مواجهة الغرب من خلال الترجمة

مواجهة الغرب.. من خلال الترجمة!

مواجهة الغرب.. من خلال الترجمة!

 العرب اليوم -

مواجهة الغرب من خلال الترجمة

بقلم - رضوان السيد

آخر معارض الكتب التي حضرتها اثنان؛ معرض أبوظبي، ومعرض الرباط. وفي المعرضين تبرز الترجمة عن سائر اللغات، وبخاصةٍ عن الإنجليزية والفرنسية. والظاهرة إيجابية، لأنها تشتغل باتجاهين؛ الأول ترجمة الأصول التي لم تترجم من قبل في الفلسفة والأخلاق والتاريخ والاقتصاد والقانون.. والثاني المؤلفاتُ الصادرة حديثاً، وهي ذات شقين كبيرين، الأول كونها مفيدة في التدريس بالجامعات في مختلف التخصصات، والثاني كونها كتباً جديدة تَحمل على أميركا أو على الغرب عامة.

وقد لا تقل عدداً الرواياتُ المترجمةُ، ليس عن الفرنسية والإنجليزية فقط، بل وعن الإسبانية واليابانية أيضاً! إنّ ترجمة كتبِ إدانة الغرب أو القول بانهياره ليس ظاهرةً عربيةً، بل ظاهرة غربية، لأنّ أكثر كُتاّبها أميركيون وفرنسيون. وأنا هنا لا أتحدث عن الظاهرة التي استشرت بعد الحرب العالمية الثانية عبر مدرسة فرنكفورت وغيرها في نقد الحداثة وإدانة تشييء الإنسان، ثم صارت نقداً للعولمة وللشركات الكبرى، لتنتقل أخيراً إلى نقد الذكاء الاصطناعي، وتأثيره على إنسانية الإنسان وعقله وكرامته. ما نتحدث عنه هنا ليس له علاقة مباشرة بالقيادات الفكرية والفلسفية والإنسانوية النقدية التي عرفتها العقود الماضية، بل هي نزعة جارفة ظهرت في العقود الثلاثة الأخيرة، وبدأت بنعي السيطرة الأميركية على العالم أو العالم الأميركي، لتنتهي بإدانة الغرب كلّه، واستنتاج تصدعه وانهياره! أذكر أنّ الخيبة بأميركا، ومن جانب أميركيين وفرنسيين، بدأت في حرب فيتنام أواخر الستينيات، واقترنت بثورة الطلاب (عام 1968). وهؤلاء كانوا في الغالب من اليساريين الذين حملوا على «الإمبريالية الأميركية العدوانية». ثم ما لبثت هذه الحملة أن تضاءلت (باستثناء أعمال نعوم تشومسكي)، وبخاصةٍ بعد الصراع بين الاتحاد السوفييتي والصين، وعلاقات الصين بالولايات المتحدة. ونتحدث هنا عن أدبياتٍ تكاثرت عن «عالم ما بعد أميركا»، بدأت من اليمين، وليس من اليسار فقط في مثل كتاب فريد زكريا عام 2004.

وهذا النوع من الكتب ينقسم إلى قسمين؛ قسم يدرس أسباباً داخليةً، لتراجع سطوة الولايات المتحدة وقوتها الناعمة، مُستدلاً بميل الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية والفشل الاستراتيجي رغم الانتصار العسكري. أما القسم الآخر، فيذكر بروز الصين في الاقتصاد وفي النفوذ، خاصة في أفريقيا وآسيا وأوروبا. بيد أنّ تراجع القوة الناعمة أو الجاذبية يتغذى في نظر النقاد من الانقسام الداخلي بين الحزبين الكبيرين، ومن نمو التيارات الدينية الجديدة والمتطرفة، وأخيراً من الوعي الصيني بالبدائل.

فالمستنتجون لتراجع القوة والنفوذ متفقون على التفوق الصيني، لكنهم ليسوا متأكدين أن الصين مستعدة لخوض صراعٍ شامل مع الولايات المتحدة، إذ هي حتى الآن تميل للتهدئة في الاقتصاد! وتصل كتابات الانهيار، خلال السنوات الأخيرة، إلى بُعدٍ جديدٍ بالفعل، هو كثرة الكتابة عن انهيار الغرب بشكلٍ عامٍ ويقصدون بذلك بالدرجة الأولى أميركا وأوروبا. أما أسباب أو علل الانهيار فتتمثل، بالنسبة لهم، في ضعف أوروبا عسكرياً، وتراجعها الاقتصادي العام، وعدم وثوق العلائق مع أميركا، إضافةً إلى صعود تيارات اليمين التي تريد تصغير حجم الدولة، والاستغناء عن المهاجرين، وأحياناً العداء للاتحاد الأوروبي.

في كتابٍ صادرٍ قبل أشهر لإيمانيويل تود عنوانه «انهيار الغرب»، يبدو كل شيء رمادياً أو سوداوياً. ومثل تود عشرات غالبيتهم من الأميركيين والفرنسيين. وقد قيل دائماً: إن الفرنسيين يحقدون على الولايات المتحدة، بيد أنّ التيار الأخير يستظهر انحطاط الغرب كلّه. والفارق بين هذا التيار ونظرية شبنغلر في الانحطاط عشية الحرب العالمية الأولى أن الأمر عند شبنغلر حضاري، بينما هو لدى مفكري الانحطاط الحاليين سياسي واستراتيجي.

*أستاذ الدراسات الإسلامية -جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

arabstoday

GMT 05:18 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أمة الرواد والمشردين

GMT 05:16 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

GMT 05:15 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

المسلمون والإسلاميون في الغرب

GMT 05:13 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

في مدح الكرم

GMT 05:12 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

إنها أزمة مصطلحات!

GMT 05:10 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية»

GMT 04:33 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

لبنان بين حربي 2006 و2024

GMT 04:32 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

اطلبوا الوحدة و لو فى الصين !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواجهة الغرب من خلال الترجمة مواجهة الغرب من خلال الترجمة



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:29 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

قصف تركي عنيف علي محافظة أربيل العراقية

GMT 12:19 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

الحيل التي تتبعها أصالة لإبراز خصرها النحيل

GMT 11:58 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

جولة على أبرز أحياء العاصمة باريس

GMT 11:47 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

كارول سماحة بإطلالات راقية وجذّابة

GMT 11:32 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

أوكرانيا تعلن قصف مطار عسكري روسي في القرم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab