العلاقة مع المسيحيين القاعدة والاستثناء

العلاقة مع المسيحيين.. القاعدة والاستثناء

العلاقة مع المسيحيين.. القاعدة والاستثناء

 العرب اليوم -

العلاقة مع المسيحيين القاعدة والاستثناء

بقلم - عماد الدين حسين

هل التضامن بين المسلمين والمسيحيين فى الحوادث الكبرى يعتبر خبرا مهما ينبغى إبرازه، أم أنه أمر عادى ويحدث فى مصر منذ آلاف السنين؟!
أطرح هذا السؤال تعليقا على ما قاله بعض المعلقين والمحللين عقب الحادث المفجع والمحزن بالحريق الذى وقع فى كنيسة «أبوسيفين» فى المنيرة الغربية بإمبابة صباح الأحد الماضى، وأدى إلى وفاة ٤١ شخصا وإصابة ١٤ آخرين.
الأصل فى الأمور والأشياء هو الجيرة والسلام والأخوة والعيش المشترك، وما دون ذلك هو الاستثناء الذى يفترض أن يؤكد القاعدة.
شخصيا ولدت فى قرية التمساحية بالقوصية بأسيوط وعشت فى هذه القرية حتى سن الثامنة عشرة، فى هذه القرية كانت البيوت متلاصقة ومتداخلة وكذلك الحقول، صحيح أنه كان هناك ما يطلق عليه درب النصارى أو عزبة النصارى، لكن عددا كبيرا من الإخوة المسيحيين كانوا يعيشون فى بيوت متداخلة مع المسلمين.
فى هذا الوقت كان كل الكبار فى القرية أعمامنا محمد وأحمد ومحمود، وجرجس وحنا وألفريد.
بعض زملائى وأصدقائى وأساتذتى فى القرية وما يجاورها من قرى كانوا وما يزالون من المسيحيين. نعيم وجوهر بسكاس وناشد موسى، وميلاد نعيم وعادل موسى وجمال جاد ود. فرنسيس عبدالملاك الذى صار الآن واحدا من ألمع أطباء الأعصاب فى السويد وما تزال علاقتنا قوية. كنا نلتقى فى المدرسة صباحا وفى الحقل ظهرا وفى ملاعب القرية الترابية عصرا، وعلى القنطرة ليلا.
فى الإعدادية قضيت السنوات الثلاث فى مدرسة الدير المحرق، بجوار هذا الدير الأثرى المهم جدا، حيث قضت السيدة مريم والسيد المسيح عليهما السلام أطول فترة وهى ستة شهور فى رحلة الهروب من الرومان. وهى آخر نقطة بلغتها رحلة العائلة المقدسة جنوبا، وليس مؤكدا أنهما ذهبا إلى درنكة جنوب أسيوط.
فى الإجازات الصيفية فإن أحد الطقوس الثابتة لشباب ورجال القرى المجاورة للدير هو حضور «مولد العدرا» أو «أم النور» فى الأسبوع الثالث من شهر يونيو من كل عام. نذهب لشراء الحمص والفول السودانى والألعاب المختلفة، ونعود ليلا مشيا على الأقدام لمسافة تزيد على خمسة كيلومترات.
حينما غادرت القرية وجئت إلى القاهرة خريف ١٩٨٢ للالتحاق بكلية الإعلام جامعة القاهرة فإن أول شخص كنت أذهب للمبيت عنده بعيدا عن المدينة الجامعية، هو زرعى سند فى أحد حوارى كلوت بك فى رمسيس، أو بيت عمى سيف أمين فى شبرا مصر مقابل كوبرى عبود..
الأمور والحياة المشتركة لم تكن مثالية أو سمنا على عسل، كان هناك بعض المتطرفين هنا وهناك، لكنهم كانوا هم الاستثناء وليس القاعدة. وبدأ صوتهم يعلو مع صعود تيار الإسلام السياسى وتوغله فى جامعات الصعيد، خصوصا فى جامعة أسيوط عقب التحالف الذى نشأ بينهم وبين أنور السادات لمواجهة اليسار، ثم قوى هذا التيار فى الثمانينيات وصار مسلحا ووجه رصاصاته ضد المسيحيين ومؤسسات الدولة.
فى قريتنا لم تكن هناك حوادث طائفية باستثناء اشتباك حدث أثناء إعادة ترميم كنيسة القرية، ووضع صليب نيون فوقها، وتم حل المشكلة سريعا، وكذلك حينما أعلن أحد الإخوة المسيحيين إسلامه، وقيل وقتها إن هدفه كان تفادى أداء الخدمة العسكرية.
توغل وتوحش الجماعات المتطرفة لاشك أثر إلى حد ما على علاقات المسلمين والمسيحيين فى العديد من الأماكن خصوصا فى الفترة من ١٩٩٠ وحتى ١٩٩٨، حينما استهدف المتطرفون والإرهابيون الأقباط للضغط على الدولة، لكن فى قريتنا وقرى كثيرة مجاورة ظلت علاقات الود هى الغالبة باستثناء متطرفين يعدون على أصابع اليد هنا وهناك.
أن يزور الأقباط بيوت المسلمين فى أعيادهم أو العكس فهذا ليس خبرا، لكنه الأمر الطبيعى المعتاد، مثلما يحدث فى الأفراح والأحزان. ربما حاول البعض أن يعتبرها حدثا حينما زاد تربص جهات معينة بهذا العلاقة، ومحاولة تفخيخها كما حدث فى العديد من بلدان المنطقة مثل لبنان والعراق وأحيانا ليبيا. ونتذكر أن القوات المسلحة ثأرت للأقباط الـ٢١ الذين أعدمهم داعش بدم بارد فى ليبيا قبل سنوات.
مرة أخرى الأصل فى العلاقة بين المسلمين والمسيحيين أن تكون صحيحة وسليمة وطبيعية، وعدا ذلك فهو الاستثناء.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاقة مع المسيحيين القاعدة والاستثناء العلاقة مع المسيحيين القاعدة والاستثناء



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab