بقلم - عبد المنعم سعيد
الأزمة هى حالة استثنائية فى الحياة البشرية، أحيانا فيها الكثير من المفاجأة، وبينما تخص بقاء الإنسان أو بعضا مما يعز عليه، فإنها بالنسبة للدول تتضمن استخدامات للقوة العسكرية التى تتضمن التهديد، والإيذاء، والعنف. حرب غزة الخامسة مواجهة عسكرية مباشرة تقف على أكتاف أربع حروب، تعددت خلالها المقارنات بين قلة من الوفيات الإسرائيلية وغلبة من الضحايا الفلسطينيين. الفارق أكبر فى مستوى التدمير والعنف، وهذه المرة تبدو المواجهة أكثر شراسة، وتبدو غزة تماثل ما حدث لدريسدن الألمانية فى أثناء الحرب العالمية الثانية، وفى صور لا تختلف كثيرا عما كانت عليه هيروشيما بعد إلقاء القنبلة الذرية الأولى. ما كان حربا شكل لبقية دول العالم أزمة وحالة استثنائية ومفاجئة، فى الإقليم خلقت حالة من السخونة كافية لاضطراب خطط التنمية القائمة، وتحول تناقضات قائمة إلى لحظة الانفجار مما كانت عليه عندما كانت موضوعا للمعالجة. وفى العالم، فإنها تخلق حالة سريعة من إعادة التموضع وإعادة ترتيب أولويات المصالح. وتبعا لمعنى الأزمة باللغة الصينية، فإن فيها دائما «مخاطرة» و «فرصة».
قبل مفاجأة السابع من أكتوبر كان هناك نوعان من التفاؤل أولهما أن المباحثات السعودية الإسرائيلية الأمريكية كانت مبشرة ليس فقط بالتوافق بين مصالح أطرافها، وإنما مضافا لها بعض من التقدم فى القضية الفلسطينية. وثانيهما أن مفاجأة السادس من أكتوبر قبل خمسين عاما كانت جزءا من إستراتيجية متكاملة لتحرير كامل التراب المصري من الاحتلال الإسرائيلي. المفاجأة الجديدة لم تسفر أبدا عن إستراتيجيتها، أى أهدافها المباشرة فى مدى تحقيق قيام الدولة الفلسطينية المستقلة أو زوال دولة إسرائيل، ولا كانت الأهداف غير المباشرة معروفة، وعما إذا كانت السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية مندرجة فى الحرب أم أنها حرب «حماس» وحلفائها في الداخل والخارج؟. ما نعرفه أن الأزمة باتت أمرا عالميا، يحشد فيها العالم قواه حول فلسطين، بينما العالم العربي يطالب بإنقاذ الشعب الفلسطينى من الكارثة الإنسانية!.