بقلم - محمود خليل
خضع "عاشور الناجي"، الرجل الذي سكن الإيمان قلبه لاختبار عسير، حين تواجه مع "محمود قطائف" شيخ الحارة -ممثل الحكومة- حول وثائق ملكيته لدار "البنان" التي استولى عليها وعلى ما فيها من مال، بإبعاز من زوجته "فلة" الطامعة في نعيم الدنيا، وبرر لنفسه الأمر بأن المال مال الله، وأنه ينفقه على الفقراء، وبنى به زاوية وسبيلاً وحوضاً للبهائم.
مَن هي الحكومة؟ ومَن هم ممثلوها؟ لم تكن الحكومة سوى مجموعة من الأفراد المنتمين إلى عالم السلطة، والمستقرين في مواقع تجعلهم مسئولين عن "الظبط والربط"، لكنهم في النهاية جزء من الشعب، يتصارعون مع البشر العاديين -من خارج السلطة- ويتصارع البشر العاديون معهم.
وموضوع الصراع -في الأغلب- هو المال. في هذا السياق نشب الصراع بين "عاشور الناجي" الذي يبرر وضع يده على مال الغير بغطاء ديني (المال مال الله والانفاق) وأنه جعل بيت البنان بيتا للمحسنين، ومحمود قطائف الذي يرى أن المال مال الحكومة (بيت المال)، مع ملاحظة عدم وجود فارق بين الجيب العام والجيب الخاص.قاد "محمود قطائف" اللجنة التي بدأت تفحص الأملاك التي سُرقت والثروات التي نُهبت من الحارة على يد من استغلوا الفوضى التي نتجت عن الشوطة، وهي اللجنة التي انضم إليها عاشور الناجي، بحكم أنه الوحيد الذي أفلت من الموت في الشوطة، ولديه معلومات عن أهل الحارة.
أمام عيني عاشور مد أعضاء اللجنة أيديهم وعبوا واستولوا على كل ما وجدوه من مال وتحف ومقتينات، وكل ما هو ثمين داخل الدور، وكان "محمود قطائف" أسرعهم وأكثرهم نهباً. لم يذهب شىء إلى بيت المال، وكل ما حدث أن اللجنة رفعت تقريراً إلى السلطة بأن الدور خالية من أي ثمين، وأن أولاد الحرام نهبوا كل شىء ذي قيمة بداخلها!
نظرات "عاشور" إلى أعضاء اللجنة وهم ينهبون كانت تثير قلقهم، لكنهم كانوا يعلمون أن عينه مكسورة أمامهم، بعد أن رسخ في يقين "محمود قطائف" أن صاحب النجاة استولى على بيت "البنان" وما فيه من مال، ورغم ذلك قرر الإيقاع به، فذهب إليه ذات يوم، وأخبره أن أعمال اللجنة قد انتهت على خير، ولم يتبق غير أمر واحد، هو حجة ملكية "الناجي" للبيت المخملي الذي يسكن فيه. واجه "عاشور" الأمر بغلظة توقعها "قطائف" الذي يعلم أن "سيد الحارة" سطا على "البنان"، كما سطا أعضاء اللجنة على البيوت، لكن ثمة فارق بين الطرفين، فقطائف وأعضاء اللجنة محميون بالحكومة، أما "عاشور" فكل أهل الحارة يحبونه لإحسانه إليهم، لكنهم عاجزون عن حمايته.
تواجه "عاشور" و"قطائف" في مناقشة حامية حول المال العام -الذي لا يوجد صاحب له- وهل هو من حق الحكومة أم من حق الناس، تبنى "قطائف" نظرية أن المال مال الحكومة، ولابد أن يوضع في بيت المال، فرد عليه "عاشور" بأن المال مال الله، وأن الحكومة لا تنفق شيئاً على الناس، أما المحسنون الطيبون فينفقون، وبالتالي إذا وقع المال تحت أيديهم، فسوف يستفيد الناس أكثر.
انتهت المواجهة بالقبض على عاشور بعدما عجز عن تقديم ما يثبت ملكيته لبيت البنان، وحوكم بالقوانين التي وضعتها السلطة التي تحرم أن تمتد يد -غير بد قطائف وأعضاء اللجنة- إلى المال العام لتكنزه لنفسها.
فكر "عاشور" كثيراً وهو في سجنه في أمر أعضاء اللجنة ورئيسهم "قطائف"، وخلص إلى أنهم مجموعة من الأوغاد الصغار، يقودهم وغد كبير هو "قطائف".