أمير الرياض يكرر تحدث حتى أراك

أمير الرياض يكرر: تحدث حتى أراك

أمير الرياض يكرر: تحدث حتى أراك

 العرب اليوم -

أمير الرياض يكرر تحدث حتى أراك

أمل عبد العزيز الهزاني
بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

مدينة الرياض أكبر مدن المملكة، يعيش فيها نحو ستة ملايين نسمة، وهي العاصمة الإدارية لمنطقة الرياض التي تضم 22 محافظة بإجمالي يصل إلى 8 ملايين نسمة. منطقة كهذه، تحتاج على رأسها إلى حاكم ديناميكي، كثير الحركة والتجول في منطقة تمثل ربع مساحة المملكة. ومدينة الرياض، منذ توحدت المملكة تحت اسم المملكة العربية السعودية، لها خاصية تختلف عن بقية المدن، في كونها العاصمة والمركز الإداري لدولة ثقيلة الوزن، والعواصم واجهة البلدان. ولأن المملكة تعيش فترة تحولات هائلة اقتصادياً وتنموياً، فهذا يعني أن مواكبة التغيرات وتنفيذها أمر لا خيار فيه، طالما أصبح التطور والتحول خطة استراتيجية للدولة. ويمكن لزائر الرياض ملاحظة أن المدينة أشبه بورشة عمل؛ في مشاريع الطرق والنقل ومراكز الأعمال والترفيه.

مثل هذه المدينة تحتاج إلى مسؤول يحيط بكل مجريات المدينة والمحافظات التابعة لها، لكنه لا يرجم بالغيب وليس مأموراً بذلك؛ هو مثل كل إنسان، يعمل وفق معطيات ويفصل بين القضايا ويدير من هم تحت رعايته بعد اطلاعه وفهمه لما يدور حوله.

أمير الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز تجده حاضراً في كل مناسبات منطقة الرياض المتعلقة بمشاريع الخدمات كالتعليم والصحة والطرق، وأيضاً المناسبات المتعلقة بالمشروعات الثقافية، هذا واجب كل مسؤول، فهو مؤتمن والأمانة ليست خفيفة. لكن ميزة الأمير فيصل التي تابعناها في أكثر من حدث، أنه رغم ما يتسم به من وقار، وهدوء، ونبرة صوته المنخفضة، فإنه لا يعرف المجاملة أو محسنات الكلام حينما يأتي الأمر عند شبهات فساد أو إهمال أو سوء خدمة. كان له زيارة العام الماضي إلى جامعة الملك سعود لافتتاح كلية التمريض، ولأن حضور أمير المنطقة يرافقه موكب من السيارات، حجبت إدارة الجامعة مساحة مواقف السيارات عن الطلاب مما اضطرهم للمشي مسافات طويلة للوصول إلى كلياتهم. هذا ما غرد به طالب في موقع التواصل «تويتر» في صباح ذلك اليوم. خلال الحفل لم يكن مجدولاً أن يلقي الأمير كلمة، لكنه طلب الميكروفون، ليقدم اعتذاره للطالب وزملائه لأنه كان سبباً في انزعاجهم وحرمانهم من حقهم للوصول بسهولة إلى مقر دراستهم، ووجه المنظمين أن يضعوا في اعتبارهم حقوق الطلبة قبل أي شيء آخر.

بعدها بأسبوع توجه أمير منطقة الرياض إلى محافظة الخرج (90 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة الرياض) ليفتتح مشاريع خدمية، من ضمنها افتتاح مبنى البلدية الجديد، وعندما دخل المقر استقبله المسؤولون، ولكنه لاحظ أن معظم المكاتب خالية من الموظفين، وكان المنظمون صرفوا الموظفين اعتقاداً منهم أن هذا أفضل ليتجول الأمير بسعة في المكان. الأمير فيصل تجاهل كل شيء وواجه بغضب المسؤولين بأن غياب الموظفين غير مقبول، لأني هنا لأسمعهم، ليتحدثوا حتى أراهم وأفهم مشكلاتهم، وخرج مستاءً.

وقبل شهر من الآن، توجه الأمير فيصل إلى محافظة المزاحمية (40 كيلومتراً غرب مدينة الرياض) لتدشين مشروع للطرق، وخلال استماعه لشروحات حول المشروع وأنه يتكون من أربع مراحل تم إنجاز ثلاثٍ منها، رفض أن يدشنه، وقال صريحاً لن أدشنه إلا مكتملاً، وإن اكتمل سآتي مرة أخرى وأفتتحه وسأسير معكم إليه وأرى بنفسي، وعاد إلى الرياض. وخلال الأسبوع الماضي، قام بزيارة مفاجئة إلى مستشفى محافظة عفيف (500 كيلومتر غرب الرياض) وكان قد وصلت إليه شكاوى من مواطنين من سكان المدينة، فلم يعجبه ما رآه من تقصير واضح في الخدمة في جوانب أساسية يفترض أنها الحد الأدنى من تجهيز أي مستشفى. وقف ووبخ المسؤول وطالبه بتحسين الوضع من دون أعذار وأنه سيتابع التصحيح.

الأكيد أن أمراء المناطق والوزراء في القطاعات الخدمية يتفاوتون في طريقة إدارتهم، إنما في النهاية يفترض أنهم يستهدفون خدمة الناس، لكن ميزة أمير الرياض وخروج مثل هذه المواقف إلى العلن، أنها تعطي دروساً للآخرين، وتشجع الناس على تقديم شكواهم في حالة الإهمال أو التقصير. والعبرة فعلاً ليست في حفلات التدشين وزخرفة المكان وعدد الحضور والضيافة، بل في الفائدة التي ستعود على المواطن والمقيم. ليست كل المشاريع التي تم اعتماد ميزانيتها أنجزت، وهذا مؤشر لحصول فساد، لذلك حسمت القيادة السياسية الأمر بتشكيل لجنة مراجعة للمشاريع المعطلة والتحقيق في أسباب توقفها.

المدن الكبرى تضخمت بسبب الهجرة الداخلية من المحافظات والمدن الصغيرة لأسباب منها مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وشح فرص العمل. مدينة الرياض وحدها تصدرت معدل الهجرة بنحو 17 في المائة، وهذا رقم كبير يفسر الكثافة السكانية الكبيرة، ويوجب الدراسة ورصد المسببات وعلاجها.

في الولايات المتحدة بمساحتها الشاسعة، تنبهت الحكومة الفيدرالية وحكام الولايات إلى أهمية أن تكون كل ولاية متميزة في مجال جاذب حتى لا تكون طاردة، لذلك عُرفت مدن فيها بالجامعات المرموقة، وأخرى بالمستشفيات الكبرى ذات الصيت الدولي، وغيرها بزراعة محاصيل أساسية كالبطاطا والذرة والطماطم كما في ولايات الشمال الأوسط، وبصناعة السيارات في ديترويت - ميشيغان، والطائرات في سياتل في ولاية واشنطن. حتى مدينة في وسط صحراء قاحلة لا تمتاز بمناخ ولا تضاريس ولا أنشطة مثل لاس فيغاس أصبحت جاذبة بسبب محال وأماكن القمار. المهم ألا تهمش أي ولاية من تقديم خدمة إلى طيف من المواطنين والمقيمين.

الأمير فيصل بن بندر قدم دروساً مهمة لأمراء المناطق خاصة من الشباب، ملخص خبرته في التعامل مع الناس، وحجم المسؤولية الكبرى على عاتقه جعل منه مسؤولاً شجاعاً، لا يتوانى في الرفض العلني والتوبيخ لأي جهة يظهر منها تقصير أو تمرير لأنصاف مشاريع. السعودية بلد شاسع لكن لكل منطقة مميزاتها التي يمكن استثمارها ونقل الاستثمارات إليها لتكون محطة جذب. انظروا إلى مدينة العلا، التي كانت مهجورة لا يسمع فيها إلا صرير الرياح، خلال عامين أصبح اسمها عالمياً بفضل قرار صحيح أحيا أرضها بعد موت طويل.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمير الرياض يكرر تحدث حتى أراك أمير الرياض يكرر تحدث حتى أراك



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن
 العرب اليوم - ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن

GMT 14:49 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
 العرب اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 06:33 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ثلاث دوائر

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

منة شلبي توجّه رسالة شكر لجمهور السعودية بعد نجاح مسرحيتها

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 23:47 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا يعين الأميركية جيل إليس رئيس تنفيذى لكرة القدم

GMT 01:25 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاة 143 شخصًا بمرض غامض في الكونغو خلال أسبوعين

GMT 10:21 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"أرامكو" السعودية توقع اتفاقية مع شركتين لاستخلاص الكربون

GMT 17:28 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وحدات الجيش السوري تسقط عشرات الطائرات المسيرة في ريف حماة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab