الإيمان تجربة

الإيمان تجربة

الإيمان تجربة

 العرب اليوم -

الإيمان تجربة

بقلم - د. محمود خليل

كان عاشور الناجي -في الحكاية الأولى من ملحمة الحرافيش لنجيب محفوظ- يرى في الشيخ عفرة زيدان نموذجاً للمتدين المثالي، لكن مسارات الأحداث تؤشر إلى أنه لم يتعمق جيداً في أسلوب الشيخ في التعامل مع "سبل الهداية"، لم يتأمل جيداً عجز الشيخ عن هداية شقيقه "درويش زيدان"، وإيمانه بأن الهدى هدى الله، وأن الهدى الإيماني أصله التجربة.

وجد "عاشور" نفسه عاجزاً عن هداية أبنائه من زوجته الأولى "رينب"، ثلاثة ذكور أنجبهم وحاول أن يربيهم على القيم التي رباه عليها "الشيخ عفرة" لكنه عجز عن ذلك، تعجب كيف يعجز أب عن تشكيل شخصية أبنائه وهم ما زالوا "عجينة طرية" قالبة للتشكيل!

توجه إلى زوجته الثانية "فلة" التي كانت في عمر أبنائه، وهي لقيطة مثله، وحاول زرع بذرة الإيمان في قلبها. سنحت فرصة نادرة لـ"عاشور" ليملأ قلب "فلة بالإيمان" حين فرت معه إلى الخلاء، هرباً من "الشوطة".

لم تكن "فلة" تعرف الله ولا الأنبياء ولا الثواب ولا العقاب، تحفظ سور القرآن في عناء، يغلبها الضحك فتخرج من الصلاة، وتصلي اتقاءاً لغضب عاشور، واستجلاباً لمرضاته. سألته ذات يوم وهما بالخلاء:

- لماذا ترك الله الموت يفتك بالناس؟

- فأجابها بعنف: من يدري لعلهم في حاجة إلى تأديب!

- فقالت مداعبة: لا تغضب مثل الله.- متى تهذبين ألفاظك؟

- عظيم.. ولم خلقنا بهذا القدر من السوء؟

- فضرب الرمل براحته وتساءل: من أنا حتى أجيبك نيابة عنه عز وجل؟.. ثم أردف: علينا أن نؤمن به فقط.. علينا أن نضع قوتنا في خدمته.

حين رأت "فلة" زوجها العملاق لا يأبه لأمر في الحياة سوى الدين، اتجهت إلى المناورة معه عبر ما يؤمن به، واتبعت معه سبيل "المناورة بالدين"، حدث ذلك حين زينت لـ"عاشور" العيش في بيت "البنان" المخملي، الملىء بالذهب والتحف وخيرات الله، جادلته بالعيشة الضنك التي يحيون في ظلها داخل حجرة منفية في جانب من الحارة، سألته عن الحكمة في أن يعيش إنسان في جحر وآخر في قصر؟

فرد عليها بأن حكمة الله تعز على العقول، فنبهته إلى ما سبق وعلمها من أن الله "يهب الرزق لمن يشاء"، وقد وهبه خير "البنان" بعد أن ابتعلت "ألشوطة" عائلته بأكملها، ولم يعد لممتلكاتها من وارث يرثها، وانتهى أمر "عاشور" المؤمن إلى الاستجابة لها، ليعيش تجربة علمته الكثير.

غاب عن "عاشور" أن الإيمان ليس عملاً تلقينياً، بل "تجربة"، فمهما كان جمال وعظك وعظمته، فإنه لن يمر من الأذن إلى القلب، إلا لمن شاء الله له الهداية.

والهداية جوهرها التجارب التي يمر بها الإنسان في حياته، واتجاه الإنسان إلى تأملها، لتنبت في قلبه بذرة الهداية، وتتفرع أوراقها بعد ذلك مع كل تجربة جديدة.

وقد عاين عاشور ذلك بمرور السنين، حين وجد "فلة" تتجه بقلبها إلى الله، بعد أن تراكمت في حياتها التجارب، فعلمتها معنى الايمان، وبعد أن عاينت أثر رحمة الله في حياتها فتعلق قلبها به.

وكأن مرور السنين وآلام التجارب هي التي تهدي قلب الإنسان، وتعلمه معنى الإيمان.

a
..واقرأ لهؤﻻء

arabstoday

GMT 19:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 10:57 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 10:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 10:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 10:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 10:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيمان تجربة الإيمان تجربة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab