دولة ناصر ودولة السادات

دولة "ناصر".. ودولة "السادات"

دولة "ناصر".. ودولة "السادات"

 العرب اليوم -

دولة ناصر ودولة السادات

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

ثمة كيمياء من نوع خاص تربط بين الرئيس والشعب. إذا تشابهت فكل شىء مغفور، وإذا تعارضت فكل شىء قليل الشأن مهما كانت عظمته. شهدت مصر خلال الجمهورية الأولى التى تشكلت عقب ثورة يوليو 1952 ثلاثة رؤساء -إذا استثنينا الرئيس محمد نجيب الذى لم يمكث فى الحكم طويلاً- أولهم الرئيس جمال عبدالناصر، وثانيهم الرئيس السادات، وثالثهم حسنى مبارك. «عبدالناصر والسادات» كانا ينتميان كما تعلم إلى الضباط الأحرار، وبالتالى كانت شرعيتهما ثورية إلى حد كبير، أما «مبارك» فشرعيته مستمدة من اختيار «السادات» له كنائب رئيس جمهورية، بعد أن قرر أن ينقل عهدة الحكم إلى جيل أكتوبر.

أغلب المصريين أحبوا الرئيس جمال عبدالناصر لأسباب معلومة. فقد كان شاباً طامحاً عرف كيف ينفذ إلى أعماق النفس المصرية، مستعيناً فى ذلك بشخصيته الكارزمية. والطموح الكبير لا بد أن يتوازى معه أمران، أولهما الإنجازات الكبرى، وثانيهما الأخطاء الكبرى. وقد حقق «عبدالناصر» العديد من الإنجازات التى سقطت ثمرتها بصورة مباشرة فى حجر الشعب وجيبه، كما وقع فى عدد من الأخطاء الكبرى، مثل التورط فى حرب اليمن 1962 ثم نكسة 1967، وكان لهما تأثيرات شديدة السلبية على مصر والمصريين. ورغم ذلك فقد نسى الشعب كل أخطاء «عبدالناصر»، أو قل غفرها له، وظل على محبته للزعيم، وبرر ذلك لنفسه بأن ذلك دأب الزعماء، فكما ينجزون يخطئون. كانت الكيمياء التى تجمع «عبدالناصر» بشعبه قادرة على تذويب أية أخطاء فى نهر الحب الذى يتدفق فى النفس المصرية العاطفية بطبيعتها.

أنور السادات كان شخصية مختلفة التوجهات مقارنة بجمال عبدالناصر وعصره. وقد تمكن من تحقيق الكثير، فهو الذى استرد الأرض التى ضاعت فى 1967 بعد أن تمكن جيشنا من تحقيق نصر مجيد على إسرائيل فى أكتوبر 1973، واستكمل مشواره عبر الصلح مع إسرائيل لتعود سيناء إلى حضن الدولة المصرية، وفتح المجال العام: سياسياً وإعلامياً، مقارنة بما كان عليه الحال أيام «عبدالناصر»، وبدأ مشروعات لبناء مدن جديدة وتوجه إلى ترميم العديد من المرافق المتهالكة فى مصر، لكن الشعب لم يغفر له بعض الإجراءات الاقتصادية التى اتخذها والتوجهات السياسية التى تبناها. كان «السادات» رحمه الله يفكر بشكل مختلف لم يعتده المصريون، فتعارضت كيمياء الرئيس مع الشعب، فاتخذ نفر ليس بالقليل من المصريين موقفاً سلبياً منه. ولم يشفع للرجل سلسلة الإنجازات التى تمكن من تحقيقها على مدار فترة حكمه.

نقطة النهاية ترتسم على صفحة الواقع عندما يهتز المشروع ويخبو الحلم ويتلاشى الجديد. فبعد نكسة 1967 اهتز مشروع الرئيس جمال عبدالناصر وأصبح كل همه التحضير لمعركة الثأر، وشاء الله أن يلقى وجه ربه قبل أن يشهد النصر. أما «السادات» فقد انتابته حالة عجيبة -يذكرها مَن عاصر هذه الفترة- بعد تحقيق النصر وإبرام اتفاقية السلام مع إسرائيل. فقد دأب فى كل خطاب من خطاباته على مذاكرة سلسلة الإنجازات التى حققها للمصريين، وظل على هذا النحو -رحمه الله- حتى قابل وجه ربه فى أكتوبر 1981.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة ناصر ودولة السادات دولة ناصر ودولة السادات



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab