ركوب العالم الجديد

ركوب العالم الجديد

ركوب العالم الجديد

 العرب اليوم -

ركوب العالم الجديد

محمود خليل
بقلم - د. محمود خليل

تحولات عديدة كانت تقع فى المجتمع المصرى منذ أواخر السبعينات، فى وقت كان أبناء جيل الثمانينات فيه غارقين فى التعليم، وقراءة الكتب، ومراكمة المؤهلات، التى يمكن أن تأخذ بيدهم إلى عالم الوظيفة وبناء الحياة.

أغلب أبناء هذا الجيل تخرجوا فى المدارس الحكومية، وعاصروا التعليم فى فترة ساد فيها توجه عام رافض لكل ما هو أجنبى، ومن ضمن ذلك اللغات طبعاً، أهملت المدارس تعليم اللغات الأجنبية، خصوصاً الإنجليزية، وتم تأخير مقررات تعليم اللغة الأجنبية إلى الصفوف الإعدادية، ثم الثانوية (إجماليها ست سنوات)، بعد أن كان تدريس اللغات يتم منذ مرحلة مبكرة فى العصر الملكى، وكانت النتيجة ضعف مستوى الخريجين فى اللغة الإنجليزية.

مَن انخرط من جيل الثمانينات فى دراسة اللغة الإنجليزية داخل كليات الآداب أو الألسن أو غيرها أدرك حجم الكارثة التى كان يعيشها تعليم اللغات بالمدارس، ومن سافر منهم إلى الخارج أدرك حجم المحنة التى يعيشها تعليم اللغات بالجامعات.

جيل الثمانينات لم يعرف طيلة رحلة تعليمه ما يسمى بالمدارس الخاصة أو الأجنبية التى تهتم بتعليم اللغات منذ مرحلة الروضة، وتعتمد الإنجليزية كلغة لتعليم المقررات التى تعلّمها المدارس الحكومية باللغة العربية، مثل العلوم والرياضيات. المدارس الأجنبية والخاصة فى تلك الفترة كانت محدودة العدد، وتستوعب بضع عشرات من الطلاب، مقابل الآلاف المؤلفة التى تستوعبها المدارس الحكومية، ولم يدخل الأجنبى منها سوى أولاد الطبقة التى تمثل قمة الهرم السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى مصر، أما الخاص فلم يدخله سوى أصحاب المستوى التعليمى الضعيف من خريجى المدارس الحكومية، الذين لم يحققوا مجموعاً يساعدهم على القبول فى المدرسة الإعدادية أو الثانوية الحكومية. وبالتالى كانت المدرسة الخاصة فى ذلك الوقت مأوى الفشلة.

مع مطلع الثمانينات أخذت خريطة التعليم فى الاختلاف، فقد بدأت الدولة ترفع يدها عن التعليم، وتشجع رأس المال الخاص على إنشاء المدارس الخاصة التى تقدم التعليم الأجنبى، فنشأت المدارس الخاصة، وتوسعت المدارس الأجنبية، وبدأت تدفع بجيل مختلف من المتعلمين أكثر إجادة -ولو بصورة نسبية- للغة الأجنبية من خريجى المدارس الحكومية من جيل الثمانينات.

طيلة الستينات والسبعينات لم يكن مستوى الخريج فى اللغة الأجنبية يفرق كثيراً فى تعيينه، فى ظل سيطرة فكر القطاع العام على دولاب الدولة، ومحاربة كل ما هو أجنبى، لكن أموراً كثيرة اختلفت منذ النصف الثانى من السبعينات، وحتى ركوب مصر قطار الخصخصة الذى يقوده رجال الأعمال، إذ أصبحت اللغة وسيلة من وسائل ركوب العالم الجديد، وتعامل جيل الثمانينات مع هذه المشكلة بصورة فردية، فكل شخص حاول أن يوجد لنفسه خلاصاً فردياً، وهناك من نجح بشكل كامل فى ذلك، وهناك من نجح بدرجة متوسطة، وهناك من لم ينجح. من أفلح ركب، ومن فشل صار مركوباً من مراكيب العصر القديم، ولم يكن يفصل ما بين العصرين القديم والجديد فى ذلك الحين أكثر من عقد من الزمان، هو عقد الثمانينات.


قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ركوب العالم الجديد ركوب العالم الجديد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab