بقلم - عبد المنعم سعيد
لم يكن الرئيس السادات يريد حرب أكتوبر لذاتها، وإنما ارتبط استخدام السلاح بتحقيق الوضع الأمثل لتحقيق الانسحاب من أراضى مصر، وتحقيق عدد من المصالح المصرية «الاستراتيجية». المدرسة الاستراتيجية الساداتية قامت على استخدام وسائل وتكتيكات تراوحت ما بين استخدام السلاح والمخابرات والإعلام، وتقديم التنازلات فى الشكل بينما الصلابة فى الموضوع، والقيام بمبادرات، والقول بأقوال، لم يكن أحد يتصور أنه يمكن لرئيس مصرى قولها. فعندما طلب من كيسنجر أن يقوم بالتفاوض نيابة عنه خلال مفاوضات فك الاشتباك الأول كان يحقق مفاجأة لوزير الخارجية الأمريكى لم يكن يعرف كيف يتصرف معها، أو عندما طلب من «بريجنسكى» مستشار الأمن القومى فى عهد كارتر أن تدخل مصر إلى حلف الأطلنطى كان يخلق جسرا مع الولايات المتحدة أكبر مما تتصور، عندما قال عبارته بأن الولايات المتحدة لديها ٩٩٪ من أوراق اللعبة؛ كان فى ذلك يعرف أن القرار سوف يكون دوما بيده، وبيد العرب إذا أرادوا. لم يكن بالرجل الذى يستخدم كلمات حماسية أو موجهة للرأى العام المصرى والعربى، وإنما كان يوجه الكلمات للأعداء والخصوم لزلزلة مواقفهم الأخلاقية، ونزع السم عن خصومتهم وعدوانيتهم وهو الذى يعرف تماما قدرات مصر والتى ينبغى استخدامها بحساب فى ظل استراتيجية منتصرة تحقق الأهداف القومية.
كان الرئيس السادات أول زعيم عربى قادر على قسمة الشعب الإسرائيلى، خالقا معسكرا للسلام كان له يد فى الانسحاب من الأراضى المصرية المحتلة، وفيما بعد فى الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى اللبنانية، وقسمة الحكومة الإسرائيلية بين من يرفضون مطالبه ومن يقبلونها، وفى كامب ديفيد لعب وزراء إسرائيليون مثل وايزمان وديان وحتى شارون أدوارا فى إجبار مناحيم بيجين على القبول بالانسحاب من الأراضى المصرية حتى الحدود الدولية، وإزالة المستوطنات من سيناء. خلق السادات فى مجال العلاقات الدولية ما يمكن تسميته باللحظة الساداتية لها صفاتها وخصائصها وأهمها أن العالم يصبح بعدها ليس كما كان قبلها.