لحظة انتصار ترمب

لحظة انتصار ترمب

لحظة انتصار ترمب

 العرب اليوم -

لحظة انتصار ترمب

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل يحق للرئيس ترمب أن يحتفل بلحظة انتصار فارقة باتت بصورة شبه مؤكدة مفتاحه إلى ولاية رئاسية ثانية في الانتخابات القادمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، ليتربع على عرش البيت الأبيض لأربع سنوات أُخر؟

أغلب الظن أن ذلك كذلك، ولا سيما أن الرجل بدا منتصراً في محطتين مهمتين للغاية خلال الأيام القليلة الفائتة، فقد ألقى خطاب حالة الاتحاد الذي أكسبه قوة وحضوراً في أعين الأميركيين، وجاءت تبرئة مجلس الشيوخ له من الاتهامات التي وجهت إليه بغرض عزله لتفتح الطريق واسعاً أمام استعلان انتصاره على الديمقراطيين.

بدا واضحاً وفي الساعات التي أعقبت خطاب حالة الاتحاد أن الرئيس ترمب أصاب نجاحاً عظيماً؛ فقد جاء المضمون قوياً، والعبارات واضحة؛ إذ استخدم مصطلحات مقبولة ومعقولة من النخبة والعوام، عطفاً على تنوع الضيوف المدعوين إلى الكونغرس للاستماع إليه؛ ما جعله يظهر في مظهر المنتصر أمام الديمقراطيين الساعين إلى عزله.

من على منصة الكونغرس ظهر ترمب رجل دولة من الطراز الأول؛ إذ لم يجنح إلى التمايز بين الحزبين الكبيرين، ولم تستقطبه معارك الديمقراطيين، بل على العكس من ذلك تماماً وجّه خطاباً وسطياً قوياً بعيداً عن الحزبية.. خطاباً أشاد فيه بتعاون المشرعين من الحزبين للعمل معاً من أجل صالح أميركا؛ ما دعا الكثيرين من الأعضاء الديمقراطيين للوقوف تصفيقاً له.

خرج ترمب من خطاب حالة الاتحاد محملاً بالنقاط الإيجابية، التي اكتسب الكثير منها من الموقف العدائي الذي أبداه بعض من الرموز الكبرى للديمقراطيين كالسيدة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، والتي أبدت ما يمكن أن نطلق عليه كراهية مجانية لترمب منذ أن دخل البيت حتى تمزيق أوراق خطاب الرجل.

لا غرو إذن أن تأتي نتائج استطلاع معهد «غالوب» وقبل الجلسة النهائية في مجلس الشيوخ التي سعى فيها الديمقراطيون لإزاحة ترمب، لتؤكد على ارتفاع شعبية ترمب، فقد أشار 49 في المائة من المستطلعة آراؤهم إلى أنهم راضون عن أدائه، وهي أعلى نسبة يصل إليها منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) 2017، كما ارتفعت شعبيته بين الجمهوريين من 88 في المائة إلى 94 في المائة، وفي أوساط المستقلين من 37 في المائة إلى 42 في المائة، وأيد 53 في المائة قرار مقتل قاسم سليماني.

لم يكن مثيراً إذن أن يهتف الكثيرون لترمب تحت قبة الكونغرس مطالبين بإعادة انتخابه لأربع سنوات جديدة، وهو ما بات أمراً شبه محسوم بعد انتصاره الأخير في مجلس الشيوخ.

يحتاج حديث عزل ترمب إلى مساحة تتجاوز المسطح المتاح للكتابة؛ إذ تعكس بادئ ذي بدء الحالة التي وصل إليها النسيج الاجتماعي السياسي الأميركي من اهتراء، وهو أمر لا بد له من أن ينعكس بصورة أو بأخرى على حالة التماسك المجتمعي الأميركي، التي تصدعت بعض جوانبه من التشظي الذي أصاب الروح الأميركية.

هنا يتحتم القول، إن الدولة الليبرالية الأميركية العميقة قد عملت جاهدة من خلال الديمقراطيين على الإطاحة بترمب، ومنذ اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض، ولا سيما أن جل مواقفه تميل كفتها نحو اليمين الأميركي، سواء يمين الوسط أو أقصى اليمين؛ ما تجلى في توجهاته السياسية الخارجية من ناحية، أو عبر القضايا الداخلية ذات المساحة الأخلاقية والإيمانية، كالإجهاض والمثلية الجنسية، والرافض لهما تماماً على العكس من سلفه باراك أوباما صاحب الشعار المخزي «الحب انتصر».

اجتاز ترمب الفخاخ الكثيرة التي نصبها له الديمقراطيون في طريقه في محاولة للنيل منه بأي ثمن، بدءاً من إشكالية «روسيا - غيت»، التي حاولوا فيها جاهدين اتهامه بالعمالة لروسيا بوتين، واستمرت المحاكمة فترة طويلة وعلى رأس فريق التحقيق المحقق روبرت موللر، المدير السابق للمباحث الاتحادية، ولم يقدر له أن يمسك تهمة صلدة تجاه الرئيس، ولاحقاً بدت النوايا الديمقراطية تترصد ترمب من خلال المكالمة الهاتفية سيئة الحظ - إن جاز التعبير - مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

لم تكن البدايات في مجلس النواب تشي بأكثر من اهتراء سياسي أميركي داخلي، ولا سيما أن بيلوسي والديمقراطيين من ورائها كانوا يدركون أن قصة أوكرانيا برمتها ليست إلا تموضعاً سياسياً برداء قانوني، وبلغة أخرى يمكن القول، إن مسألة عزل الرئيس ترمب برمتها لم تكن إلا مسألة محاصصة سياسية وليست اتهاماً جنائياً موجهاً للرئيس.

اتهام مجلس النواب لترمب بتهديد الأمن القومي الأميركي لم يكن ذا حيثية من الأصل؛ ذلك أن المكالمة أصل المشكل لا يمكن تصنيفها كرشوة، ولا يعتد بها كخيانة عظمى، وهما السببان الواردان في المادة الثانية من القسم الرابع في الدستور الأميركي لعزل الرئيس.

ما تبقى أمام أعضاء مجلس الشيوخ في محاكمتهم لترمب لم يكن سوى «الجرائم والجنح العالية»، والتي لم يتطرق الدستور الأميركي لماهيتها؛ ما يجعل التفسيرات لزجة ومطاطة، ولا سيما في ظل تأكيد المحكمة الدستورية العليا في البلاد على حصانة الرئيس دستورياً من أي محاكمة مدنية.

سعى الديمقراطيون إلى تحويل ترمب إلى بطة ميتة وليس بطة عرجاء فقط قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، غير أن ما حدث هو العكس تماماً؛ إذ كانت مشاعر الحنق الديمقراطية طريقاً لتأكيد القاعدة الشعبية لترمب التفافها حول الرئيس، وقد رأى غالبية الأميركيين أن ما يجري ليس إلا محاولة انقلاب سياسي من التيارات المغرقة في تطرف أجنحتها الليبرالية، حتى وإن كلف الأمر خسارة الديمقراطيين الرئاسة القادمة.

الخلاصة... الغضب ليس جميلاً كما يقول كانط... والكراهية لا تفيد في بناء مستقبل الدول... الوطن مودات وشراكة أحلام.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة انتصار ترمب لحظة انتصار ترمب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab