الناخب البريطاني صوَّت بقلبه لا عقله

الناخب البريطاني صوَّت بقلبه لا عقله

الناخب البريطاني صوَّت بقلبه لا عقله

 العرب اليوم -

الناخب البريطاني صوَّت بقلبه لا عقله

بقلم: عادل درويش

السباق الانتخابي البريطاني بدأ بالأمطار قبل ستة أسابيع، وانتهى بها في داوننغ ستريت الخميس، بعد أن صوت الناخبون بقلوبهم قبل عقولهم، وقرابة نصفهم أداروا ظهورهم للمؤسسات الحاكمة؛ فنسبة التصويت دون 60 في المائة هي الأدنى في 140 عاماً.

«قلب» الناخب غاضب من المحافظين لإخفاقهم في معالجة أولوياته: الحد من الهجرة (الشرعية وغير الشرعية)، تخفيض الضرائب وتكلفة التحول إلى الطاقة الخضراء، فحرمهم من الأصوات (إجمالي الصوت الانتخابي للمحافظين 24 في المائة، مقارنة بـ43.3 في المائة في انتخابات 2019)، ليشكل العمال (412 مقعداً) حكومة يعرف «العقل» أنها ستفتح أبواب الهجرة، وترفع الضرائب، خاصة البيئية، ويهرب المستثمرون والأثرياء إلى خارج البلاد. فالشعب لم يصوّت لبرنامج العمال (غير المعلوم تفاصيله) إذ بلغ نصيبهم من إجمالي الأصوات الثلث (34 في المائة)، وإنما عقاباً للمحافظين. ما ساعد العمال أيضاً هو انقسام الأصوات المحافظة مع حزب الإصلاح اليميني بزعامة السياسي الديماغوغي (الشعبوي) نايجل فاراج، الذي فاز بخمسة مقاعد، أي أن العمال يشكلون حكومة لم يصوت لها ثلثا الناخبين.

أما المعارضة فقوس قزح من أقصى اليمين (الإصلاح) إلى اليسار المتطرف من الخضر (4 مقاعد) والمستقلين (4) أشهرهم جيريمي كوربين زعيم العمال السابق الذي خاض الانتخابات مستقلاً ليفوز في دائرته اللندنية.

تأسس حزب العمال عام 1900 وظهرت قوته في انتخابات 1922 ولمائة عام كان إما المعارضة الرسمية وإما الحكومة، لمرات مجموعها 30 عاماً فقط.

أسس العمال أول حكومة (أقلية) في 1924. حيث فازوا بـ151 مقعداً (من إجمالي 615 في البرلمان وقتها) فتحالفوا مع الليبراليين (118 مقعداً) ليصبح رامزي ماكدونالد (1866 - 1937) أول رئيس عمالي في تاريخ بريطانيا.

أربع مرات فقط في مائة عام كون العمال حكومة أغلبية بلا حاجة للتحالف. ولم يفز العمال بانتصار ساحق إلا مرتين، الأولى بزعامة كليمنت أتلي (1883 - 1967) في 1945 عندما فازوا بنسبة 49.7 في المائة من جملة الأصوات منحتهم 239 مقعداً إضافياً فبلغ نصيبهم 393 مقعداً من جملة 640 (وخسر المحافظون 189).

الثانية عندما فازوا 1997 بزعامة توني بلير، بـ43.2 في المائة من إجمالي الأصوات منحتهم 146 مقعداً إضافياً، لتصل مقاعدهم البرلمانية أكثرها عدداً حتى اليوم (418 من جملة 650 مقعداً).

بلير وقتها كان لديه مشروع متكامل ومانيفستو انتخابي مفصل واقتصاديات محسوبة، وكان هناك شعور عام بالتفاؤل وتطلع لإشراقة عهد جديد بين أغلبية الناخبين الذين صوتوا إيجابياً، على برنامج نشره العمال، ورفض برنامجاً للمحافظين وأداء حكومتهم وقتها بزعامة جون ميجور (1990 - 1997).

الناخب عادة يلوم الحكومة، على تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع سعر الفائدة وتدهور الخدمات وارتفاع أعداد المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين. لكن بجانب سوء الأوضاع فإنه تاريخياً يلجأ الناخب البريطاني لتغيير الحكومة بعد ثلاثة برلمانات في المتوسط. وظل المحافظون في الحكم لـ14 عاماً فحتى حكومات الزعماء الذين تمتعوا بشعبية ضخمة وتحسنت الأوضاع الاقتصادية أو أدخلوا إصلاحات كبيرة أو انتصروا في حروب خارجية، يرغب الناخب في تغييرهم. حكومة العمال بزعامة بلير ثم غوردون براون استمرت 13 عاماً (1997 - 2010)، حكومة المحافظين بزعامة مارغريت ثاتشر (1925 - 2013) لم تكمل عشرة أعوام (1990 - 1997) وبزعامة جون ميجور ستة أعوام ونصف حتى 1997. عندما جاء بلير ببرنامج جديد أقنع الكثير من ناخبي المحافظين ورجال الأعمال والاستثمارات القومية والعالمية بأن السوق ستكون أفضل بإشراف حكومته العمالية. حكومته منحت الاستقلالية لبنك إنجلترا المركزي، وأثناء حملته الانتخابية تحولت الصحف المؤثرة كمجموعة صحف روبورت ميردوخ (وقتها كانت توزع فيما بينها قرابة 14 مليون نسخة) لدعمه.

بلير كزعيم للمعارضة بلغت شعبيته الإيجابية 22 في المائة، (مقياس مقارن لزعماء المعارضة قبل فوزهم بأسبوع برئاسة الحكومة)؛ شعبية ديفيد كاميرون ـ زعيم المحافظين من 2010 إلى 2016 الإيجابية كانت 3 في المائة، وثاتشر 11 في المائة إيجابية. أما شعبية ستارمر فكانت سلبية بناقص 19 في المائة.

ستارمر، رئيس الحكومة البريطانية الـ58 فاز فقط بـ9.7 مليون صوت (اليساري كوربين فاز بـ10.4 مليون صوت عندما خسر العمال في 2019)؛ وباستثناء انحسار مطلب استقلال أسكوتلندا بخسارة الحزب الوطني الأسكوتلندي الأغلبية للعمال، فإن التحديات التي أجهزت على حكومة سوناك سيجدها ستارمر فوق مكتبه.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناخب البريطاني صوَّت بقلبه لا عقله الناخب البريطاني صوَّت بقلبه لا عقله



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab