بقلم - عماد الدين حسين
وصلتنى الرسالة التالية من الكاتب الصحفى أحمد أبوشادى تعليقا على أحد مقالاتى هنا، وإلى نص الرسالة:
أود أن أتناول إشارة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى المتكررة إلى تبنيه خطط الإصلاح التنموية الطموحة فى مصر على مسارات متوازية وليست متتالية، فقد شجعتنى إشارته المهمة إلى المسارات المتوازية لطرح بعض المجالات الحيوية التى تعانى إهمالا لا يحتمل التأجيل أو التسويف، خاصة أنها بالفعل تعوق الانطلاقة الاستثمارية التى ننتظرها من الداخل والخارج والتى يتوقف عليها انتهاء سنوات العناء والبدء فى جنى ثمار الصبر والتحمل التى يشيد بها الرئيس باستمرار.
أتحدث أولا عن ضرورة إنهاء فوضى الشارع، سواء فوضى المرور للسيارات والمشاة بلا أدنى رادع، أو غياب إشارات وعلامات المرور الأساسية المعروفة دوليا، والاكتفاء المزرى بمطبات بدائية غبية ومدمرة، وإلغاء التقاطعات الرئيسية، وتحويل السير إلى الدوران للخلف بما يسببه من اختناقات فى الاتجاهين، كل ذلك بزعم الانسياب المرورى بيننا هو بحق التسيب المرورى.
الشعب المصرى مثله مثل كل الشعوب الأخرى يحترم القانون وقواعده المنطقية، ويحترم تطبيقها بحسم وبلا مراوغة، وينتظر بفارغ الصبر فرض احترام القانون فى الشارع المصرى.
أتحدث عن غياب أسماء الشوارع وأرقام العقارات، هل هذه مهمة مستحيلة؟، كذلك بلطجة إشغالات الأرصفة، وفوضى لافتات المحلات، وإغلاق جراجات وشوارع بأكملها لحساب أصحاب المصالح الضيقة.
أتحدث عن غياب تخطيط الحوارى المرورية بألوانها الدولية المعروفة، الأبيض والأصفر والأحمر، وفرض احترامها والالتزام بها على الجميع طبقا للقانون.
أتحدث عن تغليظ الغرامة على الظاهرة المنتشرة والمخجلة بإلقاء القمامة والفضلات من نوافذ السيارات، بما فى ذلك السيارات الفارهة لـ«صفوة المجتمع»، ولردع هذا التصرف المشين يتعين ألا تقل الغرامة عن خمسة آلاف جنيه حتى تكون عقوبة صادمة، ورادعا مؤثرا يوقف هذه الظاهرة التى تشوه بلادنا وتثير الاشمئزاز فى النفوس.
أتحدث عن الاستمرار دونما مبرر للحوائط الخرسانية التى تشوه شوارعنا، وبقاء أجهزة كشف المعادن والكلاب وغيرها من مظاهر محاربة الإرهاب، حتى أصبحت سمة تنفرد بها مصر بلد الأمن والأمان، علما بأن تلك الإجراءات مؤقتة، واختفت من كل مدن العالم التى عانت من أعمال إرهابية مثلنا وأكثر.
سوف أذكر مثلا آخر هاما وملحا يحتاج إلى تدخل حاسم من الجهات المعنية، وهو عن الفوضى التى تتفشى فى معظم مطاراتنا مثل نظم المرور المعروفة والمطبقة عالميا التى سبق الإشارة اليها، تحظى مطارات العالم بنظم وخدمات محددة، وتخطيط واضح ومعروف للسفر والوصول، بما فى ذلك أكثر مطارات العالم ازدحاما حيث تقلع أو تصل طائرة كل دقيقة واحدة!
كيف تسمح بعض الجهات بتكريس الفوضى فى بعض مطاراتنا وحولها وكأننا بلد يعيش فى عالمه الخاص، ولا يملك القدرة على التفكير المنطقى العادى، بل ونفتقر إلى حسن التخطيط فى أبسط حالاته.
معظم مطاراتنا فى حالة من الفوضى يندى لها الجبين، ولست فى حاجة إلى تعديد أوجه القصور فهى واضحة يعانى منها الجميع، مسافرين ومودعين وعاملين.
والمحزن هو استمرار المكابرة من بعض المسئولين، والتعلل بالاعتبارات الأمنية، أو بإلقاء اللوم على جهل المواطنين وتخلفهم، بينما تتقاعس الجهات المعنية عن الاضطلاع بمسئولياتها فى الإدارة الحاسمة، والضبط والربط، والتخطيط المنطقى الذى يخدم المسافرين والقادمين والمودعين فلهم جميعا حقوق يتعين احترامها والوفاء الكريم بها، مع فرض تنفيذ القانون فى الصغيرة والكبيرة بلا هوادة حتى تنتظم الحركة ويسود الاحترام.
المصريون جميعا يقدرون كل التقدير خطط الإصلاح الكبرى ويرونها ويشعرون بآثارها، ولكنهم فى الوقت نفسه يطالبون المسئولين
بمسارات موازية جادة لإصلاح تلك الأساسيات التى أشرت لها والتى لا تحتمل الانتظار.