ليبيا المبعوث العاشر وما زال الوفاق بعيداً

ليبيا... المبعوث العاشر وما زال الوفاق بعيداً!

ليبيا... المبعوث العاشر وما زال الوفاق بعيداً!

 العرب اليوم -

ليبيا المبعوث العاشر وما زال الوفاق بعيداً

بقلم:جمعة بوكليب

خلال الأسبوع الماضي، في حين كان العالمُ مشغولاً بالزوابع والأعاصير السياسية التي يُثيرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وصلت إلى العاصمة الليبية طرابلس المبعوثة الأممية وهي الرقم العاشر من هؤلاء المبعوثين الذن وردوا على هذه البلاد، أملاً في حلحلة وضعها السياسي المتردي، ولكن عناد المسؤولين لليبيين وإصرارهم على بقاء وضع البلاد كما هو، أفشل كلَّ جهود هؤلاء الذين حاولوا جهدهم عمل كلّ ما هو ممكن من أجل إنهاء هذا التناطح الذي أخر البلاد وكبح نموَّها وتقدمها لعقد ونصف العقد.

المبعوثُ الأمميُّ إلى ليبيا الجديد، الرقم 10، سيدة من غانا، اسمها هانا تيتيه. لدى استقبالها بأرض مطار «معيتيقة» في طرابلس، اصطف رجال ونساء فريق البعثة الأممية، ومن ضمنهم كانت الأميركية ستيفان خوري. الوجوه نفسها، والابتسامات ذاتها. وكأنَّ أعضاء الفريق الأممي تعوّدوا وضع الأقنعة عينها على وجوههم لدى استقبالهم مبعوثاً جديداً.

بدأت المبعوثة الجديدة مهامَّها بزيارة رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة. وبعده، ستقوم بجولة طويلة عريضة، للقاء غيره من المسؤولين الليبيين في غرب البلاد وشرقها، حتى تصل إلى مدينة الرجمة، شرق مدينة بنغازي، مقر المشير خليفة حفتر، وتؤدي واجب الزيارة، ثم تعود سريعاً إلى مقر البعثة الأممية في طرابلس، لتبدأ رحلة أقلّ ما أقول عنها شخصاً أنها عبثية وهي قد تستغرق عاماً أو عامَيْن. الرحلة الموعودة تتميّز بكونها دوراناً في المكان ذاته، حتى يُصاب الجميع بالدوخان. خلالها، يكون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد بدأ من جديد رحلة أخرى، بحثاً عن مبعوث جديد.

عشرة مبعوثين، من الجنسين، واحداً تلو الآخر، توالوا متعاقبين من دون قدرة على تحريك الأزمة بوصة واحدة خارج المربع الذي حُبست فيه طيلة سنوات طويلة. ومع ذلك، بل على الرغم من ذلك، تصرّ الأمم المتحدة على مواصلة السير في طريق دائرية مغلقة. تبدأ من نقطة وتعود إليها، من دون أن ينتابها قلقٌ كعادتها في بياناتها التي تصدرها، من حين إلى آخر، كلما انفجر الوضع في البلاد. وكل ذلك يتم من دون أن تتوقف للحظة واحدة، وتسأل: لماذا الإصرار على إرسال مبعوثين إلى ليبيا، من دون أن يتمكن أيٌّ منهم من حفر ولو ثقب صغير في الجدار، طيلة هذه السنين؟

من الصعب جداً البحث عن تفسير عقلاني لعمل لا يتسم بأي عقلانية. ومن السهولة بمكان وصف ما نراه يحدث من تصرفات المنظمة الدولية في ليبيا بالعبثية. من طبيعة الفعل العبثي أن يشعر صاحبه أنه يفعل شيئاً مفيداً، ويتحرك قدماً إلى الأمام، في حين هو في الحقيقة ثابت في المكان، لا يتحرك قيد أُنملة.

المبعوثون الأمميون، على اختلافهم، ليسوا سوى موظفين يتقاضون رواتب شهرية من المنظمة الأممية، يطلب منهم رؤساؤهم أداء مهام مختلفة في بقاع معينة من العالم، تتميّز بالاضطراب وعدم الاستقرار. النجاح أو الفشل في المهام غير مهمين، بدليل أن الفاشلين منهم، سرعان ما تُوكل إليهم مهام في بقاع أخرى من العالم. لكن الفشل في الواقع يُردُّ إلى هذه الهياكل الليبية التي لا تريد حلّاً، لأن هذا الحل سيزيحها من مكانها، ولهذا تتشبث بوضعها هذا ولا سبيل لإقناعها بالتخلي عنه، لأن هناك قوى تفرض إرادتها عليهم.

المبعوثة الأممية الجديدة، السيدة هانا تيتيه، واحدة من طقم أممي كبير من أولئك الموظفين، ممن يُوصفون مجازاً بالخبراء. تمتلئ بهم أروقة ومكاتب الأمم المتحدة ومنظماتها. ولسوء حظ المبعوثة الجديدة، أن تُرسل إلى ليبيا، لإيجاد حل لأزمة سياسية لم يقدر على حلّها، حتى الآن، الأمين العام - رئيسها.

ومثل كل من سبقوها من مبعوثين، سوف تتخندق السيدة تيتيه، منذ الآن وصاعداً، في مقر البعثة الأممية بطرابلس، وتستغرق في عقد لقاءات مع أشخاص عدة بألقاب بلا معنى، ولا حول لهم ولا قوة على الأرض، وكتابة وإعداد تقارير تُرسل بها، أولاً بأول، إلى الأمين العام. وكل شهور عدة، تُستدعى للظهور أمام مجلس الأمن الدولي، وبالبث المباشر، لتقدم تنويراً لأعضائه عن أوضاع بائسة، في بلد بائس، يتقاسمه وينهبه أمراء حرب، شرقاً وغرباً وجنوباً. ثم تلمُّ أوراقها، وتغادر عائدة سريعاً إلى مكتبها في طرابلس، وتواصل مجدداً عبثاً، لا يختلف عن قيادة مركبة في طريق دائرية معتمة بلا مخارج.

فإلى متى يستمر الدوران في الفراغ؟ وماذا بإمكان موظفين، لا حول ولا قوة لهم، عمله في أزمة سياسية معقدة ببلد، تتصارع متنافسة داخله مصالح دولية ومحلية متشابكة، والاحتكام فيه إلى السلاح؟

 

arabstoday

GMT 03:59 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

ألمانيا تنزلق

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

حزب الله انتهى... إلا إذا

GMT 03:52 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

هل سيدمر ترمب أميركا؟

GMT 03:50 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

التغريد المأمول في السرب العربي

GMT 03:47 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

دروس أردنية في واشنطن

GMT 03:43 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

ماذا لو كان «حزب الله» خارج لبنان؟

GMT 03:37 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

ترمب وتحالف «بريكس»؟

GMT 03:33 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

الصناعة النفطية في ظل التطورات الجيوسياسية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا المبعوث العاشر وما زال الوفاق بعيداً ليبيا المبعوث العاشر وما زال الوفاق بعيداً



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:28 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

أستراليا تفرض غرامة مالية على تليغرام

GMT 11:07 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

جنازة حسن نصرالله

GMT 00:41 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

واتساب يحظر 8.4 مليون حساب في شهر واحد

GMT 11:27 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

وسمٌ سعودي على التاريخ

GMT 18:43 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

ياسر جلال يعلن رأيه في عمل جزء ثالث من "جودر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab