي ستار» وزادت حلقة الأصدقاء، ولا همّ في الدنيا. اليوم أرى اللبنانيين يعانون وأستعيد بعض ذكريات الجنة المفقودة. الرجل الذي يتزوج كثيراً يُقال عنه أنه مِزواج. هل يمكن أن نَصِف الذي يخطب كثيراً بأنه «مِخطاب»؟ لم أجد هذه الكلمة في القاموس. الزميل الياس (بلاش فضايح فأكتفي باسمه الأول) كان يخطب ويهرب باستمرار، وأسمع دائماً عن مشاكله العاطفية. وكنا ذات مساء في الجريدة عندما اتصل به الحراس على الباب، وقالوا أن شابة في طريقها إليه في الطابق الثالث. الياس أسرع إلى الاختباء في خزانة حائط، ودخلت علينا شابة حسناء سألت عن الياس. وقفتُ وأنا أتصنّع الوقار وقلت لها أنه لم يأتِ إلى العمل. سألتني بدلال: مَنْ أنت؟ وقلت بصوت أجشّ: أنا رئيس التحرير. وهي أمسكت بذقني وقالت: هِشّك بِشّك. واجتهدتُ حتى لا أضحك وتضيع الهيبة، وخرجت البنت وهي تهدد. وهددتُ بدوري الزميل إذا عادت إلينا إحدى البنات من رعيَّته. كنت نسيت الياس وخطيباته ثم عاد وعدنَ إليّ وأنا في بيروت هذا الشهر، فقد أخذتنا صديقة إلى «مسرح المدينة» لمشاهدة مسرحية اسمها «هِشّك بِشّك» أنصح كل قادر أن يحضرها ليستعيد أيام الجنة المفقودة. المسرحية غنائية جمعت بعض أجمل القديم الذي نسيناه. وهكذا كان، وسمعت أغنية: يا طالعة من الحمام وكل خدّ عليه خوخه... خوخه، خوخه، خوخه، وأيضاً: الحلو في البَرَندَه شاورلي وبصّلي، والقلب بالزمان ده بسرعة بيبْتِلي. ومثل ذلك: العتبة أزاز (قزاز) والسلم نايلون نايلون. أعرف أن ما سبق ليس أم كلثوم تغني «الأطلال» من شعر إبراهيم ناجي، أو محمد عبدالوهاب وأسمهان يغنيان «قيس وليلى» من شعر أحمد شوقي، إلا أن لكل شيء وقتاً. وهناك المَثَل «قالوا للديك صيح، قال كل شيء بوقته مليح». أترك الحزن لأهله وأقول إن هناك «جيوباً» باقية من الجنة المفقودة في لبنان ومصر وكل بلد، وما على الراغب إلا أن يبحث عنها وسيجدها. طلباتي قليلة، وطوبى للذين لا يطلبون لأن أملهم لن يخيب، وأكتفي بجلسات القهوة والشاي وغداء أو عشاء مع الزملاء والأصدقاء، من مقاهي ساحة النجمة حتى خليج الزيتونة. وكنت خفت بعد أن خلفت الزميلة العزيزة هالة كوثراني الصديق مطر الأحمدي في رئاسة تحرير مجلتنا «لها» أن أخسر «الأمن الغذائي» الذي يوفره لنا مطر في بيروت فهو يدفع الفاتورة دائماً. إلا أنني وجدت في الزيارة الأخيرة أنه لا يزال يدفع في حين أنني أعرف ناساً لا يدخلون من باب إذا كانت عليه إشارة «إدفع،» والمقصود «الدَفش» لا القِرش. نقلا عن جريدة  الحياة  

arabstoday

GMT 09:18 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:48 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

السوشيال كريديت وانتهاك الخصوصية

GMT 07:40 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:39 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

من باب المندب للسويس والعكس صحيح

GMT 07:10 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«بيرل هاربر» التي لا تغيب

GMT 07:07 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كرد سوريا وشيعة لبنان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان الخروج من الجنة عيون وآذان الخروج من الجنة



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab