بقلم - عبد المنعم سعيد
وراء الجدل الجارى فى مصر هذه الأيام وبما زاد عليه من الحملات الانتخابية للرئاسة من حماس وسخونة؛ فإن السؤال الذى وراء كل الكلام هو أنه مع الضجيج والصخب الممتد من التواصل الاجتماعى إلى قنوات اليوتيوب فإن لا أحد يقترب من إجابة السؤال: ماذا نريد لمصر؟ وما الرؤية التى تحدد على أساسها الإستراتيجية القومية للوصول إلى أهداف يراها أصحابها متاحة وممكنة؟ النقد للمشروع الوطنى المصرى الحالى هو أنه ذهب بعيدا فى واقع عمران مصر، وعندما أقام العمران فإنه أقامه على قواعد مكلفة وفاخرة وتقوم على إدارة الثروة المصرية والتوسع فيها، وأنه كان من الممكن البدء بطريقة مختلفة على قدر ما هو متاح من موارد يعرف الجميع أنها محدودة.
الأولوية هنا هو توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وباختصار إدارة الفقر حيث العمل لحساب ٣٠٪ من المصريين الفقراء. وجهة النظر هذه سادت فى مصر فى مراحل من تاريخها، وبعد التوسع الكبير الذى جرى فى عهد محمد على وابنه إبراهيم؛ فإن الوالى عباس الأول لم ير فى هذا التوسع فائدة، وعلى العكس فإنها تبعد المصريين عن الدنيا والدين. تكرر الأمر بعد التوسعات الكبرى التى حدثت فى عهد الخديو إسماعيل، حيث جرى الانكماش فى عهد توفيق. الفترة الناصرية كانت رد فعل الفترة التى تلت الحرب العالمية الأولى وثورة ١٩١٩ وجعلت من مصر دولة أكثر حداثة ومعاصرة من كل الدول الإقليمية. المرحلة الناصرية استمرت على حالها رغم المقاطعة المؤقتة لها من خلال سياسة الانفتاح الاقتصادى التى حاولها الرئيس السادات ولم ينجح الرئيس مبارك فى الخروج منها. الآن وبعد فترة من النمو المتواصل بما فيه زيادة السكان بمقدار ٢٠ مليونا، فإن بعضا منا يريد النكوص مرة أخرى لما كان معتادا. ستة ملايين مصرى ساهموا فى تقدم مصر خلال السنوات العشر الماضية والآن جاء وقت الاختيار بين إدارة الثروة أو إدارة الفقر؟!.