بقلم : محمد أمين
القرار الذي أصدره النائب العام بشأن فتاة العياط قرار يستحق التقدير، لأن الفتاة كانت في حالة دفاع شرعى عن الشرف، وبالتالى فلم يجد النائب العام وجهًا لإقامة الدعوى.. وعادت «أميرة» إلى الحرية بعد فترة حبس امتدت عدة أشهر.. وأعتقد أنها فعلت ما كان يمكن أن تفعله أي فتاة في مكانها.. فلا قيمة للحياة بلا شرف.. ولا عقوبة لأى إنسان «يدافع» عن شرفه!
وأتفق مع ما ذهب إليه بعض نواب البرلمان، في الإشادة بقرار النائب العام.. لأنه يحترم المرأة ويحميها.. وربما تكون هذه الواقعة نقطة فاصلة لمنع تكرار هذه الحوادث.. الأهم أن هذه الفتاة في حاجة إلى رعاية نفسية من مجالس الطفولة والأمومة والمرأة.. فقد تعبت الفتاة كما قال والدها.. وبالتالى فإن الأسرة قبل أي جهة ينبغى أن تقوم بواجبها في رعاية «أميرة»!
وأتصور أن قرار النائب العام غير مسبوق، ولذلك فقد لقى ترحيبًا كبيرًا.. وكأنه يقتص من الذئاب البشرية، التي تهدد السلم والأمن الاجتماعى.. ويؤكد في الوقت نفسه أن المجتمع هو الذي يقتص من الجناة.. نعم هذه قصص تثير الرعب في النفوس، وتهدد الأمن الاجتماعى.. وقد كنا ننتظر لنعرف كيف يتم التصرف فيها.. وبالفعل تصدى لها «محامى الشعب» نفسه!
فحين تعود بالذاكرة، لتقرأ تفاصيل القصة، فسوف تعرف أن الفتاة لم تكن تخطط لأى شىء.. ثانيًا أنها وُضعت في لحظة فاصلة، إما شرفها وإما رأس هذا الذئب.. فقد اصطحبها إلى مكان صحراوى، وغافلها وراودها عن نفسها.. ولم يكن أمامها إلا أن تحتال للخلاص منه.. فهى في كل الأحوال مجنى عليها.. وقيل إنها هي التي بلغت الطريق، وأبلغت الشرطة، ولم تهرب!
المهم أن معاينة النيابة تطابقت مع تحريات المباحث، وأقوال الفتاة وكاميرات المراقبة.. فلم تُنكر أنها طعنته، ولم تنكر أنها قتلته، ولكن ماذا تفعل فتاة مسكينة، عندما يحاول ذئب بشرى اغتصابها؟.. كل الإجراءات التي حدثت من النيابة والمباحث أثبتت صحة أقوال المجنى عليها، دفاعًا عن شرفها.. وهو الأمر الذي أثبتته السجلات الخاصة بالخطوط الهاتفية للجميع!
فالقصد الجنائى في واقعة فتاة العياط غير متوفر إطلاقًا.. كما أنها لم تخطط لقتله، وليس هناك إصرار أو ترصد.. لكنها «وُضعت في مأزق»، لا تعرف كيف تتصرف فيه، ولا تملك القدرة لتدفعه عنها، وهو يهددها بسكين، فضلًا عن أنه رجل، وهى فتاة صغيرة.. لكل هذه الأسباب صدر قرار النائب العام بشجاعة.. وانعقد الأمر وأصدر القرار بألا وجه لإقامة الدعوى!
وفى النهاية، نحن أمام تطور نوعى كبير في تحقيق العدالة.. وهو تطبيق «روح القانون».. وهى بالمناسبة ليست فتاة من علية القوم، ولكنها فتاة بسيطة.. لكل ذلك هذه تحية تقدير وامتنان مرة أخرى لمعالى النائب العام حمادة الصاوى، فقد أكد أن النيابة هي الأمينة على الدعوى العمومية!