«اتفاقية أوسلو» دروس وعبر

«اتفاقية أوسلو».. دروس وعبر

«اتفاقية أوسلو».. دروس وعبر

 العرب اليوم -

«اتفاقية أوسلو» دروس وعبر

بقلم - ناصيف حتي

عقود ثلاث من الزمن مرت منذ ولادة اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والتى عرفت باتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتى الانتقالى. الاتفاقية التى كان يفترض أن تطلق مسارا تفاوضيا يوفر مقاربة تدريجية للتوصل إلى التسوية السلمية الشاملة بين الطرفين، والتى من المنظور الفلسطينى تعنى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على ٢٢ بالمائة من أراضى فلسطين التاريخية، وعاصمتها القدس الشرقية. مؤتمر مدريد للسلام الذى انعقد فى أواخر أكتوبر ١٩٩١ بهدف التوصل إلى تحقيق السلام الشامل والدائم على كل المسارات المعنية شكل نقطة الانطلاق للمفاوضات السلمية. ولكن سرعان ما رأت القيادة الفلسطينية مع التعثر الذى بدأ يظهر غداة مؤتمر مدريد، والذى كما وصفه وزير الخارجية الأمريكى حينذاك جيمس بيكر بأن أهمية المؤتمر الحقيقية تكمن فى انعقاده، إن المطلوب الذهاب فى اعتماد مقاربة التسوية التدريجية والتى تقوم على سياسة المراحل. سياسة تبدأ بإقامة الحكم الذاتى للسلطة الفلسطينية بشكل تدريجى فى الجغرافيا وفى المسئوليات والصلاحيات حتى قيام الدولة المستقلة، حسب أهداف السلطة الفلسطينية من المفاوضات. وجاء اتفاق أوسلو ٢ فى سبتمبر ١٩٩٥ ليؤكد مجددا على تنظيم ترتيبات الحكم الذاتى وإحالة قضايا الحدود والمياه والمستوطنات واللاجئين إلى مفاوضات الاتفاق الدائم التى بالطبع لم تأتِ. وللتذكير فشلت القمة الثلاثية التى استضافها الرئيس الأمريكى بيل كلينتون فى كامب ديفيد فى يوليو ٢٠٠٠ بمشاركة الرئيس عرفات ورئيس وزراء إسرائيل باراك، لإحياء الاتفاق الذى بدأ بالاحتضار، وتبعتها مفاوضات فلسطينية إسرائيلية فى ديسمبر ٢٠٠٠ لم تقلع أساسا غداة انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتفاضة الأقصى فى سبتمبر ٢٠٠٠.
مقابل إنجاز اتفاقية أوسلو التى كان يفترض أن تهيئ تدريجيا لإزالة الاحتلال، لم توقف سلطات الاحتلال من سياسة إقامة الطرق التى تحاصر القرى الفلسطينية وتربط بين المستوطنات. واستمرت فى سياسة تعزيز الاستيطان، ولو بسرعات مختلفة فى البداية ولكن دون التوقف. كما عززت سيطرتها على الأرض والمياه والفضاء، كما قامت بتقطيع أوصال ما يفترض أن تكون الأراضى التى ستقوم عليها الدولة الفلسطينية. فجرى فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية وكذلك فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية أيضا.
كان واضحا منذ البداية وتأكد مع كل يوم مضى أن هدف إسرائيل لا يتعدى إعطاء سلطات من نوع الحكم الذاتى للفلسطينيين: سلطات محلية، لا يمكن أن تتحول يوما إلى سلطات سيادية، حسب الاستراتيجية الإسرائيلية المعتمدة بشكل ظاهر أو مغطى بعض الشىء بواسطة مقترحات للتفاوض بهدف شراء الوقت وتغيير الوضع القائم على الأرض. الهدف الإسرائيلى نفذ بشكل تدريجى ولو أنه صار مع الوقت ومع تراجع القضية الفلسطينية عن جدول الأولويات الفعلية وليس الكلامية أو الشعاراتية فى المنطقة، أكثر وضوحا فى الخطاب وأكثر حدة فى الممارسة. ثم صار أكثر صراحة ووضوحا وفجاجة مع وصول اليمين الدينى المتشدد إلى السلطة وسياسة التهويد الناشطة على الصعيدين الجغرافى والسكانى التى يتبعها فى الأراضى المحتلة. السياسة التى تعمل أيضا على تغيير طبيعة ودور مؤسسات السلطة فى إسرائيل سواء فى القضاء أو فى مجالات أخرى وفقا للقناعات العقائدية لهذه القوى الدينية الأصولية فى السلطة، الأمر الذى قد يؤدى إلى صدام أهلى داخلى عنيف. كما تعمل السلطة الجديدة لإحداث مزيد من قوانين التمييز العنصرى ضد المواطنين غير اليهود فى الدولة. كلها عوامل تدفع نحو حصول انفجار فى «البيت الإسرائيلى» حول هوية السلطة ودورها كما تهيئ الأرضية من خلال ما أشرنا إليه سابقا لحصول انفجار أو انتفاضة ثالثة قد تختلف فى طبيعتها وسماتها عن الانتفاضتين السابقتين، فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
فى الذكرى الثلاثين لولادة اتفاقية أوسلو، التى لم تعمر فى مسارها المنتظر من أهلها، وممن راهن عليها من الخارج أكثر من سنوات قليلة جدا، نخلص إلى درس أساسى للمستقبل مفاده التالى: أن أى مسار تفاوضى لا يستطيع أن يحقق أهدافه بتحقيق السلام المنشود والعادل إذا لم يستند بشكل مستمر، لتوازن قوى ولو دينامى يخدم الأهداف التى انطلق ذلك المسار لتحقيقها.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اتفاقية أوسلو» دروس وعبر «اتفاقية أوسلو» دروس وعبر



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab