«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء

«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء

«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء

 العرب اليوم -

«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء

بقلم:عثمان ميرغني

هناك قلق متزايد وسط الجهات الصحية في أوروبا وعدد من الدول، وبين العلماء، بسبب المتحورات الجديدة من فيروس «كورونا» التي بدأت في الانتشار بسرعة متزايدة في الآونة الأخيرة، وسط مؤشرات على أنها قادرة جزئياً على تفادي مناعتنا.

وتشهد العديد من الدول الأوروبية منذ بداية الشهر الحالي ارتفاعاً كبيراً في الإصابات بـ«كوفيد-19»، بينما يحذر الخبراء من أنه مع رفع جميع القيود تقريباً، وتراجع الإقبال على الجرعة المعززة، وازدياد السفر والازدحام في موسم الإجازات، وتخلي الناس عن كل إجراءات الحيطة، من المتوقع أن يتواصل الارتفاع في الإصابات.
وأكثر ما يقلق السلطات الصحية أن هذا الارتفاع يحدث في موسم الصيف، ما ينذر بأن الشتاء -وهو موسم الإنفلونزا التقليدي- سيكون أسوأ بكثير.
الخبر الجيد حتى الآن أنه على الرغم من الموجة الجديدة من الإصابات، فإن الوفيات لا تزال في مستويات منخفضة. فكثير من الناس يتمتعون اليوم ببعض الحماية المناعية، سواء من اللقاحات، أو من إصابتهم بالعدوى سابقاً وتعافيهم، أو من كليهما.
الإصابات الخطيرة بفيروس «كورونا» الأصلي كانت قد بدأت في الانحسار منذ العام الماضي، بسبب هذه المناعة التي تكونت، وليس لأن الفيروس قد ضعف. وكان ظهور متحور «أوميكرون» لأول مرة خلال العام الماضي سبباً في تسارع الإصابات؛ لأنه سريع الانتشار، إلا أن ما طمأن الناس أن أعراض المرض بدت خفيفة، وفي أكثر الحالات لا تستدعي دخول المستشفى.
في الأسابيع الأخيرة، بدأ العلماء والمختصون يشعرون بقلق متزايد من متحورات فرعية جديدة لـ«أوميكرون» يمكن اعتبارها «جيل الأحفاد» من فيروس «كورونا» الأساسي، وذلك بعدما حدثت الطفرة الكبيرة في الإصابات في أوروبا خلال الشهر الحالي. فهناك 3 مشكلات في المتحورات الفرعية الجديدة؛ فهي -أولاً- أسرع في العدوى بنسبة 10 في المائة إلى 15 في المائة. ثانياً، ثبت أنها قادرة على التسلل عبر المناعة، مقارنة بمتحورات «أوميكرون» السابقة. وثالثاً، أنها تتكاثر بشكل أكثر ضرراً في خلايا الرئة، بالمقارنة مع المتحورات السابقة.
هناك بعض الحقائق المهمة لا بد من تسجيلها، حتى لا يسرح خيال دعاة رفض التطعيم. فالفيروس يقتل الأشخاص غير المحصنين، بمعدلات أعلى بكثير من الأشخاص الملقحين. وعلى الرغم من أن العديد من الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح وأصيبوا بـ«كوفيد» وتعافوا منه، يتمتعون ببعض الحماية نتيجة العدوى السابقة، فإنهم عرضة مثل غيرهم لخطر الإصابة بالمتحورات الجديدة، وهو خطر يزداد كلما ضعفت مناعتهم مع الوقت. أما كون الإصابات الجديدة أخف في أعراضها، فإن العلماء يقولون إن هذا يعكس المكاسب في المناعة أكثر من أي ضعف جوهري في الفيروس.
في كل الأحوال، فإنه حتى مع انخفاض عدد الحالات المميتة، فإن الإصابات المرتفعة بالفيروس تسبب مشكلات ربما تكون طويلة الأمد. فقد وجدت دراسة حديثة في الولايات المتحدة أن واحداً من كل 5 أشخاص تحت سن 65 عاماً ناجين من «كوفيد»، عانى من آثار صحية جانبية استمرت لفترة طويلة.
ما العمل مع الطفرة الجديدة في الحالات؟
الأمر من شقين: شق متعلق بالحكومات، والآخر بالمواطنين. وفي كلتا الحالتين من الحصافة ألا نتعامل مع الجائحة على أساس أنها لم تعد خطراً متربصاً. فالحقيقة أنه ما لم يتم القضاء على الفيروس بطريقة ما، أو التوصل إلى لقاح طويل المفعول، فإن فيروس «كورونا» سيظل يتحور، ما يجعل العلماء دائماً قلقين من احتمال ظهور سلالة شديدة الخطر تعيدنا إلى المربع الأول. مع هذه الحال، فإن الإجراءات الوقائية بلا شك أفضل من سياسة التراخي.
الصين من الدول التي لا تزال تتبع سياسة صارمة في التعامل مع أي بؤر تظهر للإصابات بـ«كوفيد»، إذ لم تتوانَ عن إغلاق مدن مثل شنغهاي، أو أحياء كاملة في بكين ارتفع فيها معدل الإصابات، وذلك في إطار سياسة «صفر كوفيد»، وهو هدف يبدو بعيد المنال في ظل تحورات الفيروس. قد تكون السياسة الصينية مبالغة في التشدد، وقد عرّضتها لانتقادات في الخارج أخيراً على أساس أنها تربك الاقتصاد العالمي الذي ما زال يعاني من أثر الإغلاقات الماضية. لكن بكين تبدو مصممة على سياستها، ولا تريد الانتظار حتى ظهور متحور خطر جديد.
قد لا تكون الدول الأخرى مضطرة لمحاكاة النموذج الصيني؛ لكن الحكمة تقتضي اتخاذ تدابير احترازية. والخبراء يدعون لإجراءات مبكرة للحفاظ على مناعة مستقرة، بما في ذلك توفير الجرعات المعززة، والعودة لنظام الفحص والتتبع.
في بريطانيا، ناشد العلماء كبار السن لتلقي الجرعات المعززة، مشيرين إلى أن نحو 20 في المائة ممن هم فوق الخامسة والسبعين لم يتلقوا الجرعة المعززة الرابعة بعد. وفي هولندا، دعت أكبر منظمتين لأصحاب العمل الناس إلى العودة إلى مراعاة قواعد الحماية الأساسية، مثل غسل اليدين، واستخدام المطهرات، مثلما كان سائداً في ذروة الجائحة.
أما في ألمانيا، فقد حذرت الحكومة في تقرير صدر أخيراً من أن الانتشار السريع للمتحورات الجديدة، مع التراجع التدريجي في المناعة، يمكن أن يسبب مشكلات خطيرة. ورأت أنه ربما يكون من المستحسن دعوة الناس للعودة إلى ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة والمزدحمة، ومراعاة التباعد، إلى جانب تدابير أكثر صرامة في المناطق التي يتفشى فيها «كوفيد-19» بشكل أكثر خطورة.
من المحتمل أن تصمد المناعة بشكل كبير في مواجهة متحورات «أوميكرون» الجديدة التي تنتشر بسرعة في عدد من الدول، ما يعني أنه على الرغم من الزيادة في عدد المصابين فإن الأعراض تبقى خفيفة، ولا تؤدي إلى الضغط على المستشفيات، أو ارتفاع عدد الوفيات. هذا هو السيناريو الأفضل بالنظر إلى أن الحكومات لا تحبذ العودة إلى إجراءات الإغلاق الصارمة لتداعياتها الاقتصادية، كما أن غالبية الناس لا يريدون العودة إلى القيود الواسعة التي قلبت حياتهم رأساً على عقب.
في هذه الحالة، وبفضل اللقاحات التي يجري تطويرها وتعديلها باستمرار، فإن التعايش مع الفيروس يبقى ممكناً؛ لكن الطريق لا يزال طويلاً ولن يكون سهلاً. وما دام هناك كثيرون يستشهدون بتعايش البشرية مع الإنفلونزا، فعلينا أن نتذكر أنه بعد 70 عاماً على تأسيس النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا، فإنها لا تزال تصنف على أنها مشكلة صحية خطيرة، إذ يصاب بها سنوياً نحو مليار إنسان حول العالم، يعاني منهم ما يقرب من 5 ملايين من مضاعفات خطيرة، يموت منهم 650 ألفاً كل عام.
التعايش مع أي وباء لا يعني التراخي، والوقاية تبقى دائماً أفضل من العلاج.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أحفاد كورونا» يقلقون العلماء «أحفاد كورونا» يقلقون العلماء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab