المتغيرات العاصفة التي صنعت الحداثة

المتغيرات العاصفة التي صنعت الحداثة

المتغيرات العاصفة التي صنعت الحداثة

 العرب اليوم -

المتغيرات العاصفة التي صنعت الحداثة

بقلم: رضوان السيد

ينشغل العالم اليوم بثورات وسائل الاتصال التي تغير العالم وطبيعة الإنسان، واستطراداً العلاقات الدولية. وفي كتابه الأخير عن عصر الثورات (بين السادس عشر والحادي والعشرين) يدرس أو يستعرض فريد زكريا، المفكر الأميركي من أصل هندي، المتغيرات الكبيرة التي أنتجت الحداثة التي ما عاد الإنسان سيداً فيها أو أنّ الوقائع ذاتها هي التي تحدد للإنسان ما يفكر فيه أو يقرر، حتى إذا ما أهمل أو تقاعس توالت الأحداث عليه وعلى غيره. وهو عندما يفعل لا يعرف بالتأكيد ما إذا كانت الآثار ناجمةً عن فعله هو بالذات.

يعتبر زكريا أنّ هولندا في القرن السابع عشر، والثورة الفرنسية في أواخر الثامن عشر، هما اللتان أنتجتا بشكلٍ مباشر وغير مباشر الأزمنة الحديثة. فهولندا الصغيرة اقترنت في تطورها المتسارع ثلاث ظواهر: الإدارة الداخلية غير البيروقراطية، وأفكار جديدة بشأن التجارة البحرية، وقرن التجارة بالقوة مما خلق تقاليد جديدة سرعان ما سارت فيها سائر القوى الأوروبية.

أما الثورة الفرنسية فشرعنت للعنف الداخلي المدمر الذي لا تعلّله الصراعات على السلطة السياسية وحدها، وبقيت آثاره حتى القرن العشرين. أما الثورة الثالثة ولا شك فهي الثورة الصناعية في إنجلترا والولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، وهي التي غيّرت الدواخل في العمل والإنتاج، وأطلقت موجة استعمار العالم التي غيّرت العلاقات الدولية تغييرات هائلة. لقد بدت تطورات وترتيبات القوانين والأعراف الدولية ناجمةً عن ضرورات تنظيم العلاقات بين دول الاستعمار لكي تقلّ الحروب، ثم اتخذت تلك التطورات طابعاً إنسانياً فيما بعد.

لقد كان يمكن الحديث عن الحربين العالميتين باعتبارهما ضمن مؤثرات الحداثة وتطوراتها. بيد أن فريد زكريا يرى أن تطورات القرن التاسع عشر لجهة الثورة الصناعية ولجهة استعمار العالم وصنع نظام العيش فيه، هي المتغير الأكبر في تلك الحقبة. لذا فإنّ الثورة الحقيقية هي ما يجري في العقود الأربعة الأخيرة حيث تنقض متغيرات وسائل الاتصال والعقول الإلكترونية وكل التقنيات التي تتوالى من دون انقطاع، كل الاستقرار الذي جرى اصطناعه في القرن العشرين: لجهة نظام العيش، ولجهة العلاقات الدولية، وصولاً إلى التغيير في طبيعة الإنسان أو اكتشاف أبعاد جديدة لتلك الطبيعة تبدو بمثابة نقضٍ لها. من أين تأتي التطورات السلبية الكبيرة في العلاقات الدولية، قبل الحديث عن الثورات في عوالم الطبيعة الإنسانية؟ في الأصل هو الصراع على الموارد والمجالات الاستراتيجية.

إنما الفرق أنّ المرجعية لمعالجة آثار هذا التنافس اختلّت بحيث ما عاد أحد من القوى الكبرى والوسطى وحتى الصغرى راضياً بالانخراط في آلياتها. فالأميركيون وأنصارهم يعتبرون النظام السائد مثالياً رغم كثرة خروجهم عليه، أما الطرف الآخر فيعتبر النظام ظالماً ثم صار فاسداً أيضاً!

ويبقى الطرف الثالث في دول الجنوب الذي يزداد اضطرابه تحت وقع التنافس بين الدول الكبرى والذي يتجلى في حروب مباشرة وأخرى بالواسطة. هل تتزامن أو تقترن التطورات؟ يساور المؤلّف زكريا قلق شديد في المجالين، مجال ثورات الاتصال، ومجال اضطراب العلاقات الدولية. إنه وغيره هم مفكرو «ما بعد عالم أميركا»! وهم يتصورونه عالماً شديد الاضطراب، وهو ينال أول ما ينال من الاستقرار النسبي لعالم الجنوب. وكل الأميركيين وبعض الأوروبيين مرعوبون تارةً لتراجع السطوة الأميركية، وطوراً لأن الآسيويين صاعدون من دون توقف بعد أن أتقنوا العلوم الغربية وراحوا يطالبون بنصيبٍ أكبر في صنع سياسات العالم ومصائره.

نقلاً عن "الاتحاد"

 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتغيرات العاصفة التي صنعت الحداثة المتغيرات العاصفة التي صنعت الحداثة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab