بقلم - عبد المنعم سعيد
للأسف فإن الحروب لا تعرف قيمة رأس السنة الذى تعود العالم على الاحتفال بها على أمل أن يكون العام الجديد أكثر سعادة. ولكن «طبول الحرب» لا تعرف الصمت استنادا إلى لحظة زمنية بعينها. مرت ستة سنوات خلال الحرب العالمية الثانية، وها هى الحرب الروسية الأوكرانية تدخل عامها الثاني. «نغمات السلام» لا تأتى من تراتيل الانتقال من عام إلى آخر، وإنما عندما يدرك البشر أن هناك من الآلام ما يكفى لاستنزاف الدموع فى العيون. الطبول التى دقت مع حرب غزة الخامسة وما بعدها لن تخفت ما لم نبدأ نغمات أخرى ربما كان أولاها أن حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية بات نغمة عالمية. المعضلة هى كيف تتحول إلى إستراتيجية ينتظر الجميع أن تبدأها الولايات المتحدة التى كانت رغم تحيزها لإسرائيل هى الجسر الذى ينتقل من الحرب إلى وقف إطلاق النار إلى الانسحاب إلى إطار للتسوية. ورغم كل التحيزات المتعصبة لإسرائيل فإنها كانت ضرورية لجلاء القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية فى حرب ١٩٥٦؛ وكذلك كانت الجسر الذى انتقلت به حرب أكتوبر ١٩٧٣ إلى سلسلة من الانسحابات التى انتهت إلى الجلاء من الأراضى المصرية؛ وفيما بعد الأردنية.
الدول الكبرى والعظمى الأخرى كانت لها أدوار مساندة للسلام وتعاونت موسكو مع واشنطن فى مؤتمر مدريد. ولكن السلام لا يأتى دونما أياد إقليمية تعرف أولا كيف تكون العلاقة دقيقة بين السلاح والدبلوماسية كما فعل الرئيس عبد الناصر بحرب الاستنزاف وقبول مبادرة روجرز، والرئيس السادات بمبادرة فتح قناة السويس وحرب أكتوبر وزيارة إسرائيل. وثانيا أن تقبل الأطراف أن الشعوب توجد لأنه لها حق فى الوجود والازدهار والتقدم؛ وللأسف لم يحدث ذلك فى أوروبا إلا بعد الحرب العالمية الثانية، وفى آسيا لم يتجل ذلك إلا بعد انتهاء الحرب الفيتنامية. وثالثا أن البطولة لا تحدث إلا فى ساحة حماية الإنسان من المرض وإعطائه الفرصة لكى يصح ويرتفع ويرتقي.